زلزال الذكاء الاصطناعي يهز سوق العمل المصري.. هل وظيفتك في خطر؟

يشهد سوق العمل المصري تحولات غير مسبوقة مدفوعة بتسارع وتيرة تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI)، وفقًا لتقرير حديث أصدره المركز المصري للدراسات الاقتصادية بعنوان "الذكاء الاصطناعي في مواجهة البشر".
ويحذر التقرير من تأثيرات جذرية على الوظائف في مصر خلال السنوات المقبلة، مما يستدعي إعادة تقييم شاملة للمهارات والتدريب.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض أبرز النتائج، والقطاعات الأكثر تأثرًا، والفرص المستقبلية.
تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل المصري
وتشهد مصر، كجزء من السباق العالمي لتطبيق الذكاء الاصطناعي، تغيرات هيكلية في سوق العمل، حيث يظهر التقرير تراجعًا ملحوظًا في الطلب على وظائف الياقات البيضاء (الوظائف الإدارية والمكتبية) بنسبة ملحوظة خلال الربع الثالث من عام 2025، بينما تشهد وظائف الياقات الزرقاء (الحرفية والمهنية) زيادة طفيفة.
وهذا التحول يعكس إعادة تشكيل واسعة لسوق العمل، حيث تحل الأنظمة الذكية محل المهام الروتينية، بينما تتزايد الحاجة إلى المهارات اليدوية والإبداعية التي يصعب على الخوارزميات محاكاتها.
القطاعات الأكثر تأثرًا بالأتمتة في مصر
وحددت الدراسة أربع مهن رئيسية تواجه تهديدات كبيرة من الذكاء الاصطناعي، مع نسب أتمتة مقلقة:
المحاسبة
وتعد مهام المحاسبة، مثل التسجيل، إعداد التقارير، والتدقيق، من أكثر المهام عرضة للأتمتة بنسبة 58%، وفي المقابل، تبقى الاستشارات المالية والتخطيط الاستراتيجي مجالات تعتمد على التحليل البشري، مما يجعلها أقل عرضة للاستبدال.
وهذا يدفع العاملين في هذا القطاع إلى تطوير مهاراتهم في التحليل المالي المتقدم.
الصحافة والإعلام
ويعتبر قطاع الصحافة والإعلام الأكثر تعرضًا لتأثيرات الذكاء الاصطناعي بنسبة 72%، حيث أصبحت مهام مثل التحرير، الترجمة، ونشر المحتوى قابلة للأتمتة بسهولة بفضل أدوات مثل كتابة النصوص الآلية.
ومع ذلك، تبقى المهارات التي تتطلب التحقق من المصادر، إجراء المقابلات الميدانية، والإبداع التحريري في مأمن نسبيًا.

الدعم الفني ومراكز الاتصال
وتواجه وظائف مراكز الاتصال، أو ما يعرف بـ"الكول سنتر"، تهديدًا كبيرًا بنسبة أتمتة تصل إلى 51%، وهذا يشكل تحديًا استراتيجيًا لمصر، التي تسعى لتكون مركزًا إقليميًا لخدمات التعهيد.
والأنظمة الذكية، مثل روبوتات الدردشة، تحل تدريجيًا محل المهام الروتينية في هذا القطاع.
السياحة والخدمات
ويشير التقرير إلى أن 56% من مهام السياحة والخدمات، مثل الحجز وتنظيم البرامج السياحية، يمكن أتمتتها، وهذا يضع ضغطًا على العاملين في هذا القطاع لتطوير مهارات جديدة، مثل تصميم تجارب سياحية مخصصة تعتمد على التفاعل البشري.
الذكاء الاصطناعي تهديد أم فرصة؟
وعلى الرغم من الأرقام المقلقة، يؤكد التقرير أن الذكاء الاصطناعي لا يهدف إلى إلغاء الوظائف بالكامل، بل إلى إعادة توزيع المهام.
والمهام الروتينية والمتكررة تستبدل بالأنظمة الذكية، بينما يعاد توجيه الجهد البشري نحو الإبداع، التفكير النقدي، والتفاعل الإنساني.
ويلخص التقرير هذا التحول بعبارة: "الذكاء الاصطناعي لا يسرق الوظائف، بل يكافئ من يتعلم بسرعة".
ويشير تقرير حديث من شركة "OpenAI" إلى أن 44 مهنة عالمية تواجه خطر الاستبدال بالكامل خلال العقد المقبل، وفي مصر، تبرز الحاجة الملحة لتطوير المهارات في مجالات مثل تحليل البيانات، البرمجة، والإبداع الإعلامي لمواكبة هذا التغيير.
مصر أمام مفترق طرق
وتواجه مصر خيارًا حاسمًا، أما الاستثمار الجاد في التدريب والتعليم التقني أو مواجهة نزيف تدريجي في الوظائف.
ويحذر التقرير من أن التردد في مواجهة هذا التحول قد يؤدي إلى تفاقم البطالة، خاصة في القطاعات الإدارية والخدمية.
وفي المقابل، يمكن أن يشكل الذكاء الاصطناعي فرصة ذهبية إذا تم استغلاله بشكل صحيح من خلال، تطوير المهارات التقنية، وتعزيز برامج التدريب في البرمجة، تحليل البيانات، وتصميم الأنظمة الذكية، وتشجيع الإبداع عن طريق التركيز على المهارات التي تعتمد على التفكير النقدي والابتكار، بالإضافة لإعادة هيكلة التعليم عبر تحديث المناهج الدراسية لتشمل الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته.
ويختتم التقرير بطرح سؤال جوهري: "هل تستعد لتغيير مجالك المهني قبل أن يغيرك الذكاء الاصطناعي؟" هذا السؤال يعكس الواقع الجديد الذي يفرضه الذكاء الاصطناعي على الأفراد والمؤسسات على حد سواء.
والاستعداد لهذا التحول يتطلب وعيًا بأهمية التعلم المستمر واكتساب مهارات جديدة تتماشى مع متطلبات سوق العمل المستقبلي.
ويظهر تقرير المركز المصري للدراسات الاقتصادية أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تهديد، بل فرصة لإعادة تشكيل سوق العمل المصري، ومن خلال الاستثمار في التدريب والتعليم، يمكن لمصر تحويل هذا التحدي إلى محرك للنمو الاقتصادي.