تثبيت أم خفض؟.. ماذا ينتظر الاقتصاد المصري في قرار الفائدة المرتقب؟

البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري

مع اقتراب اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري يوم الخميس 2 أكتوبر 2025، تتصدر التوقعات بخصوص مصير أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض عناوين الأسواق المالية، ويأتي هذا الاجتماع السادس للعام الجاري في ظل تباطؤ التضخم المصري إلى أدنى مستوياته منذ عامين، وتأثيرات إيجابية من الإصلاحات الاقتصادية، إلى جانب ضغوط عالمية ناتجة عن قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأخيرة. 

ووفقاً لآخر التحليلات المحدثة من بنوك الاستثمار ووحدات البحوث، يتجه التوازن نحو قرار تثبيتي، مع إمكانية خفض طفيف إذا أكدت البيانات الجديدة الاستقرار.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض التفاصيل الدقيقة للتوقعات، اوالتأثيرات المحتملة.

توقعات قرار الفائدة في اجتماع البنك المركزي المصري 2 أكتوبر 2025

وتتوقع غالبية المحللين الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في الاجتماع المقبل، حيث يبلغ سعر الفائدة على الإيداع حالياً 27.25% وسعر الإقراض 28.25%، وذلك بعد خفض بنسبة 200 نقطة أساس في اجتماع أغسطس الماضي.

وهبة منير، محلل الاقتصاد الكلي في بنك "باتش سي"، أكدت في تقريرها الأخير الصادر يوم 28 سبتمبر 2025 أن "اللجنة ستحتاج إلى وقت إضافي لاستيعاب تأثير الخفض الأخير على الاقتصاد، خاصة مع تراجع التضخم السنوي إلى 12.5% في أغسطس".

ومع ذلك، لا تستبعد وحدة البحوث في بنك "زيلا كابيتال" إمكانية خفض بنسبة 1-2% إذا أظهرت بيانات التصنيع والسياحة تحسناً إضافياً، مشيرة إلى أن "النمو المتوقع بنسبة 4.1% في السنة المالية 2024-2025 يدعم التيسير النقدي التدريجي".

ومن جانب آخر، يتوقع بنك "إتش سي" خفضاً بنسبة 2% في الاجتماع، مستنداً إلى انخفاض معدلات التضخم الشهري إلى 0.8% في الفترة الأخيرة، مدفوعاً باستقرار أسعار الوقود والغذاء، وهذه التوقعات تأتي في سياق أوسع، حيث يقدر أن البنك المركزي قد يخفض الفائدة إجمالاً بنسبة 6-8% خلال 2025 كاملاً، لدعم الاستثمار والاستهلاك دون إثارة ضغوط تضخمية جديدة.

يذكر أن اللجنة، برئاسة محافظ البنك المركزي حسن عبد الله، تجتمع كل ستة أسابيع، ويعلن القرار عادةً مساء الخميس، متبوعاً بمؤتمر صحفي يوضح التوجهات المستقبلية.

أسعار الفائدة
أسعار الفائدة

تأثير التضخم على قرارات الفائدة

ويواجه الاقتصاد المصري تحديات متعددة، لكنه يظهر علامات تعافٍ ملحوظة تدعم التوقعات بالتثبيت أو الخفض المحدود، وتراجع التضخم السنوي من 13.8% في يوليو إلى 12.5% في أغسطس 2025، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

كما ساهمت تحويلات المصريين بالخارج، التي بلغت 26.3 مليار دولار في أول 11 شهراً من 2024، وإيرادات السياحة المتوقعة بنمو 15% هذا العام، في تعزيز الاحتياطي النقدي إلى أكثر من 40 مليار دولار.

ومع ذلك، تظل مخاطر ارتفاع أسعار الوقود الدولية، الذي قد يرفع التضخم الشهري بنسبة 0.5-2%، عاملاً رئيسياً في قرار اللجنة.

وأشارت "فيتش" إلى أن "البنك المركزي يسعى للحفاظ على الاستقرار، مع التركيز على دعم النمو دون إعادة إشعال التضخم"، وهذا التوازن يعكس السياسة النقدية المتشددة التي اعتمدتها مصر منذ مارس 2024، حيث رفع الفائدة بنسبة 6% لمواجهة الضغوط الخارجية، قبل الانتقال تدريجياً نحو التيسير.

قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وانعكاساتها على مصر

ولا يأتي اجتماع البنك المركزي المصري في عزلة، إذ يتأثر بقرارات نظيراته العالميين، خاصة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وفي اجتماعه الأخير يوم 17 سبتمبر 2025، خفض الفيدرالي سعر الفائدة بـ25 نقطة أساس إلى نطاق 4-4.25% لأول مرة هذا العام، مدفوعاً بتباطؤ سوق العمل (ارتفاع البطالة إلى 4.3%) رغم ارتفاع التضخم قليلاً إلى 2.8%.

وأشار "مخطط النقاط" (الدوت بلوت) إلى توقعات بخفضين إضافيين بنهاية 2025، مع خفض واحد في 2026، مما يخفض النطاق المتوقع إلى 3.5-3.75% بنهاية العام.

وهذا الخفض الأمريكي، الذي أثار ارتفاعاً في أسعار الذهب إلى 3700 دولار للأوقية مع توقعات بـ4000 دولار، يدعم الاتجاه نحو تيسير عالمي.

وفي مصر، يعني ذلك ضغوطاً إيجابية على الجنيه المصري، حيث تراجع الدولار مقابل الجنيه بنسبة 0.5% في الأسبوع الماضي، ومع ذلك، حذر جيروم باول، رئيس الفيدرالي، في مؤتمره الصحفي يوم 17 سبتمبر من "مخاطر الركود التضخمي"، مشيراً إلى أن "الاقتصاد الأمريكي يحتاج إلى دعم التوظيف دون إهمال التضخم". 
وهذه الديناميكيات تجعل قرار البنك المركزي المصري أكثر حساسية، حيث قد يؤدي خفض أمريكي إضافي إلى تدفقات رأس مال أجنبي إلى الأسواق الناشئة مثل مصر.

تم نسخ الرابط