الحزمة الضريبية الثانية.. إصلاحات عميقة لحوكمة المنظومة وتوسيع القاعدة الضريبية وتحفيز الاستثمار
في إطار المساعي الحكومية لتحديث المنظومة الضريبية وترسيخ الشفافية وتعزيز الثقة بين الدولة والممولين، كشفت وزارة المالية ومصلحة الضرائب المصرية عن تفاصيل الحزمة الثانية من الحوافز الضريبية، والتي تأتي ضمن أربع حزم متتابعة تستهدف تحقيق توازن بين دعم الاستثمار وتوسيع القاعدة الضريبية وتسهيل الإجراءات على الشركات والأفراد.
أولًا: إصلاح تشريعي يعزز العدالة ويحد من تقديرات غير منضبطة
ركزت الحزمة على تطوير الإطار التشريعي للضرائب عبر حزمة من التعديلات أبرزها:
إلغاء المحاسبة التقديرية بالكامل من خلال حذف المادة (18) من قانون 91 لسنة 2005، بما ينهي أحد أهم أسباب النزاعات الضريبية ويضمن محاسبة عادلة وموحدة للممولين.
رفع حد الدخول المعفاة والمدعومة، وإعفاؤها من الإجراءات القانونية في إطار تعديل تشريعي لتحسين العدالة الضريبية.
التحول إلى ضريبة دمغة نسبية على تداول الأوراق المالية المقيدة بدلًا من ضريبة الأرباح الرأسمالية، بهدف تشجيع الاستثمار في البورصة وتحسين جاذبيتها.
ضريبة قطعية بنسبة 2.5% على التصرفات العقارية للأفراد مهما تكررت عمليات البيع، بما يسهم في تبسيط إجراءات التسجيل العقاري وإنهاء الجدل حول طبيعة نشاط الممول.
توحيد رسوم المغادرة ورسم مغادرة البلاد لمعالجة إشكاليات تطبيقية ونزاعات قائمة.

ثانيًا: إعفاءات واسعة للقطاع الإنتاجي والصناعات الحيوية
تتضمن الحزمة مجموعة من الإعفاءات والضوابط التي تستهدف تعزيز النشاط الصناعي وتخفيف تكاليف الإنتاج:
إعفاء السلع والخدمات اللازمة لتنفيذ المشروعات القومية من ضريبة القيمة المضافة، بشرط نقلها تحت المراقبة.
إعفاء كامل للآلات والمعدات والأجهزة الطبية لمدة عام من ضريبة القيمة المضافة.
تطبيق سعر ضريبة قيمة مضافة 0% على مستلزمات ومكونات إنتاج الدواء بدلًا من 14% سابقًا، بما يخفض التكلفة على المصانع ويحسن توافر الدواء.
إعفاء مكونات أجهزة الغسيل الكلوي ومعالجة المياه من الضريبة دعمًا للمنشآت الطبية وخدماتها الأساسية.

ثالثًا: حوافز جاذبة للبورصة والتوسع الاستثماري
في خطوة لدعم السوق المحلية وتشجيع القطاع الخاص على التوسع، أعلنت المالية عن حوافز جديدة تشمل:
حزمة مزايا ضريبية للشركات التي تُقيد حديثًا في البورصة لمدة 3 سنوات قابلة للمد حتى 6 سنوات إضافية وفق أداء الشركة ومعدلات النمو.
حوافز للخدمات المصدرة، مع إصدار دليل موحد جديد بعد إلغاء الكتب الدورية 6 و5 لسنة 2019 لضمان وضوح آليات المحاسبة.
السماح للشركات المشاركة في المشروعات القومية بخصم عوائد القروض واستثنائها من قيود سابقة، دعمًا للدور المتزايد للقطاع الخاص.
رابعًا: هيكلة شاملة لتسوية المنازعات وتيسير الإجراءات
استجابة لمطالب مجتمع الأعمال، أعلنت مصلحة الضرائب:
إطلاق تطبيق إلكتروني للتصرفات العقارية يسمح بالإخطار والدفع الفوري دون الحاجة لزيارة المأموريات.
تدشين مراكز خدمات ضريبية حديثة تعمل بها كوادر جديدة مؤهلة، بما يضمن سرعة وكفاءة الخدمة.
مسار خاص لتسوية المنازعات الضريبية بهدف إنهاء النزاعات العالقة وتقليل العبء على الشركات.
ربط إلكتروني لإجراءات إغلاق الشركات من خلال لجنة موحدة تُنهي الإجراءات خلال فترة زمنية محددة.
إطلاق دليل موحد لإجراءات الحجز الإداري لمنع التضارب وتحقيق الشفافية.
إصدار بطاقة رقمية ضريبية مؤقتة خلال 4 أشهر لتسهيل حصول المنشآت على خدماتها لحين استكمال الإجراءات.

خامسًا: رقمنة المنظومة وتوسيع قاعدة الممولين
التوجه للرقمنة يشكل محورًا أساسيًا في هذه الحزمة، وتشمل خطواته:
إطلاق منصة إلكترونية للمشورة الضريبية لتلقي ملاحظات الممولين على مشروعات القوانين.
ربط التسجيل الضريبي إلكترونيًا بالكامل مع توفير دعم فني مجاني للممولين.
إلزام جميع جهات الدولة بالتعامل فقط مع أصحاب البطاقة الضريبية، كخطوة حاسمة لدمج الاقتصاد غير الرسمي وتوسيع قاعدة المكلفين.
وتضع الحزمة الضريبية الثانية أسسًا متكاملة لإصلاح المنظومة عبر تشريعات أكثر عدالة، وحوافز أكثر جاذبية، ورقمنة أوسع، وتحديد واضح للمسؤوليات.
وتمثل الحزمة خطوة متقدمة نحو بناء نظام ضريبي حديث يسهّل الاستثمار ويخفض النزاعات ويضمن تحصيلًا عادلًا يساهم في استدامة المالية العامة ودعم النشاط الاقتصادي.

