لماذا تصمد أسعار العقارات في مصر أمام تراجع التكاليف؟

تشهد السوق العقارية المصرية حالة فريدة من نوعها خلال العام الجاري، إذ تواصل الأسعار تسجيل مستويات مرتفعة، بل تشهد زيادات طفيفة في بعض المناطق، في وقت انخفضت فيه أسعار مواد البناء، وتحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وأقدم البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة بشكل ملحوظ، وهذه المفارقة دفعت كثيرًا من المتابعين إلى التساؤل: ما الأسباب الحقيقية التي تجعل العقارات عصيّة على الهبوط؟.
تحديات أسعار العقارات
في النصف الثاني من عام 2025، هبط سعر طن الحديد بنحو 33%، كما تراجعت الأسمنت، ورغم هذه التراجعات التي كان يُفترض أن تخفف العبء على المطورين العقاريين، لم تظهر أي انعكاسات ملموسة على الأسعار النهائية للوحدات السكنية.
ويُجمع خبراء القطاع على أن تكلفة الأرض والفوائد التمويلية تمثلان العنصر الأثقل في معادلة التسعير، حيث يري فتح الله فوزي، الخبير العقاري، أن الأرض وحدها تستحوذ على نصف التكلفة الكلية لأي مشروع، بينما الفوائد والالتزامات المصرفية تبتلع نسبة كبيرة من الإيرادات، وهو ما يجعل تراجع مدخلات البناء غير كافٍ للتأثير على السوق.
وأضاف في تصريحات خاصة أنه إلى جانب تكلفة الأراضي والتمويل، تتحمل الشركات العقارية أعباءً إضافية مرتبطة بتعدد الرسوم والضرائب الحكومية، مضيفًا أن السوق العقارية في مصر ستظل محتفظة بأسعارها الحالية وربما تشهد ارتفاعًا جديدًا حال زيادة الإقبال على الشراء، سواء من المستثمرين المحليين الباحثين عن حفظ مدخراتهم، أو من الأجانب الذين ينظرون للعقار المصري كفرصة استثمارية.
تحسن المؤشرات الاقتصادية
وأكد أن أسعار العقارات في مصر لا تتحرك وفق معادلة تكلفة البناء وحدها، بل تخضع لتشابك معقد بين أسعار الأراضي، التمويل البنكي، الرسوم الحكومية، استراتيجيات التسويق، والطلب الأجنبي، وهو ما يجعلها في كثير من الأحيان بمنأى عن التراجع حتى في ظل تحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية.
ووفق تقديرات غرفة التطوير العقاري، فإن عدد الرسوم المفروضة على المشروعات كبيرة للغاية ما يرفع التكلفة النهائية ويجعل تمرير أي وفورات إلى المستهلكين أمرًا شبه مستحيل، حيث تلجأ الشركات إلى تقديم تسهيلات في السداد أو عروض إضافية بدلاً من خفض السعر المباشر.