باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية

إرث يتحول إلى ثروة اقتصادية.. كيف أصبحت مصر قبلة السياحة الثقافية العالمية؟

السياحة في مصر
السياحة في مصر

في ظل التحديات الإقليمية والعالمية، يشهد قطاع السياحة الثقافية في مصر نمواً استثنائياً يعكس قوة التراث المصري العريق وقدرة الدولة على تحويله إلى محرك اقتصادي مستدام، ومع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير، وإطلاق مبادرات جديدة لتعزيز المنتجات الثقافية، أصبحت مصر وجهة رائدة للسياح الباحثين عن تجارب تاريخية غامرة.

وهذا التقرير، من سمارت فاينانس، يستعرض التطورات الأخيرة في تطوير السياحة الثقافية، مدعوماً ببيانات رسمية وإنجازات حكومية، ليبرز كيف تساهم هذه الجهود في تعزيز الاقتصاد المصري وجذب ملايين الزوار.

الإنجازات الاقتصادية للسياحة الثقافية في مصر خلال 2025

وفي النصف الأول من عام 2025، ارتفعت إيرادات السياحة في مصر بنسبة 22% لتصل إلى 8 مليارات دولار، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري، وهذا النمو يأتي مدفوعاً بشكل أساسي بالسياحة الثقافية، التي تمثل 92% من الزوار الذين يزورون المواقع الأثرية الفرعونية مثل الأهرامات ومعابد الكرنك.

كما سجلت الحركة السياحية الوافدة زيادة بنسبة 22% في الفترة من يناير إلى يوليو 2025، ليصل عدد السياح إلى 8.7 مليون، مع توقعات باستقبال 18 مليون سائح بنهاية العام.

ويعزى هذا الانتعاش إلى الجهود الحكومية لتنويع المنتجات السياحية، حيث أصبحت السياحة الثقافية مساهمة رئيسية في الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة تصل إلى 8.5% في 2024، مع توقعات بارتفاعها إلى 8.6% في 2025 وفقاً لتقرير المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC).

وأكدت النائبة سحر طلعت مصطفى، عضو مجلس النواب، أن هذا الارتفاع يأتي تتويجاً لتطوير البنية التحتية السياحية، بما في ذلك المطارات والفنادق، مما ساهم في جذب أسواق جديدة مثل أوروبا والخليج.

وهذه الأرقام لا تعكس فقط التعافي من جائحة كورونا والتوترات الإقليمية، بل تؤكد على قوة التراث المصري كعامل جذب عالمي.

المشاريع الثقافية الرئيسية

ويعد افتتاح المتحف المصري الكبير (GEM) في 1 نوفمبر 2025 حدثاً تاريخياً يعزز السياحة الثقافية بشكل جذري، والموقع الاستراتيجي قرب أهرامات الجيزة يجعله نقطة جذب متكاملة، حيث يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، بما في ذلك مجموعة توت عنخ آمون الكاملة لأول مرة.

وخلال الافتتاح التجريبي في 2024، زاره أكثر من 5 آلاف زائر يومياً، ومن المتوقع أن يزيد النشاط السياحي بنسبة 30-40% بنهاية 2025.

السياحة الثقافية في مصر
السياحة الثقافية في مصر

وبالإضافة إلى ذلك، شهدت القاهرة التاريخية تطويراً لثمانية مواقع أثرية في منطقة الدرب الأحمر، مثل تكية الجلشني وسبيل رقية دودو، بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وهذا المشروع، الذي بدأ في 2024، درب 106 موظفين على إعادة الاستخدام المستدام للتراث، مما يعزز السياحة الثقافية المستدامة.

كما أطلقت وزارة السياحة والآثار منتج "كايرو سيتي بريك"، الذي يحول القاهرة إلى وجهة مستقلة تجمع التراث الفرعوني والقبطي والإسلامي، مما يشجع على إقامات أطول وإنفاق أعلى.

المبادرات الحكومية الجديدة لدعم السياحة الثقافية في 2025

وفي إطار الاستراتيجية الوطنية للسياحة المستدامة 2030، أطلقت الحكومة مبادرات طموحة لتعزيز السياحة الثقافية، وأبرزها مبادرة تمويل بقيمة 50 مليار جنيه في أكتوبر 2024، بالشراكة مع وزارة المالية، لزيادة الغرف الفندقية إلى 200-250 ألف غرفة بحلول 2028، مع التركيز على المناطق الثقافية مثل الأقصر والأسوان.

كما أنشئت "بنك الفرص الاستثمارية"، الذي يقدم خريطة موحدة لـ156 فرصة استثمارية سياحية، لجذب القطاع الخاص في تطوير المنتجات الثقافية.

ومن المبادرات البارزة أيضاً حملة "إحنا مصر"، التي أطلقت في بداية 2025 لتعزيز السلوكيات الإيجابية تجاه السياح، بالإضافة إلى حملة "رمضان في مصر غِير" التي استمرت خمسة أسابيع لترويج التجارب الثقافية الدينية.

وفي يوليو 2025، أعلن وزير السياحة شريف فتحي عن خطة لمضاعفة الغرف الفندقية بحلول 2031، مع التركيز على السياحة الثقافية عبر شراكات مع منظمي الرحلات الدوليين.

وهذه المبادرات تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة، حيث تهدف إلى خلق 2.9 مليون وظيفة في 2025، بنمو 22.3% عن 2019.

على الصعيد الدولي، صعدت مصر إلى المرتبة 24 عالمياً في تصنيف أفضل وجهات السفر لعام 2025، متفوقة في السياحة الثقافية والتاريخية.

مستقبل السياحة الثقافية

وتستهدف الاستراتيجية الوطنية للسياحة المستدامة 2030 الوصول إلى 30 مليون سائح سنوياً، من خلال زيادة الحركة بنسبة 25-30% سنوياً.

وتشمل الرؤية توسيع السياحة النيلية إلى 25 ألف غرفة فندقية عائمة، وإحياء طريق العائلة المقدسة للسياحة الدينية، بالإضافة إلى مشاريع مثل "المتوسط الجنوبي" باستثمارات 20.76 مليار دولار لتطوير الساحل المتوسطي.

وتعتمد هذه الرؤية على شراكات دولية، كما في التعاون مع اليونسكو لترقية المتاحف باستخدام الذكاء الاصطناعي، واستضافة فعاليات عالمية مثل المنتدى الحضري العالمي الـ12 في نوفمبر 2024.

كما أطلقت وزارة الثقافة مبادرات مثل "تراثنا هويتنا فلنحمه معًا" لتعزيز الوعي المجتمعي بالحفاظ على التراث.

وهذه الجهود ستضمن استدامة السياحة الثقافية، مما يجعل مصر "هدية للعالم ولجميع الأديان"، كما وصفها الوزير فتحي.

ويمثل تطوير السياحة الثقافية في مصر نموذجاً للتوازن بين التراث والحداثة، حيث يساهم في خلق فرص عمل وتعزيز الاقتصاد، مع استمرار الجهود، ستظل مصر وجهة مفضلة لعشاق التاريخ، محافظة على إرثها للأجيال القادمة.

تم نسخ الرابط