رغم الركود في السوق.. شركات التمويل تطلب قروض مشتركة بسبب زيادة أسعار العقارات

سوق العقارات
سوق العقارات

في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة وتوقعات الركود في سوق العقارات المصري، يبرز اقتراح جريء من الاتحاد المصري للتمويل العقاري لإدخال آلية القروض المشتركة كحل لمواجهة الارتفاع الحاد في أسعار الوحدات السكنية والتجارية.

وهذا المقترح، الذي يقدم إلى الهيئة العامة للرقابة المالية، يهدف إلى منح الشركات مرونة أكبر في تمويل الصفقات الكبرى دون تجاوز الحدود القانونية، وسط نمو بنسبة 65.6% في التمويلات العقارية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025.

ومع ذلك، يظل السوق يعاني من فجوة بين الطلب والعرض، مما يثير تساؤلات حول مستقبله في عام 2026.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض وضع السوق العقارات المصري، ولماذا قد تلجأ شركات العقارات للقروض المشتركة لتغطية احتياجاتها.

مقترح الاتحاد المصري للتمويل العقاري

ويستعد الاتحاد المصري للتمويل العقاري، برئاسة محمد الكحكي، لتقديم مقترح رسمي إلى الهيئة العامة للرقابة المالية يسمح بإتاحة القروض المشتركة للعميل الواحد، سواء كان فردًا أو كيانًا تجاريًا.

ووفقًا لتصريحات الكحكي، فإن هذه الآلية ستسمح بتوزيع المخاطر على عدة جهات تمويلية، مما يتيح تمويل وحدات عقارية مرتفعة الثمن دون تحميل شركة واحدة عبئًا ماليًا هائلًا.

وأكد أيمن عبد الحميد، عضو مجلس إدارة الاتحاد ورئيس تنفيذي لشركة التعمير للتمويل العقاري، أن القانون الحالي يحد من التمويل لـ15% فقط من رأس مال الشركة، مما يعيق الصفقات الكبيرة في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار.

والاقتراح في مراحله النهائية، ومن المتوقع إرساله قريبًا، حيث يُنظر إليه كوسيلة لتعزيز السيولة في السوق ودعم المطورين العقاريين.

ويأتي هذا في وقت يشهد فيه السوق تحولًا نحو التمويلات الطويلة الأجل، تصل إلى 14 عامًا، لجذب المشترين الذين يعانون من ضغوط التضخم والفائدة المرتفعة.

ارتفاع أسعار العقارات في مصر 2025

وشهد سوق العقارات المصري ارتفاعًا قياسيًا في أسعار الوحدات خلال 2025، حيث قدرت الاستطلاعات ارتفاعًا سنويًا بنسبة 10-12%، مدفوعًا بزيادة تكاليف الإنشاءات وارتفاع أسعار مواد البناء.

واليوم، يصل متوسط سعر المتر المربع في المشروعات السكنية إلى 70-80 ألف جنيه، مع بدء أسعار الشقق من 3.5 مليون جنيه والفيلات من 20 مليون جنيه.

وفي الساحل الشمالي، أدت رسوم جديدة إلى رفع الأسعار بنسبة تصل إلى 15%، مما أشعل جدلًا بين المطورين والهيئات التنظيمية.

وفقًا لتقارير حديثة، لا توجد مؤشرات على انخفاض الأسعار قريبًا، رغم هبوط الفائدة وصعود الجنيه، حيث أدى التضخم والطلب من المصريين في الخارج إلى دفع الأسعار صعودًا.

كما أن شح المعروض، خاصة في الإسكان المدعوم، ساهم في تراجع القروض العقارية بنسبة 10.8% شهريًا بنهاية سبتمبر، مما يبرز الحاجة إلى أدوات تمويلية مرنة.

سوق العقارات
سوق العقارات

نمو قياسي رغم التحديات

وأصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية تقاريرها الشهرية التي تكشف عن نمو هائل في التمويلات العقارية، وبلغ إجمالي التمويلات الممنوحة 29.4 مليار جنيه خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، بزيادة 65.6% سنويًا، مع ارتفاع عدد العقود إلى 11,547 عقدًا بنسبة 51.1%.

وفي نوفمبر، ارتفع حجم التمويل في سبتمبر إلى 4.342 مليار جنيه، بزيادة 55.5% عن العام السابق، مع وصول عدد العقود إلى 1,707.

ومع ذلك، تراجعت إعادة التمويل بنسبة 10.8% إلى 2.933 مليار جنيه، مما يعكس تغيرات السوق وتركيز المشاريع على الإسكان المدعوم.

كما سجل إجمالي التمويلات غير المصرفية 954.2 مليار جنيه في الفترة نفسها، مع نمو 77.7% في التمويل العقاري خلال أول 8 أشهر.

وهذه الأرقام تؤكد الطلب القوي، لكنها تكشف أيضًا عن حاجة ماسة لتوسيع القدرات التمويلية.

ركود محتمل في 2026 وفجوة العرض والطلب

ورغم النمو، يعاني السوق من ركود نسبي، حيث توقع خبراء دخول مرحلة تباطؤ في 2026 بسبب ارتفاع الفائدة وصعوبة التملك.

ووصف المهندس إيهاب عمر، خبير التمويل العقاري، الوضع بأنه "ركود يتبعه كساد"، مع ارتفاع عدد العقود بنسبة 56% إلى 9,157 في 2025.

كما أن الفجوة بين العرض والطلب تقدر بآلاف الوحدات، مع تركيز المطورين على خطط الدفع الطويلة لجذب المستثمرين.

والأزمات المالية أجبرت بعض المطورين على طلب دعم حكومي أو قروض بنكية، مما يعزز الحاجة إلى القروض المشتركة.

وفي فبراير، سئل عن عروض أقساط تصل إلى 13 عامًا كحل للركود، مع نمو المبيعات إلى 2.5 تريليون جنيه في 2024.

فرصة لتحسين هيكل المخاطر

وأكد عبد الحميد أن التوجه نحو التمويل المشترك ضروري لمواجهة ارتفاع أسعار المقرات الإدارية والتجارية، التي لا تتناسب مع رؤوس أموال الشركات.

ويرى الكحكي أن هذا السماح سيوسع القدرات التمويلية، يحسن هيكل المخاطر، ويمنح المطورين سيولة مباشرة لتسريع التنفيذ وضخ استثمارات جديدة.

أما المستشار أسامة سعد الدين، مدير غرفة التطوير العقاري، فأكد عدم وجود مؤشرات لانخفاض الأسعار، مشددًا على الحاجة إلى مبادرات تمويلية بفائدة 7% لدعم محدودي الدخل.

دعم الاقتصاد وتسريع التنمية

وإذا تمت الموافقة على المقترح، من المتوقع أن يساهم في تقليل الركود، تعزيز الثقة في السوق، ودعم الاقتصاد من خلال زيادة الاستثمارات العقارية.

والتمويل العقاري، الذي يتيح شراء الوحدات عبر تقسيط طويل مقابل رهنها، سيصبح أكثر جاذبية، مما يساعد في سد الفجوة بين المواطن والسكن الملائم.

ومع توقعات ارتفاع الأسعار المستمر، يعد هذا الاقتراح خطوة استراتيجية للحفاظ على ديناميكية السوق في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية.

تم نسخ الرابط