دلالات إيجابية للاقتصاد المصري في 2025.. ماذا يعني تراجع عجز الميزان التجاري؟

يشهد الاقتصاد المصري في عام 2025 تطورًا ملحوظًا مع تراجع عجز الميزان التجاري، مما يعكس نجاح السياسات الاقتصادية في مواجهة التحديات العالمية، ووفقًا لأحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، انخفض العجز التجاري خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، مدفوعًا بزيادة الصادرات وترشيد الواردات.
ويستعرض هذا التقرير، من سمارت فاينانس، أسباب هذا التراجع، تأثيراته على الاقتصاد المصري، وتوقعات المستقبل.
ما المقصود بعجز الميزان التجاري وأهميته لمصر؟
ويشير عجز الميزان التجاري إلى الفارق السلبي بين قيمة الواردات والصادرات السلعية لدولة ما، وهو مؤشر حيوي لتقييم صحة التجارة الخارجية.
وفي مصر، لطالما كان هذا العجز تحديًا بسبب الاعتماد الكبير على استيراد السلع الأساسية مثل القمح والطاقة، مقابل صادرات محدودة التنوع.
وتراجع العجز في 2025 يعني تحسنًا في التوازن التجاري، مما يقلل الضغط على الاحتياطي النقدي ويدعم استقرار الجنيه المصري، وهذا التحسن يعكس أيضًا قدرة مصر على تحسين تنافسيتها في الأسواق العالمية، خاصة في ظل اضطرابات مثل التوترات في البحر الأحمر التي أثرت على إيرادات قناة السويس.
أسباب تراجع عجز الميزان التجاري في 2025
ويعود هذا الإنجاز إلى عوامل متعددة، أبرزها النمو الملحوظ في الصادرات السلعية، وسجلت الصادرات زيادة تصل إلى 24% في بعض الأشهر، مدعومة بقطاعات مثل الملابس الجاهزة (ارتفاع 30.6%) ومنتجات البترول (12.2%).
كما شهدت الحاصلات الزراعية طفرة، حيث بلغت الصادرات 4.8 مليون طن في الأشهر الخمسة الأولى من 2025، بزيادة 500 ألف طن عن العام السابق، نتيجة فتح أسواق جديدة في آسيا وأفريقيا.
وعلى صعيد الواردات، ساهمت سياسات ترشيد الإنفاق في خفض الواردات غير الضرورية، خاصة القمح (انخفاض 44.8% في مارس) والحديد (41.8%)، ورغم ارتفاع واردات الغاز الطبيعي بنسبة 43.8% في يوليو، انخفض إجمالي الواردات بنسبة 2.4% إلى 9 مليارات دولار في نفس الشهر.
وهذه الجهود تأتي ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يشمل حوافز للصادرات، تعزيز الإنتاج المحلي، ودعم الأمن الغذائي.

وكذلك لعبت تحويلات المصريين بالخارج دورًا حاسمًا، حيث بلغت 36.5 مليار دولار في السنة المالية 2024/2025، بزيادة 14.6 مليار دولار، وفقًا لبيان البنك المركزي المصري في أكتوبر الجاري، وهذه التحويلات عززت السيولة النقدية ودعمت التوازن في ميزان المدفوعات.
استقرار ونمو
ويمتد تأثير تراجع العجز إلى تحسين ميزان المدفوعات، الذي سجل عجزًا محدودًا قدره 2.1 مليار دولار في السنة المالية 2024/2025، مقارنة بفائض 9.7 مليار دولار في العام السابق.
كما انخفض عجز الحساب الجاري بنسبة 25.9% إلى 15.4 مليار دولار، مدعومًا بارتفاع الإيرادات السياحية بنسبة 21% وتحسن دخل الاستثمار بنسبة 9.6%، وهذه التطورات عززت الاحتياطي النقدي، الذي تجاوز 40 مليار دولار، وساهمت في استقرار سعر الصرف.
واقتصاديًا يدعم هذا التحسن توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.2% في 2025، وفقًا للبنك الدولي.
كما يعزز الثقة في الاقتصاد المصري، مما يجذب استثمارات أجنبية مباشرة، خاصة في قطاعات الطاقة المتجددة والصناعات التحويلية.
التحديات المستقبلية والتوقعات
ورغم هذه الإنجازات، تواجه مصر تحديات مستمرة، مثل ارتفاع أسعار الطاقة العالمية وزيادة الواردات البترولية في بعض الأشهر، كما أن الاعتماد على الواردات الأساسية يتطلب استثمارات إضافية في الإنتاج المحلي لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
ومع ذلك، تتوقع الحكومة المصرية، عبر تصريحات وزير الاستثمار والتجارة حسن الخطيب، مواصلة خفض العجز ليصل إلى أدنى مستوياته منذ 2010، مع استهداف صادرات بقيمة 145 مليار دولار بحلول 2030 ضمن رؤية مصر 2030.
ويعد تراجع عجز الميزان التجاري في 2025 خطوة واعدة نحو تحقيق الاستدامة الاقتصادية في مصر، ومن خلال تعزيز الصادرات، ترشيد الواردات، ودعم الإصلاحات الهيكلية، تستطيع مصر تعزيز مكانتها كمركز تجاري إقليمي.
ومع اقتراب نهاية العام، تظل الأنظار متجهة نحو البيانات القادمة، التي قد تعزز هذا الاتجاه الإيجابي وتدعم رؤية مصر لتصبح اقتصادًا تنافسيًا عالميًا.