المعروض زاد والدولار رخص.. أسعار السيارات تنهار في السوق المصري

يستمر السوق المصري للسيارات في مواجهة تحولات اقتصادية حادة، حيث أدى تدفق السيارات الجديدة والمستعملة إلى انهيار أسعار يصل إلى 23.3% في الربع الثالث من العام، مدفوعًا بزيادة المعروض وتيسير إجراءات الرخص الاستيرادية.
ومع ذلك، يظل سعر صرف الدولار الأمريكي، جنيهًا مقابل الجنيه المصري، يشكل تهديدًا مستمرًا لاستدامة هذا التراجع، مما يثير مخاوف من عودة الضغوط التضخمية.
ويستند هذا التقرير، من سمارت فاينانس، إلى بيانات حديثة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ومركز أميك للدراسات الاقتصادية، ليوضح كيف يؤثر هذا الانهيار على المستهلكين والاقتصاد الوطني، في سوق يتجاوز قيمته 2.6 مليار دولار سنويًا.
أسباب تراجع أسعار السيارات في مصر 2025
وشهد الربع الثالث من 2025 انخفاضًا ملحوظًا في أسعار السيارات، بنسبة 23.3% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، الذي اعتمد على بيانات من الجهاز المركزي للإحصاء.
ويعود هذا التراجع بشكل أساسي إلى زيادة المعروض بنسبة تصل إلى 60%، ناتجة عن استئناف الاستيراد الكامل بعد تعطيل بند التسجيل المسبق (ACI) في مايو 2024.
وفي الربع الأول من 2025، ارتفعت مبيعات السيارات الجديدة بنسبة 51.3% لتصل إلى 20.6 ألف وحدة، مدعومة بإفراج عن شحنات محتجزة تقدر قيمتها بـ1.3 مليار دولار، أما تيسير الرخص الاستيرادية، فقد كان المحرك الرئيسي لهذا التغيير.
وأصدرت وزارة التجارة والصناعة تراخيص جديدة تغطي 86.2% من الاستيراد التجاري، مما مكن التجار غير الرسميين من الدخول في المنافسة مع الوكلاء الكبار، وهذه الرخص، التي شملت السيارات المستعملة تحت سن 3 سنوات والموديلات الكهربائية، خفضت التكاليف الجمركية بنسبة 10% لكل عام تصنيع.
والمنافسة الجديدة أجبرت الجميع على خفض الأسعار لجذب العملاء، خاصة مع زيادة العروض من المهاجرين الذين يبيعون سياراتهم لتغطية نفقات السفر، وهذا التدفق أثر بشكل أكبر على سوق السيارات المستعملة، حيث أصبحت السيارات الاقتصادية أكثر توافرًا، مما دفع الأسعار نحو الأسفل في معظم الفئات.
وعلى سبيل المثال، انخفض سعر سيارة هيونداي أكسنت موديل 2018 من 800 ألف جنيه إلى 600 ألف جنيه، وهو مثال يعكس الاتجاه العام في السوق المصري.
تأثير ارتفاع سعر الدولار على سوق السيارات المصري
ورغم التراجع الإيجابي، يبقى ارتفاع سعر الدولار العامل الأبرز في تعطيل الاستقرار، وفي ديسمبر 2024، تجاوز الدولار مستوى 51 جنيهًا، مما رفع تكاليف الاستيراد بنسبة 25% للموديلات الاقتصادية.
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء، بلغت واردات السيارات 1.692 مليار دولار في الأشهر الثمانية الأولى من 2024، بزيادة 46.5%، لكن الضغط على الجنيه أدى إلى ظهور "أوفر برايس" يصل إلى 150 ألف جنيه في بعض المعارض، مما يعيق الاستفادة الكاملة من زيادة المعروض.
وفي 2025، ساعدت المنح الدولية، مثل الـ1.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي في ديسمبر 2024، في تهدئة الضغط مؤقتًا، مما أدى إلى استقرار نسبي في النصف الأول من العام.
ومع ذلك، يحذر اللواء حسين مصطفى، الرئيس التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات، من "ركود محتمل إذا وصل الدولار إلى 53 جنيهًا بحلول 2026".
وهذا الارتفاع أثر مباشرة على السيارات الجديدة، حيث رفعت شركات مثل "تويوتا مصر" أسعار موديل كورولا 2025 بمقدار 50 ألف جنيه، لتتراوح بين 1.4 و1.8 مليون جنيه، مما يعكس التوتر بين الاستيراد والعملة المحلية.

أسعار السيارات في مصر أكتوبر 2025
ويعكس السوق في أكتوبر 2025 تنوعًا في الأسعار، مع تراجع واضح يدعم المستهلكين في الفئات الاقتصادية، حيث انخفض سعر هيونداي أكسنت 2025 من 900 ألف جنيه في 2024 إلى 780 ألف جنيه، بنسبة 13%، مدعومًا بعروض "كاش باك" تصل إلى 15%.
وكذلك، هبط سعر كيا سيراتو 2025 من 1.1 مليون جنيه إلى 950 ألف جنيه، بنسبة 14%، مما جعلها خيارًا مفضلًا للعائلات المتوسطة الدخل.
وفي فئة السيارات الصينية، شهدت جيلي إمجراند 2025 انخفاضًا أكبر بنسبة 21%، من 700 ألف جنيه إلى 550 ألف جنيه، بفضل زيادة التجميع المحلي الذي بلغ 60% من السوق.
أما السيارات المستعملة، فانخفض سعر تويوتا كورولا 2018 من 850 ألف جنيه إلى 650 ألف جنيه (24%)، ونيسان صني 2020 من 600 ألف جنيه إلى 450 ألف جنيه (25%).
وهذه الأمثلة تشمل أيضًا السيارات الكهربائية، مثل BYD Qin Plus EV، التي انخفض سعرها إلى حوالي 750 ألف جنيه بعد إعفاءات جمركية في يناير 2025، مع ارتفاع مبيعاتها بنسبة 39.5% في النصف الأول.
توقعات مستقبلية لسوق السيارات في مصر 2025
ويتوقع خبراء مثل أسامة أبو المجد من رابطة تجار السيارات، ستقرارًا نسبيًا في النصف الثاني من 2025، مدعومًا بزيادة الإنتاج المحلي في 19 مصنعًا جديدًا، بما في ذلك مصنع "بروتون" الماليزي.
ومع ذلك، قد ترتفع أسعار الفئات الفاخرة بنسبة 8-10% إذا استمر الضغط على الدولار، يحذر منتصر زيتون من شعبة السيارات بالغرف التجارية.
وينصح المستهلكون بشراء الآن، خاصة السيارات المستعملة التي تبدأ من 50 ألف جنيه لموديلات 2000، مع دعم التمويل المصرفي الذي خفضت فائدته إلى 24.25% في يونيو 2025.
تأثيرات الانهيار على الاقتصاد المصري والمستهلكين
ويعد هذا التراجع انتصارًا للمستهلك المتوسط، حيث أصبحت السيارات أكثر سهولة في الوصول، مما يعزز التنقل اليومي ويقلل الاعتماد على النقل العام المزدحم.
واقتصاديًا ساهم في نمو الناتج المحلي بنسبة 4.3% في الربع الأول، من خلال خلق فرص عمل في قطاع التجميع الذي أنتج 43 ألف سيارة في النصف الأول، كما أشارت بيانات أميك.
ومع ذلك، يشكو التجار من "أوفر برايس" متبقي يصل إلى 60 ألف جنيه في بعض العلامات التجارية، مما يحد من الرواج الكامل.
ويمثل عام 2025 نقطة تحول حاسمة لسوق السيارات المصري، حيث يوازن بين زيادة المعروض ورخص الاستيراد مع تحديات الدولار، ومع توقعات ببيع 140 ألف وحدة بنهاية العام، يعتمد الاستقرار على إصلاحات صرفية حكيمة، لتحويل هذا الانهيار إلى فرصة استثمارية مستدامة.