بنك قطر الوطني يتوقع خفضين جديدين للفائدة الأمريكية مع استمرار دورة التيسير النقدي
توقّع بنك قطر الوطني (QNB) أن يواصل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سياسة التيسير النقدي خلال الفترة المقبلة، مرجّحًا تنفيذ خفضين إضافيين في سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، ليصل المعدل إلى حوالي 3.5%.
ويستند هذا التوقع إلى مؤشرات تباطؤ التوظيف وانخفاض معدلات استغلال الطاقة الإنتاجية، وهي عوامل يراها البنك مبررًا واضحًا لمواصلة تخفيف السياسة النقدية دون التأثير على استقرار النمو الاقتصادي.
الفيدرالي يعود إلى مركز المشهد الاقتصادي العالمي
وأشار البنك في تقريره الأسبوعي إلى أن الاحتياطي الفيدرالي استعاد موقعه كأبرز عنصر مؤثر في الاقتصاد العالمي، بعد فترة سيطرت فيها المفاوضات التجارية والسياسات المالية على العناوين الاقتصادية. فقد تراجعت حالة عدم اليقين الاقتصادي بفضل الاتفاقات التجارية الجديدة، إضافة إلى تبنّي الإدارة الأمريكية إطارًا ماليًا أقل جدلًا، مما ساهم في تهدئة الأسواق وتخفيف الضغوط على النشاط الاقتصادي.
كما انحسرت المخاوف المتعلقة بالتضخم، بعدما تبين أن أثر الرسوم الجمركية الإضافية على الأسعار كان أقل بكثير مما توقّعته الأسواق، وهو ما دعم التوجه نحو مواصلة السياسة النقدية التيسيرية دون مخاوف من ارتفاعات تضخمية غير محسوبة.
انقسام داخل الفيدرالي بشأن مسار الفائدة
وأوضح التقرير أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة خفّضت سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أواخر الشهر الماضي، وذلك في إطار دورة التيسير المستمرة منذ سبتمبر 2024، والتي توقفت لمدة ثمانية أشهر قبل أن تُستأنف هذا العام. لكن هذه الخطوة كشفت عن انقسام داخلي بين صانعي القرار، حيث يرى بعض الأعضاء ضرورة الإبقاء على الفائدة عند مستوياتها الحالية، بينما تدعم مجموعة أخرى تخفيضات إضافية.
كما لاحظ التقرير وجود فجوة متزايدة بين توقعات الأسواق التي ترجّح استمرار الخفض، وبين التصريحات الرسمية لرئيس الفيدرالي جيروم باول، الذي قال إن التخفيضات الإضافية ليست مؤكدة بعد، وإن القرار سيعتمد على البيانات الاقتصادية المقبلة.
توقعات بخفضين: ديسمبر وبداية 2026
ورجّح بنك قطر الوطني أن يجري الفيدرالي تخفيضين جديدين في سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لكل منهما، أحدهما خلال ديسمبر 2025 والآخر مع بداية عام 2026، وهو ما يتوافق مع رؤيته بأن الفائدة الحالية البالغة 4% ما تزال مقيدة ماليًا مقارنة بالوضع الاقتصاد القائم.
وأشار التقرير إلى أن أسعار الفائدة الحالية تتجاوز "المستوى المحايد" بنحو 50 نقطة أساس، في وقت تظهر فيه بيانات سوق العمل والقطاع الصناعي انخفاضًا واضحًا في النشاط، ما يؤكد أن الاقتصاد الأمريكي يعمل أقل من طاقته الكاملة.
مجال لمزيد من التيسير دون مبالغة
واستنادًا إلى تحليلاته، رأى البنك أن هناك فرصة حقيقية لمزيد من التيسير النقدي، لكنّه اعتبر أن بعض توقعات الأسواق—التي ترجّح تخفيضات أكبر—تبدو "حادة للغاية" وغير متناسبة مع قوة الاقتصاد الأمريكي الحالية.
اقتصاد متكيف وصامد أمام التقلبات
وفي ختام التقرير، أكّد البنك أن الاقتصاد الأمريكي أظهر قدرة كبيرة على التكيف، إذ تباطأ تدريجيًا من نمو فاق 3% في عامي 2023 و2024 إلى نحو 2% هذا العام، دون مؤشرات على ركود أو تباطؤ حاد.
كما أبرز قوة الاستثمارات المدفوعة بزيادة الإنفاق الرأسمالي لشركات التكنولوجيا، خاصة تلك العاملة في مجالات الذكاء الاصطناعي، في حين يواصل الاستهلاك تباطؤه التدريجي، بينما تستفيد الأسر الأمريكية من أفضل وضع مالي صافٍ منذ عقود.

