الأموال الساخنة تتدفق.. لماذا أصبحت أذون الخزانة المصرية المغناطيس الأقوى للأموال الأجنبية؟

أذون الخزانة المصرية
أذون الخزانة المصرية

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية المتسارعة، أصبحت أذون الخزانة المصرية وجهة جذابة للمستثمرين الأجانب، الذين يبحثون عن عوائد مرتفعة وآمنة، ووفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، ارتفعت استثمارات الأجانب في هذه الأدوات الدينية إلى ما يعادل 1.924 تريليون جنيه مصري بنهاية مايو 2025، بزيادة قدرها 103 مليار جنيه عن الشهر السابق.

وهذا الإقبال المتزايد ليس مصادفة، بل نتيجة لمزيج من العوامل الاقتصادية والسياسية النقدية التي جعلت مصر وجهة "تدفقات ساخنة" للأموال الأجنبية.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة، لنفهم كيف تحولت أذون الخزانة إلى "اللجوء الآمن" للمستثمرين الدوليين في عام 2025.

أذون الخزانة المصرية أداة استثمارية آمنة ومربحة

وأذون الخزانة هي سندات حكومية قصيرة الأجل تصدرها وزارة المالية المصرية عبر البنك المركزي، وتستخدم لتمويل عجز الموازنة العامة، حيث تعتبر هذه الأذون استثمارًا "خاليًا من المخاطر" نسبيًا، حيث تكفلها الحكومة، وتعفى من الضرائب في العديد من الدول، مما يجعلها جذابة للمستثمرين الأجانب.

وفي 2025، شهدت السوق المصرية إصدارًا أسبوعيًا منتظمًا لأذون بآجال تتراوح بين 91 يومًا وسنة واحدة، بقيمة تصل إلى 85 مليار جنيه في عطاء واحد، كما حدث في 25 سبتمبر 2025.

ومع ارتفاع معدلات العائد إلى أكثر من 26% في الآجال القصيرة، وصلت العوائد على بعض الأذون إلى 30% في مارس 2025، وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر 2024، وهذا الارتفاع جاء مدفوعًا بضغوط الاستحقاقات الدينية، حيث اضطرت الحكومة إلى قبول عوائد مرتفعة لجذب السيولة.

وتراجعت العوائد تدريجيًا إلى 26.9% على أذون 91 يومًا، بفضل الإقبال الشديد، مما يعكس توازنًا بين الطلب والعرض.

الجاذبية الرئيسية للمستثمرين الأجانب

والسبب الأبرز في تهافت الأجانب على أذون الخزانة المصرية هو العوائد السخية، التي تفوق بكثير ما تقدمه الأسواق المتقدمة، وفي سياق عالمي يشهد خفضًا تدريجيًا لأسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، يعد سعر الفائدة المصري، من أعلى المستويات عالميًا.

ومحللون في "CNN" أرجعوا هذا الإقبال إلى توقعات خفض الفائدة في مصر، مما يدفع المستثمرين إلى الاستثمار في الآجال الطويلة نسبيًا لتحقيق عوائد أعلى قبل التخفيض.

أذون الخزانة المصرية
أذون الخزانة المصرية

وأشار خبراء إلى أن تراجع التضخم المصري إلى أقل من 20% في الربع الثالث من 2025 عزز الثقة، مما سمح للمستثمرين الأجانب بتحويل استثماراتهم من الأذون القصيرة إلى السندات طويلة الأجل بعوائد تزيد عن 25%.

وهذا التحول لم يقلل من جاذبية الأذون، بل زاد من تدفقات "الأموال الساخنة"، حيث بلغت مشتريات الأجانب 5 مليار دولار في السوق الأولية و9.5 مليار في الثانوية خلال الأشهر الأولى من 2025، وفقًا لتقديرات مصرفيين.

دور الإصلاحات الاقتصادية

ولعبت الإصلاحات الاقتصادية دورًا حاسمًا في إعادة بناء الثقة، وبعد اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي في مارس 2024 بقيمة 8 مليار دولار، تلاها خفض قيمة الجنيه ورفع الفائدة بـ600 نقطة أساس، عادت التدفقات الأجنبية بقوة.

وبحلول سبتمبر 2025، ارتفعت احتياطيات النقد الأجنبي إلى 47.39 مليار دولار، مما خفض المخاطر المتصورة وجعل الاستثمار في الأذون أكثر أمانًا.

وتحرير سعر الصرف في مارس 2024 سمح للمستثمرين الأجانب بتحويل الدولار إلى جنيه بسهولة، ثم إعادة التحويل بعد الاستحقاق، محققين أرباحًا من فرق العملة والفائدة، كما أن صفقة رأس الحكمة مع الإمارات بـ35 مليار دولار، عززت السيولة وقللت الاعتماد على الديون الخارجية.

وأكد خبراء أن هذه الإصلاحات زادت الإقبال العربي والأجنبي بنسبة 24.55 مليار دولار في أول 8 أشهر من تحرير الصرف، والاستقرار النقدي والثقة في الاقتصاد المصريمع تراجع التضخم إلى 17% متوقعًا بنهاية 2025، حسب صندوق النقد، وأصبحت مصر أكثر استقرارًا، مما يشجع على الاستثمار طويل الأمد.

والبنك المركزي حافظ على سياسة نقدية حذرة، وهذا الاستقرار، إلى جانب نمو الاستثمار الأجنبي المباشر يعكس ثقة متزايدة في الاقتصاد المصري.

وفي تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2025، أشارت إلى أن مصر سجلت تدفقات محفظة بـ38 مليار دولار في فبراير 2025، مما يؤكد الثقة الدولية.

التأثيرات الإيجابية على الاقتصاد المصري

ويساهم هذا الإقبال في تعزيز الاحتياطيات النقدية، تمويل الموازنة، وخفض تكلفة الاقتراض، وبلغت الأرصدة الإجمالية لأذون الخزانة 4.608 تريليون جنيه، مع مساهمة أجنبية بنسبة 42%، وهذا يدعم النمو المتوقع بنسبة 4.5% في 2025، ويفتح أبوابًا لاستثمارات أكبر في القطاعات الصناعية والسياحية.

ويتهافت الأجانب على أذون الخزانة المصرية في 2025 بسبب مزيج من العوائد العالية، الإصلاحات الناجحة، والاستقرار النسبي، مما يعكس تحولًا إيجابيًا في الاقتصاد المصري، ومع ذلك، يتطلب الأمر حذرًا لتحويل هذه التدفقات إلى استثمارات طويلة الأمد.

تم نسخ الرابط