هل تنجح مصر في خفض عجز الميزان التجاري لـ30 مليار دولار بنهاية 2025؟

عجز الميزان التجاري
عجز الميزان التجاري

تسعى الحكومة المصرية خلال العام الجاري إلى خفض عجز الميزان التجاري إلى 30 مليار دولار فقط بنهاية 2025، في خطوة تعكس طموحًا كبيرًا لتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة التحديات العالمية، وتأتي هذه الخطة في إطار سياسة اقتصادية أشمل تهدف إلى تحقيق التوازن بين الواردات والصادرات، وتقليل الأعباء على الموازنة العامة للدولة.

وتستند هذه الرؤية إلى حزمة من الإجراءات العملية، أبرزها إطلاق منصة رقمية متكاملة لهندسة الإجراءات وسداد الرسوم، بما يتماشى مع خطة التحول الرقمي، على أن يتم تشغيلها خلال 18 شهرًا، وهذه المنصة تهدف إلى تقليص الوقت والتكلفة على المستثمرين، وتحسين كفاءة الخدمات المقدمة للقطاع الخاص.

مناطق لوجستية ودعم للتوسع في إفريقيا

من بين الخطوات التي يجري العمل عليها أيضًا، التخطيط لتدشين مناطق لوجستية في عدد من الدول الإفريقية التي تتواجد بها أصول مصرية. هذا التوجه يأتي دعمًا لحركة الصادرات، ويعزز التواجد المصري في أسواق جديدة، بما يفتح المجال أمام الشركات الوطنية لتوسيع أنشطتها الإقليمية.

وتعتبر إفريقيا سوقًا واعدة للمنتجات المصرية، خاصة في ظل التغيرات العالمية التي دفعت العديد من الدول إلى البحث عن شركاء إقليميين بديلين، وهو ما يوفر فرصة كبيرة لمصر لتعزيز نفوذها الاقتصادي في القارة.

تحسن في إجراءات الإفراج الجمركي

أحد أبرز المؤشرات الإيجابية خلال الفترة الأخيرة هو التحسن الملحوظ في زمن الإفراج الجمركي، الذي تراجع إلى 5.8 أيام مقارنة بـ16 يومًا سابقًا. 

وتستهدف الحكومة الوصول إلى متوسط يومين فقط بنهاية 2025، الأمر الذي سيساهم في توفير نحو 1.2 مليار دولار سنويًا، نتيجة تقليل فترة تكدس البضائع وما يرتبط بها من تكاليف إضافية، هذا التطور يعكس نجاح السياسات الأخيرة في رفع كفاءة الموانئ وتسهيل حركة التجارة، ما يمنح مصر ميزة تنافسية إضافية مقارنة بعدد من الأسواق المنافسة في المنطقة.

استثمارات أجنبية وشراكة مع القطاع الخاص

تركز الخطط الحكومية كذلك على تحقيق زيادة في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة تتراوح بين 15 و20% بنهاية العام الجاري مقارنة بعام 2024.

ويجري في الوقت نفسه مراجعة موقف الشركات الحاصلة على الرخصة الذهبية التي لم تبدأ تنفيذ مشروعاتها حتى الآن، إلى جانب دراسة خفض الرسوم المرتفعة على الأراضي الصناعية، ويتوازى ذلك مع تعظيم دور صندوق مصر السيادي في زيادة العوائد المالية للدولة، بما يساهم في سد عجز الموازنة، مع إرساء شراكة استراتيجية متوازنة مع القطاع الخاص لضمان رفع مرونة وتنافسية الاقتصاد المصري في مواجهة المتغيرات الدولية.

إصلاحات لتقليل الأعباء المالية على المستثمرين

على صعيد بيئة الأعمال، تم تدشين مسار إصلاحي على مرحلتين للتخفيف من الأعباء المالية المفروضة على المستثمرين، والمرحلة الأولى شملت تعديل الرسوم والاستقطاعات الكبرى، مثل تقليص نسبة صندوق التدريب والتأهيل إلى 0.25% من الحد الأدنى للأجر التأميني بدلًا من 1% من الأرباح، مع إعفاء الشركات التي تقدم برامج تدريبية معتمدة. كما تم تعديل المساهمة التكافلية لتُحتسب على صافي الأرباح بدلًا من إجمالي الإيرادات.

أما المرحلة الثانية فتشمل حصر وإعادة هيكلة جميع الرسوم المفروضة على المستثمرين، بالتنسيق مع هيئة الرقابة الإدارية، ودمجها في منظومة موحدة ترتبط بالمنصة الرقمية للكيانات الاقتصادية، بما يضمن تقليل التعقيدات وتبسيط الإجراءات.

مواجهة التحديات الدولية ودعم الصادرات

تواجه الصادرات المصرية حاليًا 18 تحقيقًا دوليًا تتعلق بإجراءات حمائية ورسوم إضافية، بعضها تم حله والبعض الآخر لا يزال قيد المراجعة. وتعمل الدولة على توفير الدعم الفني والسياسي للمصدرين، والتدخل لدى الجهات الخارجية لتأمين دعم مباشر، بالإضافة إلى المشاركة في جلسات الاستماع الدولية والتنسيق مع الشركات المتضررة، وهذه السياسة تهدف إلى حماية المنتجات الوطنية من المنافسة غير العادلة، وتعزيز فرصها في الأسواق العالمية، بما يتماشى مع التوجه نحو تعميق الصناعة المحلية دون فرض قيود قد تعرقل الإنتاج أو الاستيراد.

رؤية مستقبلية لاقتصاد أكثر تنافسية

تشير المؤشرات الحالية إلى أن مصر أمام فرصة كبيرة لتعزيز موقعها الاقتصادي عالميًا، بفضل التنوع في علاقاتها التجارية والتطور الملحوظ في البنية التحتية، وتضع الحكومة هدفًا استراتيجيًا يتمثل في رفع كفاءة الإجراءات الاقتصادية والإدارية، بما يساهم في إدراج مصر ضمن أفضل 50 اقتصادًا عالميًا.

ويؤكد خبراء الاقتصاد أن نجاح هذه الخطط سيعتمد على استمرار وتيرة الإصلاحات، وتعميق التعاون مع القطاع الخاص، وتحقيق توازن حقيقي بين الانفتاح على الأسواق الخارجية وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المحلية.

تم نسخ الرابط