أسعار الفائدة في مصر.. ماذا سيحدث في اجتماع البنك المركزي غدًا؟

تستعد لجنة السياسة النقدية بـ البنك المركزي المصري لعقد اجتماعها الخامس لعام 2025 غدًا الخميس 28 أغسطس، لتحديد مصير أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض.
يأتي هذا الاجتماع في توقيت بالغ الحساسية، حيث يواجه الاقتصاد المصري تحديات معقدة تتشابك فيها عوامل التضخم، استقرار سعر الصرف، والتوترات الجيوسياسية المحيطة.
ويترقب المستثمرون والمواطنون على حد سواء قرار البنك المركزي، الذي قد يلقي بظلاله على الأسواق المالية، أسعار السلع، والقرارات الاستثمارية خلال الفترة المقبلة، وهو ما سنستعرضه في هذا التقرير، من سمارت فاينانس.
بين التضخم واستقرار العملة
ويأتي اجتماع البنك المركزي وسط مؤشرات اقتصادية متباينة، ووفقًا لأحدث البيانات، شهد معدل التضخم السنوي في مصر تراجعًا ملحوظًا في يوليو 2025، حيث سجل 13.9% مقارنة بـ14.9% في يونيو، مدعومًا باستقرار نسبي في سعر صرف الجنيه المصري وتحسن تدفقات العملة الأجنبية.
وهذا التراجع يعكس جهود البنك المركزي في احتواء الضغوط التضخمية التي كانت قد بلغت ذروتها في وقت سابق، ومع ذلك، فإن ارتفاع أسعار المواد البترولية والكهرباء، إلى جانب التوترات الجيوسياسية في المنطقة، يثير مخاوف من احتمال عودة التضخم إلى مسار تصاعدي.
وفي اجتماعه السابق في 22 مايو 2025، قرر البنك المركزي خفض أسعار الفائدة الأساسية بواقع 100 نقطة أساس، ليصل سعر عائد الإيداع لليلة واحدة إلى 24%، وسعر الإقراض إلى 25%، وسعر العملية الرئيسية إلى 24.5%.
كما تم خفض سعر الائتمان والخصم إلى 24.5%، وهذا القرار جاء في إطار سياسة نقدية مرنة تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي مع الحفاظ على استقرار الأسعار.
انقسام بين التثبيت والتخفيض
وتشير التوقعات إلى تباين واضح في آراء الخبراء بشأن قرار البنك المركزي غدًا، ووفقًا لاستطلاع أجرته وكالة رويترز، يتوقع عدد من المحللين أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، ليصل سعر الإيداع إلى 23% وسعر الإقراض إلى 24%، وهو ما يتوافق مع استطلاع آخر أجراه بانكير مع عدد من الخبراء.
وهذا التوقع يستند إلى تراجع معدلات التضخم واستقرار سعر الصرف، مما يمنح البنك مساحة لتخفيف السياسة النقدية لدعم القطاع الخاص وزيادة النمو الاقتصادي.
وفي المقابل، يرى فريق آخر من الخبراء، بما في ذلك إدارة البحوث المالية بشركة إتش سي للأوراق المالية، أن البنك المركزي قد يفضل تثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية.

وهذا الاتجاه يدعمه استمرار التوترات الجيوسياسية في المنطقة، التي قد تؤثر على تدفقات العملة الأجنبية من السياحة والطاقة، إلى جانب الزيادات المرتقبة في أسعار الطاقة التي قد تدفع التضخم للارتفاع مجددًا.
العوامل المؤثرة على القرار
ويعتمد قرار البنك المركزي على عدة عوامل رئيسية، أولًا استقرار سعر الصرف يعد مؤشرًا إيجابيًا، حيث أسهم تحسن تدفقات العملة الأجنبية، بما في ذلك تحويلات المصريين بالخارج التي بلغت 36.5 مليار دولار في السنة المالية 2024/2025، في تعزيز الاحتياطيات الدولية إلى 49.036 مليار دولار بنهاية يوليو 2025.
وثانيًا، تراجع مخاطر الديون المصرية إلى أدنى مستوياتها منذ نوفمبر 2021، حيث سجلت شهادات مبادلة المخاطر 4.38%، يعكس تحسن الثقة في الاقتصاد المصري.
ومع ذلك، تظل التحديات قائمة، فالتوترات الجيوسياسية، خاصة في الشرق الأوسط، قد تؤثر على قطاعات حيوية مثل السياحة وصادرات الطاقة.
كما أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية، مثل الخبز والخضروات، قد يعيد التضخم إلى الواجهة، مما يدفع البنك المركزي إلى اتخاذ موقف حذر.
تأثير القرار على الأسواق والمواطنين
وسيكون لقرار البنك المركزي غدًا تداعيات مباشرة على الأسواق المالية والمواطنين، وفي حال خفض الفائدة، قد يشهد القطاع الخاص انتعاشًا نتيجة انخفاض تكلفة الاقتراض، مما يشجع على الاستثمار وزيادة النشاط الاقتصادي.
ومع ذلك، قد يؤدي ذلك إلى ضغوط على سعر الصرف إذا لم يتم إدارته بعناية، أما في حال التثبيت، فقد يعزز ذلك الثقة في استقرار الأسعار، لكنه قد يحد من النمو في بعض القطاعات التي تعتمد على التمويل.
ومع اقتراب ساعة الحسم، تتجه الأنظار إلى لجنة السياسة النقدية لمعرفة كيف ستتوازن بين تحفيز النمو الاقتصادي واحتواء التضخم.
وسواء اختار البنك المركزي التثبيت أو التخفيض، فإن القرار سيحمل رسائل قوية للأسواق المحلية والدولية حول مسار الاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة، وفي ظل تحسن المؤشرات الاقتصادية واستمرار التحديات الخارجية، يبقى السؤال: هل سيواصل البنك المركزي نهجه الحذر أم سيغامر بخطوة جريئة لتحفيز الاقتصاد؟ الإجابة ستتضح غدًا.