الشركات الصينية تغزو المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.. والاستثمارات تصل إلى مستوى ضخم
في ظل التوترات التجارية العالمية ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية، أصبحت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس قبلة المستثمرين الصينيين، حيث بلغت الاستثمارات الصينية فيها أكثر من 5.8 مليار دولار حتى نهاية نوفمبر 2025، لتشكل نحو 50% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية البالغة 11.6 مليار دولار خلال الأعوام الثلاثة والنصف الماضية.
وهذا الغزو الصناعي الصيني، الذي وصفه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بأنه "رابح استراتيجي"، يعكس تحولاً نوعياً في الشراكة المصرية-الصينية، مع تركيز على التصدير إلى أوروبا وأفريقيا، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض تفاصيل الاستثمارات الصينية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
الاستثمارات الصينية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس
وشهد عام 2025 ارتفاعاً دراماتيكياً في تدفق الاستثمارات الصينية، حيث بلغت قيمتها 5.7 مليار دولار في أول 11 شهراً، مقارنة بـ3 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام السابق، وفقاً لتقارير الهيئة.
وهذا الارتفاع يأتي مدفوعاً بـ125 مشروعاً صينياً مخصصاً للتصدير، مما يجعل الصين الثانية أكثر الجنسيات نشاطاً بعد المصريين في تدشين المشاريع داخل المنطقة.
وقال وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، في تصريحات حديثة أدلى بها خلال مؤتمر التعاون الاقتصادي مع مقاطعة جيانغسو الصينية: "نجحنا في جذب 11.6 مليار دولار على مدار 3.5 سنوات، 50% منها صينية، مع تركيز على الصناعات المتقدمة واللوجستيات".
وأضاف أن التعاون مع منطقة "تيدا" الصينية داخل المنطقة أسفر عن أكثر من 200 مشروع صناعي وخدمي ولوجستي باستثمارات تتجاوز 3 مليارات دولار، بينما تجاوزت الاستثمارات في منطقة القنطرة غرب الصناعية 700 مليون دولار.
وهذه الأرقام تؤكد على دور المنطقة كبوابة استراتيجية للصادرات الصينية، خاصة مع الرسوم الجمركية الأمريكية التي دفعت الشركات الصينية إلى نقل عملياتها إلى مصر، مستفيدة من موقعها الرابط بين آسيا وأوروبا عبر قناة السويس.
أبرز المشاريع الصينية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس 2025
وفي عام 2025، أبرمت الهيئة عشرات العقود مع شركات صينية، أبرزها عقد شركة "سايلون" بقيمة مليار دولار لتصنيع إطارات السيارات في العين السخنة، الذي يعد أحد أكبر المشاريع الصناعية في المنطقة.
كما وقعت شركة CJN عقداً لإنشاء مصنع أسمدة فوسفاتية بـ360 مليون دولار في مدينة سخنة، ضمن تطوير شركة السويدي للتنمية الصناعية، ومن بين المشاريع البارزة الأخرى:
مجمع شين فينج للصناعات المعدنية: بـ1.65 مليار دولار على 3.75 مليون متر مربع، يعد أكبر مجمع صناعي في المنطقة، ويستهدف التصدير إلى أسواق أوروبية.

مصنع هينيواى لأمتعة السفر: بـ50 مليون دولار في القنطرة غرب، يوفر 3000 فرصة عمل ويبدأ التشغيل في ديسمبر 2025، مع عملاء مثل Samsonite وDelsey.
عقود الغزل والنسيج: ثلاثة عقود مع "شاندونغ صن شل" و"زيجيانج شارمينج" بـ65.5 مليون دولار، لإنتاج 12 ألف طن من الأقمشة سنوياً، 90% للتصدير إلى أوروبا وأمريكا.
مصنع وينبيكس للإضاءة: بـ15 مليون دولار في السخنة، ينتج معدات إضاءة ويوفر 500 وظيفة، مع تصدير كامل الإنتاج.
كما وقعت ستة عقود جديدة في يوليو بـ118.1 مليون دولار لصناعة الملابس في نانجينغ وهانغتشو، بالإضافة إلى مشروع "شوانفينغ" للملابس الجاهزة بـ70 مليون دولار في القنطرة غرب.
وهذه المشاريع، التي تغطي قطاعات الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، تعكس تنوع الاستثمارات الصينية، مع تركيز على التصنيع المحلي والقيمة المضافة.
مصر تسعى لجذب المزيد من الاستثمارات الصينية في 2025
وأكد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية حسن الخطيب، في مقابلة مع وكالة "شينخوا" الصينية، أن مصر تكثف جهودها لجذب استثمارات صينية في القطاعات الصناعية والتكنولوجية، مشدداً على توسيع الإنتاج المشترك لدعم التصنيع المحلي والصادرات.
وأشار إلى أن الصين شريك استراتيجي، مع وجود أكثر من 2800 شركة صينية في مصر باستثمارات تتجاوز 8 مليارات دولار، تشمل مشاريع في العاصمة الإدارية الجديدة ومصانع السيارات.
وفي سياق متصل، دعا رئيس الوزراء مدبولي الشركات الصينية للاستثمار في السيارات الكهربائية وتحلية المياه داخل المنطقة، معتبراً إياها "موقعاً مثالياً" لمبادرة "الحزام والطريق".
وتوقع جمال الدين أن يشهد 2025 و2026 أعلى قيمة استثمارية في تاريخ الهيئة، مدفوعاً بمشروعات عملاقة مثل تلك في الطاقة الشمسية بالشراكة مع الإمارات والبحرين بـ220 مليون دولار.
الفوائد الاقتصادية والتحديات للاستثمارات الصينية في قناة السويس
وسهولة الإجراءات والإعفاءات الضريبية في المنطقة، إلى جانب موقعها الاستراتيجي، جعلاها منفذاً لمليارات المستهلكين، مما يعزز الاقتصاد المصري من خلال توفير عشرات الآلاف من فرص العمل وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وعلى سبيل المثال، توفر مشاريع 2025 أكثر من 50 ألف وظيفة مباشرة، وتدعم التصدير بنسبة 90%، مساهماً في تحقيق رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.
ومع ذلك، تواجه المنطقة تحديات مثل الحاجة إلى نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعات، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية التي قد تؤثر على سلاسل التوريد.
ويؤكد الخبراء أن الشراكة مع الصين، التي تضم اليوم 220 شركة صينية وتستهدف 1000 بحلول 2030، ستعزز من مكانة مصر كمركز صناعي إقليمي، شريطة تعزيز التنسيق الحكومي والخاص.
ويعد التواجد الضخم للشركات الصينية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس نموذجاً ناجحاً للشراكات الدولية، يعزز النمو الاقتصادي ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون، ومع اقتراب نهاية 2025، تتطلع مصر إلى مضاعفة هذه الاستثمارات، محولة قناة السويس إلى محور عالمي للتجارة والصناعة.