صناعة المنسوجات المصرية.. كيف تستعيد مصر عرش الصناعة العالمية؟

صناعة المنسوجات في
صناعة المنسوجات في مصر

في قلب دلتا النيل، حيث تتشابك خيوط التاريخ مع طموحات المستقبل، تقف صناعة المنسوجات المصرية كرمزٍ للإبداع البشري والقدرة على التجدد، ومنذ أيام الفراعنة، حين كان الكتان المصري يزين مقابر الملوك، وحتى اليوم حيث تدور عجلات المصانع الحديثة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، تظل هذه الصناعة شاهدة على قدرة مصر على تحويل مواردها الطبيعية إلى قوة اقتصادية عالمية.

وفي عام 2025، تشهد صناعة المنسوجات المصرية نهضة غير مسبوقة، مدعومة باستثمارات أجنبية ضخمة وسياسات حكومية طموحة تهدف إلى إعادة مصر إلى مكانتها كقلعة إقليمية وعالمية في هذا القطاع الحيوي، نسىتعرض تفاصيلها في هذا التقرير من سمارت فاينانس.

واقع الصناعة بين الأرقام والإنجازات

وتعد صناعة المنسوجات في مصر ثاني أكبر القطاعات الصناعية بعد الصناعات الغذائية، حيث تساهم بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي وتشكل 25% من قطاع الملابس بأكمله.

وبحسب تقارير حديثة، ينمو السوق بمعدل نمو سنوي مركب يتجاوز 4% خلال الفترة من 2024 إلى 2029، مدفوعًا بزيادة الطلب العالمي على المنتجات المصرية عالية الجودة، خصوصًا القطن طويل التيلة الذي يعد الأفضل عالميًا.

وفي النصف الأول من عام 2025، قفزت صادرات الملابس الجاهزة بنسبة 95% مقارنة بالسنوات الخمس الماضية، متجاوزة إجمالي صادرات 2024 بالكامل، مما يعكس القدرة التنافسية المتزايدة للمنتج المصري.

قناة السويس مركز الجذب

وتشكل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس محورًا رئيسيًا لتطوير صناعة المنسوجات، حيث جذبت استثمارات تتجاوز 576 مليون دولار منذ يناير 2025، مع توقعات بوصولها إلى أكثر من مليار دولار بنهاية العام. 
والشركات الصينية تستحوذ على 70% من هذه الاستثمارات، إلى جانب مستثمرين من تركيا وتايلاند، بفضل موقع مصر الجغرافي الاستراتيجي وتكلفة العمالة المنخفضة مقارنة بالمنافسين الآسيويين.

ومشروعات مثل مصنع "إيفرفار" الصيني باستثمارات 130 مليون دولار في منطقة القنطرة غرب، والذي يوفر 3200 فرصة عمل، تبرز التكامل الصناعي من الغزل إلى إنتاج الملابس الجاهزة، كما وقعت شركة "Nil Örme" التركية عقدًا لإنشاء مصنع بقيمة 35 مليون دولار، مما يعزز مكانة المنطقة كمركز تصديري عالمي.

صناعة المنسوجات في مصر
صناعة المنسوجات في مصر

خطط طموحة لإحياء الصناعة

وتبنت الحكومة المصرية مشروعًا قوميًا بتكلفة 80 مليار جنيه لتطوير صناعة الغزل والنسيج، مع التركيز على تحديث البنية التحتية ودمج الشركات العامة، وخطة إعادة هيكلة شركات القطاع العام، التي تسيطر على 65% من الإنتاج النسيجي، تهدف إلى تحويل الخسائر إلى أرباح بقيمة 2 مليار جنيه سنويًا بحلول 2025. 
كما يجري إنشاء أكبر مصنع غزل ونسيج في العالم بالمحلة الكبرى على مساحة 62 ألف متر مربع، بهدف تعزيز التصدير ومضاعفة الصادرات إلى 3 مليارات دولار بنهاية 2025.

واتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة وأوروبا، إلى جانب برنامج المناطق الصناعية المؤهلة (QIZ)، عززت القدرة التنافسية للمنتجات المصرية، حيث بلغت قيمة الصادرات المعفاة من الجمارك إلى أمريكا 800 مليون دولار.

رؤية 2030 وفرص النمو

ومع استمرار الاستثمارات الأجنبية والمحلية، تتجه مصر لتصبح مركزًا إقليميًا لتصنيع وتداول المنسوجات بحلول 2027.

وتوقعات خبراء الصناعة تشير إلى جذب استثمارات بقيمة 3 مليارات دولار خلال 2025 و2026، مدعومة بتحسينات في البنية التحتية وشبكات النقل.

كما يعزز التركيز على تصنيع المنتجات ذات القيمة المضافة بدلاً من تصدير القطن الخام من مساهمة القطاع في الناتج المحلي، بجانب التوسع في التجارة الإلكترونية، حيث تستحوذ الملابس على النصيب الأكبر من الطلبات عبر الإنترنت في مصر، يفتح آفاقًا جديدة للنمو.

عودة الأسطورة المصرية

وصناعة المنسوجات في مصر ليست مجرد قطاع اقتصادي، بل هي قصة صمود وتجدد، ومن إرث الفراعنة إلى طموحات عام 2025، تثبت مصر أنها قادرة على استعادة مكانتها كرائدة عالمية في هذا المجال.

وبفضل الاستثمارات الأجنبية، الدعم الحكومي، والجودة العالمية للقطن المصري، تتجه هذه الصناعة نحو مستقبل مشرق، حاملةً معها وعودًا بمزيد من فرص العمل وزيادة الصادرات، لتعزز مكانة مصر كقلعة صناعية في قلب العالم.

تم نسخ الرابط