هل يبدأ الاقتصاد المصري انتعاش جديدة بعد رفع البنك الدولي لتوقعاته للنمو؟

في إشارة إيجابية جديدة تجاه الاقتصاد المصري، رفع البنك الدولي توقعاته لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العامين الماليين الحالي والمقبل، ليعكس تحسن مؤشرات الأداء الاقتصادي وثقة المؤسسات الدولية في المسار الإصلاحي الذي تتبناه الدولة.
وبحسب البيانات الصادرة عن البنك، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 4.3% خلال العام المالي 2025/2026، عن تقديرات يونيو الماضي، على أن يرتفع النمو إلى 4.8% في العام المالي 2026/2027.
ويرجع البنك الدولي هذه المراجعة الإيجابية إلى تحسن مناخ الاستثمار واستقرار السياسة النقدية وتراجع معدلات التضخم، فضلًا عن استمرار الحكومة في تنفيذ برامج الإصلاح الهيكلي التي تستهدف زيادة الإنتاجية ودعم دور القطاع الخاص في قيادة النمو.
وأكد التقرير أن مصر تمكنت خلال الأشهر الماضية من تعزيز احتياطياتها من النقد الأجنبي، وتحقيق توازن نسبي في ميزان المدفوعات، إلى جانب استقرار سعر الصرف وتحسن تدفقات رؤوس الأموال، وهي عوامل ساهمت في تقوية النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري، حيث بدأت القطاعات الإنتاجية والخدمية تستعيد نشاطها تدريجيًا، لا سيما قطاعات الصناعة والطاقة والسياحة، مدعومة بتحسن الطلب المحلي والخارجي، وعودة الثقة في الأسواق بعد تباطؤ موجات التضخم التي شهدتها البلاد خلال العامين الماضيين.
وفي هذا السياق، قال الدكتور أحمد حمدي، الخبير الاقتصادي، إن مراجعة البنك الدولي لتوقعاته “تعكس إدراك المؤسسات المالية العالمية لجدية الحكومة المصرية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، خاصة في ملف تحرير السوق وتعزيز تنافسية الصادرات”.
وأوضح حمدي في تصريحات خاصة لـ"سمارت فاينانس"، أن القرارات الأخيرة المتعلقة بخفض أسعار الفائدة ورفع كفاءة الإنفاق العام ساعدت في تحفيز بيئة الاستثمار، مشيرًا إلى أن استمرار السيطرة على التضخم واستقرار سعر الصرف سيكونان “العنصرين الحاسمين لضمان تحقيق النمو المستهدف”.
وأضاف أن البنك الدولي يراقب عن كثب أداء مصر ضمن اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما يعزز مكانة مصر كأحد أسرع الاقتصادات نموًا في المنطقة.
ويرى حمدي أن المرحلة المقبلة تتطلب “زيادة مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات الدولة، وتوسيع الشراكات مع المستثمرين الأجانب، لا سيما في مجالات التصنيع والطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية”، مؤكدًا أن هذه القطاعات قادرة على توفير زخم قوي للنمو وفرص عمل مستدامة.
وكانت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية قد أكدت في بياناتها الأخيرة أن مصر تستهدف رفع معدل النمو تدريجيًا ليصل إلى نحو 5% بحلول عام 2027، مدعومًا بزيادة الصادرات وتحسن الإنتاج الصناعي وارتفاع معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر.
ويأتي رفع البنك الدولي لتوقعاته في وقت تشهد فيه الأسواق المصرية حالة من الاستقرار النسبي بعد عامين من التحديات الاقتصادية العالمية، وسط تفاؤل بقدرة الاقتصاد المصري على تحقيق توازن بين الاستقرار المالي والتحفيز الاقتصادي خلال المرحلة المقبلة.