من المصانع إلى المستهلك.. كيف ستؤثر زيادة الغاز للمصانع على أسعار السلع؟

زيادة أسعار الغاز
زيادة أسعار الغاز للمصانع

أثارت زيادة أسعار توريد الغاز الطبيعي إلى المصانع في مصر، التي أقرتها الحكومة في سبتمبر الجاري، جدلًا واسعًا حول تأثيرها المحتمل على أسعار المنتجات والسلع الاستهلاكية.

ويأتي هذا القرار ضمن استراتيجية إعادة هيكلة دعم الطاقة لتقليل الضغط على الموازنة العامة، في ظل ارتفاع فاتورة استيراد الغاز إلى حوالي 9.5 مليار دولار هذا العام.

وبحسب بيانات رسمية، شهدت أسعار الغاز زيادة بمقدار دولار واحد لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مما رفع تكاليف التشغيل للصناعات كثيفة الاستهلاك مثل الأسمدة، الحديد، والأسمنت، فهل ستؤدي هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار السلع في الأسواق المصرية؟، هذا ما نستعرضه في هذا التقرير، من سمارت فاينانس.

زيادة أسعار الغاز للمصانع في مصر 2025

ومنذ عام 2014، تسعى مصر إلى إصلاح سياسات دعم الطاقة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، بهدف توجيه الدعم للفئات الأكثر احتياجًا وتقليص الاعتماد على استيراد الغاز، وفي سبتمبر الجاري، أعلنت الشركة القابضة للغاز الطبيعي (إيجاس) عن زيادة جديدة في أسعار الغاز للمصانع، دخلت حيز التنفيذ فورًا.

وتشير البيانات إلى أن هذه الزيادة جاءت نتيجة ارتفاع تكلفة استيراد الغاز بنسبة 25% خلال الصيف، حيث تجاوزت تكلفة المليون وحدة حرارية 6 دولارات، حيث يستهلك القطاع الصناعي ما يقرب من 35-40% من إجمالي إمدادات الغاز اليومية، بما يعادل حوالي 2.1 مليار قدم مكعب، مع تركيز كبير في صناعات الأسمدة، الحديد، والصلب.

وأوضح وزير الصناعة والنقل، الفريق كامل الوزير، أن القرار يتضمن ضمانات لتوفير كميات كافية من الغاز لمصانع الأسمدة، مع توزيع الإنتاج بين الزراعة المحلية، المزادات الداخلية، والتصدير.

ومع ذلك، يرى الخبراء أن هذه الزيادة ستؤدي إلى ارتفاع تكاليف التشغيل بنسب متفاوتة، مما قد يضغط على الصناعات لتمرير هذه التكاليف إلى المستهلكين أو البحث عن بدائل لتقليل الخسائر.

تأثير زيادة أسعار الغاز على تكاليف الإنتاج الصناعي

ويعتبر الغاز الطبيعي مكونًا حيويًا في الصناعات الثقيلة بمصر، حيث يشكل نسبة كبيرة من تكاليف الإنتاج في قطاعات مثل الأسمدة والصلب، والزيادة الأخيرة، التي وصلت إلى حوالي 21%، ستؤثر بشكل مباشر على تكلفة المنتجات النهائية.

وعلى سبيل المثال، أشار ممثلو صناعة السيراميك إلى أن تكاليف الإنتاج سترتفع بنسبة تصل إلى 10%، بينما يتوقع منتجو الحديد والصلب زيادة تتراوح بين 15-20% في التكاليف، خاصة في المصانع ذات الدورات الإنتاجية المتكاملة.

زيادة أسعار الغاز للمصانع
زيادة أسعار الغاز للمصانع

وفي صناعة الأسمدة، التي تعتمد بشكل كبير على الغاز، قد تؤدي الزيادة إلى تقليص الإنتاج أو إغلاق بعض الخطوط الإنتاجية، على غرار ما حدث في أوروبا حيث انخفض إنتاج الأسمدة بنسبة 40% بسبب أسعار الطاقة.

أما في قطاع الأسمنت، فإن ارتفاع أسعار الغاز إلى مستويات مرتفعة سيزيد من تكاليف الإنتاج بشكل كبير، ومع ذلك، يرى اتحاد الصناعات أن تأثير الزيادة قد يكون محدودًا في القطاعات غير الكثيفة، مثل الصناعات الغذائية والمنسوجات، حيث يستخدم الغاز بشكل أساسي لتشغيل المعدات والإضاءة.

هل ستؤدي زيادة أسعار الغاز إلى ارتفاع أسعار السلع؟

ومن المرجح أن تؤدي زيادة أسعار الغاز إلى ارتفاع أسعار المنتجات، ولكن بدرجات متفاوتة حسب طبيعة الصناعة، ففي قطاع الأسمدة، الذي يمثل جزءًا كبيرًا من الاستهلاك الصناعي، قد ترتفع أسعار الأسمدة بنسبة تصل إلى 20%، مما سيؤثر على تكاليف الزراعة ويرفع أسعار الخضروات والفواكه بنسبة 10-15%.

وكذلك، من المتوقع أن تؤدي الزيادة في تكاليف إنتاج الحديد والصلب إلى ارتفاع أسعار مواد البناء، مما يزيد من تكاليف الإنشاءات بنسبة 5-8%، وفقًا لتقديرات اتحاد مواد البناء.

ومع ذلك، يحذر الدكتور محمد البهي، عضو هيئة المكتب باتحاد الصناعات، من أن تمرير التكاليف بالكامل إلى المستهلك قد يكون صعبًا في ظل تراجع القوة الشرائية، حيث سجل التضخم السنوي 13.9% في أبريل 2025. 

وبعض المصانع قد تمتص جزءًا من الزيادة للحفاظ على تنافسيتها، خاصة مع المنتجات المستوردة من دول مثل السعودية والأردن التي تتمتع بإعفاءات جمركية.

كما أن المنافسة الإقليمية قد تحد من قدرة الصناعات المصرية على زيادة الصادرات، التي تستهدف الوصول إلى 100 مليار دولار بحلول 2030.

وتتزامن هذه الزيادة مع ارتفاع أسعار الوقود بنسبة 15% في أبريل 2025، مما يزيد من الضغط على تكاليف النقل واللوجستيات.

وتشير تقارير إعلامية إلى أن هذه العوامل قد تدفع التضخم إلى مستويات تصل إلى 14% في الربع الأخير من 2025، ما لم تتدخل الحكومة بإجراءات رقابية صارمة.

وتعهدت الحكومة بمراقبة الأسعار عبر جهاز حماية المستهلك لمنع أي زيادات غير مبررة، في حين يتوقع الخبراء أن يسهم القرار في تقليل العجز المالي، لكنه قد يؤثر سلبًا على معدل النمو الصناعي، الذي قد ينخفض إلى 4.5% في العام المالي 2025-2026.

تم نسخ الرابط