الفوليرين.. مادة أغلى من الذهب بسعر 140 مليون دولار
في عالم النانوتكنولوجيا الذي يتسارع تطوره، يبرز الفوليرين كواحدة من أبرز الاكتشافات العلمية التي غيرت فهمنا للمواد الكربونية، وهذه المادة، التي تشبه كرة قدم عملاقة مصنوعة من ذرات الكربون، ليست مجرد ابتكار علمي، بل هي ثروة حقيقية بقيمتها الفلكية.
وتخيل مادة تباع بـ140 مليون دولار أمريكي لكل جرام واحد – أغلى من الذهب أو الماس بمئات المرات.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض الفوليرين، اكتشافه، أسباب سعره الباهظ، والتطورات الحديثة.
ما هو الفوليرين وخصائصه الفريدة؟
والفوليرين، المعروف علميًا باسم "الفوليرين" أو "البكي بول" (Buckminsterfullerene)، هو شكل من أشكال الكربون النقي الذي اكتشف في الثمانينيات.
ويتكون من 60 ذرة كربون مرتبة في هيكل كروي مثالي، يشبه كرة قدم، مما يمنحه خصائص فيزيائية وإلكترونية استثنائية، وهذه الخصائص تشمل القدرة على نقل الإلكترونات بكفاءة عالية، والاستقرار الكيميائي، والمرونة في التعديل الجزيئي.
وفي السنوات الأخيرة، تطورت التركيز نحو "الفوليرين الإندوهيدرالي" (Endohedral Fullerenes)، حيث يتم إغلاق ذرة أو جزيء داخل القفص الكربوني.
وعلى سبيل المثال، في حالة الفوليرين المحتوي على ذرة نيتروجين، يصبح الجزيء حاملًا للدوران الإلكتروني (spin) الطويل الأمد، مما يجعله مثاليًا للتطبيقات الكمومية.
وهذه المادة ليست مجرد مسحوق أبيض دقيق، بل هي بوابة لعصر جديد من الابتكارات، كما أكدت دراسات 2025 في مجلات علمية مرموقة.
تاريخ اكتشاف الفوليرين من الفضاء إلى المختبر
واكتشف الفوليرين لأول مرة في عام 1985 بواسطة علماء في جامعة رايس الأمريكية، بقيادة ريتشارد سموالي، روبرت كرل، وهارولد كروتو، الذين فازوا بجائزة نوبل في الكيمياء عام 1996.

وكان الاكتشاف مصادفة أثناء دراسة السحب الكونية، حيث وجدت هذه الجزيئات في الفضاء، أما النسخة الإندوهيدرالية، فبدأت في الثمانينيات المتأخرة، لكن الإنتاج التجاري الحقيقي بدأ في 2015 عندما باعت شركة "ديزاينر كربون ماتيريالز" (Designer Carbon Materials) التابعة لجامعة أكسفورد، 200 ملغ من N@C60 مقابل 110 مليون جنيه إسترليني (حوالي 167 مليون دولار آنذاك).
وحتى عام 2025، شهدت التكنولوجيا تقدمًا هائلًا في التركيب، حيث أصبحت الطرق أكثر كفاءة، مما خفض التكاليف قليلاً لكنه حافظ على القيمة العالية بسبب الندرة.
الفوليرين الإندوهيدرالي المادة الأغلى في العالم
ويعتبر الفوليرين الإندوهيدرالي المحتوي على ذرة نيتروجين (Nitrogen Atom-Based Endohedral Fullerenes) الأغلى على الأرض، بسعر يصل إلى 140 مليون دولار لكل جرام.
وهذا السعر ليس مبالغًا، إنه يعكس تعقيد عملية الإنتاج، التي تتطلب أفرانًا عالية الحرارة تصل إلى 3000 درجة مئوية، وتقنيات فصل جزيئي دقيقة.
وعلى سبيل المثال، يتم إنتاج كميات صغيرة جدًا – أقل من جرام واحد سنويًا عالميًا – مما يجعلها أندر من المعادن النادرة.
والدكتور كيرياكوس بورفيراكيس، عالم النانومواد في أكسفورد، وصفها بأنها "ثورة في الدقة الزمنية".
أسباب السعر الباهظ
ولماذا 140 مليون دولار؟، الإجابة تكمن في التحديات الإنتاجي، وعملية التركيب تشمل تفاعلات كيميائية معقدة مثل تفاعل "بينجل" (Bingel reaction)، التي تضيف مجموعات وظيفية إلى القفص الكربوني دون إتلاف الذرة الداخلية.
وبالإضافة إلى ذلك، الطلب المتزايد من الصناعات التكنولوجية يدفع الأسعار صعودًا.
ومع اقتراب نهاية 2025، يظل الفوليرين رمزًا للابتكار البشري، حيث يحول مادة بسيطة إلى ثروة بـ140 مليون دولار للجرام.
ومن التصوير الطبي إلى الحوسبة الكمومية، يعد بمستقبل أكثر دقة وأمانًا، ولكن التحدي يكمن في جعلها متاحة للجميع، بعيدًا عن الأثرياء فقط.