رئيس مجلس الإدارة
مدحت بركات
رئيس التحرير
محمد الشواف
ads

الشمول المالي.. الانطلاق نحو الريادة والاقتصاد الرقمي

الثلاثاء 26/مارس/2019 - 04:35 م
طباعة
ads


تسعى العديد من دول العالم وعلى رأسها مصر إلى التحول لنظام المدفوعات الرقمية، والعمل على زيادة النمو وتعزيز الناتج الاقتصادي، ودعم الاقتصاد الوطني، وخفض معدلات الفقر، وتحسين مستوى معيشة الفرد.
وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي مرارًا وتكرارًا، أن إصلاح المشكلات الاقتصادية داخل مصر يتم وفقًا لرؤية مصرية خالصة تهدف إلى تحسين مستويات محدودي الدخال، والوصول إلى جميع المواطنين بالدولة، والعمل قدمًا وبكدٍ لمسايرة ركب الدول المتقدمة في جميع المجالات.
ووجه الرئيس السيسي، البنك المركزي المصري، باعتباره وحده المؤسسة التي تختص بالإشراف على القطاع المصرفي، وعلى نظام المدفوعات، وعلى استقرار النظام النقدي والمصرفي، بتبني منهج مستدام لإصلاح الاقتصاد المصري، وتدشين مرحلة جديدة من الشمول المالي، لدمج الاقتصاد غير الرسمي للأفراد والمؤسسات داخل الهيكل الاقتصادي الرسمي للدولة, كما تعمل المؤسسات المالية على تطوير خدماتها للأفراد كأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والمؤسسات أيضًا.

◄ معنى الشمول المالي
إتاحة جميع المنتجات المالية والخدمات البنكية حسب احتياجات كل فرد أو مؤسسة، ومنها: "حسابات التوفير، الحسابات الجارية، خدمات الدفع والتحويل، التأمين، التمويل والائتمان"، وغيرها من الخدمات المالية المختلفة، وذلك عبر القنوات الشرعية، مثل البنوك وهيئة البريد والجمعيات الأهلية وغيرهم، وبأسعار مناسبة للجميع، وسهلة الحصول عليها، مع مراعاة تامة لحماية حقوق المستهلك، وبما يضمن تجميع الفئات المهمشة ماليًا من أصحاب الدخل المنخفض، للتعامل مع الجهاز المصرفي.
كما تعمل خدمات المصرفية على إتاحة الفرص المناسبة لجميع الفئات لإدارة أموالهم ومدخراتهم بشكل بنكي سليم، وخضوعها للرقابة تجنبا لأي عمليات غسيل أموال أو نصب، أو فرض رسوم مجحفة ومبالغ فيها على المواطنين.

◄ أهمية الشمول المالي
ولعل السبب في أن مصر في حاجة ماسة للتحول من اقتصاد يعتمد على المدفوعات النقدية كوسيلة أساسية لتسوية المعاملات المالية والتجارية إلى نظام حديث ينهض على التسوية المصرفية والالكترونية والتي لا يمثل التعامل النقدي فيها سوى نسبة صغيرة ومحكمة، هو أن البلاد تمر بتحدي اقتصادي بالغ الأهمية، مما يدعم فكرة أن الشمول المالي سبب رئيسي ومفصلي بعملية النمو الاقتصادي للدولة والاستقرار المالي.

وتتمثل أهمية الشمول المالي في الآتي:
- يلعب دورًا اجتماعيًا لدعم محدودي الدخل والمرأة.
- دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
- يشجع على انضمام الأنشطة غير الرسمية للقطاع الرسمي بالدولة.
- يضمن وصول الخدمات المالية لجميع الفئات.
- إتاحة القروض متناهية الصغر لإقامة المشروعات.
- يحد من التهرب الضريبي.
- يعمل على تحسين كفاءة النظام المالي للدولة.
- يحد من التهرب الجمركي.
- يساهم الشمول المالي في مكافحة الجرائم المالية مثل غسيل الأموال وتجارة المخدرات أو تمويل أنشطة غير مشروعة.
- يُشجع على تبني ثقافة الادخار والاستثمار.
- دعم التنافسية بين مختلف المؤسسات المالية لتطوير منتجات أرخص وأسهل وتراعي مصلحة المستهلك.

◄ إجراءات حماية الدولة للفئة المستهدفة من الشمول المالي:
- العمل على التثقيف والتعليم المالي لجميع فئات الشعب.
- وضع دراسة لتقييم الخدمات المالية الحالية بالبنوك، لمعرفة مدى ملائمتها لمتطلبات المستهلك، وما هي الخدمات الجديدة.
- العمل على حماية المستهلك، ودعم قنوات الاتصال بين البنوك والمواطنين، لزيادة ثقة الشعب في القطاع المصرفي والمالي، وذلك عن طريق:
حصول العميل على معاملة عادلة وشفافة.
توفير الخدمات المالية بكل سهولة ودون تعقيدات وبتكلفة مالية مناسبة ومراعاة محدودي الدخل ومساعدتهم قدر الإمكان وتبسيط الإجراءات.
العمل على توفير المعلومات الكافية واللازمة وعرضها أمام العميل بكافة مراحل التعامل مع مقدمي الخدمات المالية المختلفة.
توفير خدمة الاستشارات في أي وقت في حالة احتاجها العميل ومساعدته في اتخاذ القرارات السليمة.
تدريب موظفي البنوك على كيفية التعامل مع العملاء.
الاهتمام بشكاوى العميل والعمل على حلها بكل حيادية وشفافية.
العمل دائمًا على تطوير الخدمات والمنتجات المالية تعتمد على الادخار والتأمين ووسائل الدفع المختلفة وأيضًا تسهيل إجراءات الإقراض لتلبية جميع فئات المجتمع.
حماية بيانات العملاء المالية.
إطلاع المستهلك على مزايا ومخاطر المنتج.
إبقاء المستهلك على علم بكافة التحديثات والتغييرات التي قد تطرأ على المنتجات والخدمات المالية بصورة منتظمة.
- العمل على إشراك الجھات الحكومية والقطاع الخاص والأطراف ذات العلاقة بالتثقيف المالي في استراتيجية وطنية لدعم الشمول المالي
- الاهتمام بمالكي المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتقديم الدعم لهم، خاصة المتعاملين الجدد من البنوك، مع أهمية مراعاة قلة الخبرات المالية لديهم ومساعدتهم على إدراك حقوقهم ومسئولياتهم.
- توفير برامج التوعية المناسبة للمستهلكين.

◄ كيف يتحقق نظام الشمول المالي
ترأس الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية في نوفمبر 2016، اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار، وانتهى الاجتماع إلى إصدار عدد من القرارات والتي من شأنها العمل على تحسين المناخ الاقتصادي في مصر، وتشجيع الاستثمار، ومن بين هذه القرارات إنشاء المجلس القومي للمدفوعات، وكان ذلك إيذانًا ببدء التطبيق العملي لبرنامج التحول للاقتصاد غير النقدي. 
وفي فبراير ٢٠١٧ صدر قرار رئيس الجمهورية بتشكيل المجلس القومي للمدفوعات وتحديد اختصاصاته، وأصدر المجلس عدة قرارات وتوصيات بشأن تفعيل البرنامج القومي لتحديث نظام المدفوعات وتحقيق الشمول المالي والتحول للاقتصاد غير النقدي، ومن بينها إعادة النظر في متطلبات وشروط وآليات فتح الحسابات المصرفية.
وتعمل الدولة جاهدةً على تعزيز الشمول المالي، وذلك من خلال عدة محاور:
- إنشاء المجلس القومي للمدفوعات
أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي، القرار الجمهوري، رقم 89 لسنة 2017، بإنشاء المجلس القومي للمدفوعات، والذي يتضمن مجلس إدارته 16 عضوًا منهم: رئيس مجلس الوزراء وينوب عن رئيس المجلس في حال عدم حضوره، ومحافظ البنك المركزي، ووزراء "الدفاع، والتخطيط، والإصلاح الإداري، والداخلية، والاتصالات، والعدل، والمالية"، ورئيسي جهاز المخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية، ونائب محافظ البنك المركزي المختص بنظم الدفع، ورئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، ورئيس مجلس إدارة أحد البنوك، ويصدر بتعيينه لمدة عامين قرار من المجلس بناءً على ترشيح محافظ البنك المركزي، ووكيل المحافظ، أو وكيل المحافظ المساعد للبنك المركزي المصري المختص بنظم الدفع ومستشار قانوني، ويصدر بتعيينه لمدة عامين قرار من المجلس، ومقرر للأعمال يحدده المجلس دون أن يكون له صوت معدود.

كما تم تحديد اختصاصات المجلس القومي للمدفوعات والتي تمثلت في الآتي:
• خفض استخدام أوراق النقد خارج القطاع المصرفي، ودعم وتحفيز استخدام الوسائل والقنوات الإلكترونية في الدفع بدلًا عنه.
• تطوير نظم الدفع القومية وأطر الإشراف عليها للحد من المخاطر المرتبطة بها لخلق نظم أمنة وذات كفاءة وفاعلية.
• العمل على تحقيق الشمول المالي بهدف دمج أكبر عدد من المواطنين في النظام المصرفي وضم القطاع غير الرسمي إلى القطاع الرسمي.
• تخفيض تكلفة انتقال الأموال وزيادة المتحصلات الضريبية.
• حماية حقوق مستخدمي نظم وخدمات الدفع وتحقيق تنافسية سوق خدمات الدفع وتنظيم عمل الكيانات القائمة ورقابتها، وذلك عبر اتخاذ قرارات محددة بإطار زمني أهمها إعداد مشروع قانون شامل لتطوير المعاملات غير النقدية، والالتزام بوضع حد أقصى لتلك المعاملات، فضلًا عن وضع تصور لإنشاء منظومة تكنولوجية متكاملة.
• إصدار القرارات للجهات المعنية فيما يتعلق بالهيكل العام لنظم الدفع القومية وأطر الإشراف عليها والإطار القانوني لنظم وخدمات الدفع في جمهورية مصر العربية، شاملًا اللوائح والقواعد المنظمة لها.
• يتولى المجلس القومي للمدفوعات تحقيق تحفيز المشروعات المتعلقة بمجال عمل المجلس، بما في ذلك مشروعات الدفع والتحصيل الحكومي.
• التأكد من تكامل المبادرات الحكومية المختلفة المرتبطة بأي عمليات دفع أو تحصيل الكتروني لتجنب أي ازدواجية في الاستثمارات اللازمة لتنفيذ تلك المبادرات.
• العمل على تكامل قواعد البيانات وتأمينها والتنسيق بين الجهات العاملة في جمهورية مصر العربية في حدود اختصاص المجلس ومتابعة تنفيذ أجهزة الدولة للقرارات والتوصيات التي تصدر عن المجلس.

- تهيئة بيئة تشريعية وبنية تحتية مالية
يتطلب التحول إلى الشمول المالي توافر بيئة تشريعية مناسبة تحدد الحقوق والواجبات، حيث يُعتبر القانون بمثابة الإطار الذي يتيح مواجهة الجرائم الإلكترونية مثل جرائم الاحتيال والاعتداء على البطاقة الائتمانية وأدوات الدفع الالكتروني، والتى تنص على: "يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر والغرامة التي لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في الوصول بدون وجه حق إلى أرقام أو بيانات بطاقات البنوك أو الخدمات أو غيرها من أدوات الدفع الالكترونية، فإن قصد من ذلك استخدامها فى الحصول على أموال الغير أو ما تتيحه من خدمات، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدي هاتين العقوبتين،  وتكون عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه، أو إحدي هاتين العقوبتين، إذا توصل من ذلك إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على تلك الخدمات أو مال الغير".

دور البنك المركزي في تعزيز الشمول المالي: 
• وضع القواعد والتشريعات اللازمة لتسهيل الإجراءات البنكية، والتي من بينها:
- إتاحة التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة.
- إتاحة التمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل.
- تقنين الخدمات عن طريق الهاتف المحمول مثل الدفع الالكتروني وصرف الرواتب، وسداد الفواتير والعمليات المالية الأخرى. 
- توسيع نطاق مقدمي الخدمة ليشمل مكاتب البريد والجمعيات الأهلية للوصول لأكبر عدد ممكن من المواطنين.
- إتاحة استقبال تحويلات المصريين من الخارج بأسلوب سهل وسريع ودون تعقيد.
• إنشاء إدارة مركزية تهدف إلى ترسيخ وتحسين مستوى الشمول المالي في مصر.
• تحفيز القطاع المالي خاصة البنوك على نشر الثقافة المالية.
• إبراز أھمية دور الاستعلام الائتماني وتطوير نظم الدفع.
• تشكيل لجنة تسيير أعمال تضم ممثلين من البنك المركزي والأطراف المرتبطة ذات الصلة لتحديد أولويات احتياجات البيانات المطلوب تجميعها، والجهات هي:
- الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
- وزارة المالية.
- الهيئة العامة للرقابة المالية.
- الصندوق الاجتماعي للتنمية.
- البنك الزراعي المصري.
- الشركة المصرية للاستعلام الائتماني.
- وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
- الهيئة القومية للبريد.
• نشر الثقافة والتوعية المالية حول أهمية الشمول المالي.
• التوجيه بإنشاء فروع صغير للبنوك لشمول قاعدة أكبر من العملاء.

◄ المبادرات الداعمة لمفهوم الشمول المالى:
أطلقت الدولة متمثلة في البنك المركزي المصري العديد من المبادرات التي تدعم مفهوم الشمول المالي وتعمل على إرساء هذا التوجه، ومن أهم هذه المبادرات:
- حساب لكل مواطن
في سبتمبر 2015 اتفق محافظو البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية على اختيار يوم 27 أبريل من كل عام، ليكون يوم الشمول العربي، وفي أبريل 2017 أطلق البنك المركزي المصري، مبادرة حساب لكل مواطن، وحث البنوك العاملة بالسوق المصري وعددها 39 بنكًا، على فتح حسابات للعملاء الجدد بدون مصاريف، وبدون حد أدنى، وخفض المصاريف السنوية على الحساب بواقع 50% على الأقل.
وكان هدف المبادرة تضمين أكبر عدد من فئات المجتمع في النظام المالي الرسمي، كما شدد البنك المركزي المصري، على جميع البنوك بضرورة التواجد في الأقاليم والمناطق النائية والمدارس والنوادي والجمعيات الأهلية لتوعية المواطنين بالمشاركة في المبادرة.

- التمويل العقاري
مبادرة أطلقها البنك المركزي المصري في فبراير 2014، وتم تخصيص 10 مليارات جنيه لمدة 20 عامًا وأسعار مخفضة للبنوك لإعادة إقراضها لمحدودي الدخل بسعر عائد متناقص بمشروعات الإسكان بالمجتمعات العمرانية.
كما سمحت المبادرة بالحصول على القرض بفائدة تتراوح بين 5% إلى 7% لمحدودي الدخل حسب دخل الفرد، و8% لمتوسطي الدخل و10.5% لفوق متوسطي الدخل بشرط ألا يتجاوز سعر الوحدة 950 ألف جنيه.
وبعدما لاقت مبادرة التمويل العقاري إقبالًا كبيرًا من المواطنين، قرر البنك المركز المصري رفع إجمالي الأموال المخصصة للمبادرة من 10 مليارات لـ20 مليار جنيه.

- تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة
في يناير 2016 أطلق البنك المركزي المصري مبادرة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشريحة 200 مليار جنيه بفائدة 5% متناقصة للمشروعات الصغيرة، وبفائدة 7% متناقصة للمشروعات المتوسطة لتمويل القطاعين الزراعي والصناعي، وبفائدة 12% متناقصة لتمويل المشروعات المتوسطة لتمويل رأس المال العامل للمشروعات الصناعية والزراعية والطاقة المتجددة.

◄ الارتباط بين الشمول المالي والاستقرار المالي
أكدت العديد من الدراسات الاقتصادية الحديثة عدم القدرة على تحقيق الشمول المالي، دون وجود استقرار مالي، وعرّف البنك المركزي "الاستقرار المالي": "هو أن يكون النظام المالي الذي يتضمن الوسطاء الماليين والأسواق والبنية التحتية للأسواق قادر على تحمل الصدمات وتحمل الاختلالات المالية، مما يخفف من احتمالية حدوث معوقات تحول دون إتمام عملية الوساطة المالية ويضعف إلى حد كبير من تخصيص المدخرات لفرص استثمارية مربحة".
وعادة ما تنشأ الأزمات الاقتصادية والمالية بالعديد من الدول بسبب عدم وجود استقرار مالي، لوجود خلل في سياسات البنوك المركزية، أو حدوث صدمات بالنظام المالي، والتي يمكن أن تتفاقم، ما يؤدي إلى انهيار الوساطة بين المدخرات وفرص الاستثمار، كما يؤثر ذلك بالطبع على الموازنة العامة للدولة، وبالتالي تذبذب وخلل سعر الصرف.
ومما سبق يمكن استنتاج أن الشمول المالي والاستقرار المالي يدعم كل منهما الآخر.
- أسباب عدم استقرار النظام المالي: 
• تباين المعلومات وعدم معرفة مصدرها.
• وجود بعض العوامل والتي من شأنها التأثير في الاقتصاد الكلي والموازنة العامة.
• العوامل الخارجية والتي تتمثل في بنية الأسواق المالية الدولية التي قد ينتج عنها أزمات أسعار الصرف.
• وجود سياسات غير مستقرة وضعف قواعد الحوكمة.
وتشير بعض الدراسات الاقتصادية الحديثة إلى أن ضعف النظام المالي يؤكد أن الأسواق الناشئة تكون أكثر عرضة لحدوث أزمات بسبب عدم رغبة المستثمرين الاستثمار في سندات الدين المقومة بالعملة المحلية للدولة.
وتأكيدا لارتباط الشمول المالي بالاستقرار المالي, فالشمول المالي يساعد على رفع مستوى معيشة الفقراء، وتحسين كفاءة عملية الوساطة بين الودائع والاستثمارات، فضلًا عن تعزيز القطاع المالي الرسمي على حساب القطاع غير الرسمي.
ويسعى البنك المركزي المصري إلى تحقيق نطاق أوسع من الشمول المالي في الودائع المصرفية، ما يؤدي إلى استقرار قاعدة الودائع وبالتالي تحسين مرونة التمويل والاستثمار بالقطاع المصرفي بما يؤثر بشكل إيجابي على أوضاع السيولة وبالتالي يدعم الاستقرار المالي بشكل عام.
ومن ضمن فوائد ومميزات الشمول المالي أيضا، توجيه الأرصدة الخامدة إلى استخدامات أكثر إنتاجية وتحويلها إلى ودائع تدر عائد.
- مكتسبات الاستقرار المالي:
• خلق قطاع مالي أكثر تنوعًا وله قاعدة ودائع تجزئة مستقرة.
• تنوع محفظة قروض العملاء، وبالتالي تخفيف المخاطر النظامية.
• التقبل من مخاطر عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.
• القدرة على تعزيز الاستقرار الاقتصادي.
• تعزيز ثقة المستهلك في القطاع المالي، مما يجعله أكثر إقبالًا.
• الاستقرار المالي يؤثر بشكل إيجابي على: التضخم، أسعار العائد، كمثال، بما ينعكس إيجابيًا على تخفيض أسعار السلع.
• سهولة اتاحة الخدمات المالية للفقراء بأسعار معقولة.

◄ الارتباط بين الشمول المالي والنزاهة المالية
يعتبر التنفيذ غير السليم للمعايير الدولية للنزاهة المالية، من أهم العوامل المسببة لاستبعاد قطاع يقدر بالملايين من أصحاب الدخل المحدود من الخدمات المالية، وذلك بسبب امتناع البنوك والمؤسسات المالية عن التعامل معهم، لعدم اكتمال بياناتهم، وبالتالي فلن يكون هناك ملجأ أمام هؤلاء إلا التوجه نحو الخدمات المالية غير الرسمية، مما يؤثر بالطلع على التقدم الاجتماعي والاقتصادي، فضلا عن إعاقة الجهات الرقابية لتتبع هذه الأموال، مما يفتح أبوابا لممارسة التجارة غير المشروعة، وغسيل الأموال، وتمويل الارهاب.
وينصح خبراء الاقتصاد بضرورة أن تتسم المعايير الدولية لمكافحة جرائم الأموال ببعض المرونة، مما يمكن من تنفيذ القوانين وتهيئة أدوات الرقابة الفعالة والمناسبة دون أن تؤثر بصورة سلبية على وصول الخدمات المالية لأصحاب الدخول المنخفضة.

◄ أهمية خدمات الدفع عن طريق الهاتف المحمول في تعزيز الشمول المالي
يهتم البنك المركزي المصري بتطوير الخدمات المصرفية المقدمة للمستهلكين والحرص على مواكبة التطورات الحديثة الجارية في العالم، وذلك بشأن تقديم الخدمات البنكية عبر الإنترنت أو عن طريق الهاتف المحمول.
وبالرغم من الترحاب الشديد والقبول بالتوسع في تقديم الخدمات المالية المختلفة عبر الإنترنت والهاتف المحمول، لتحقيق ودعم الشمول والمالي وتقليل التكلفة المقترنة بتقديم الخدمات، إلا أن ذلك يعد تحديًا كبيرًا أمام الجهات الرقابية المختلفة، والتي تشدد على ضرورة المواءمة بين مزايا نظم الخدمات المصرفية الالكترونية وبين الحفاظ على المتطلبات الرقابية السليمة خاصة ما يتعلق بسرية الحسابات البنكية ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وكخطوة جادة نحو التحول لتقديم الخدمات البنكية عبر الإنترنت والهاتف المحمول، فقد أصدر البنك المركزي المصري في نوفمبر 2016 الإصدار الجديد للقواعد المنظمة لخدمات الدفع باستخدام الهاتف المحمول.
وحدد البنك المركزي المصري المقصود بخدمات الدفع الالكترونية، وتشمل:
1- تحويل الأموال بين حسابات العملاء باستخدام الهاتف المحمول.
2- دفع الفواتير.
3- إصدار وسائل دفع بما في ذاك إصدار نقود إلكترونية.
4- إصدار وإدارة البطاقات البلاستيكية.
5- إدارة شبكات الصرفات الآلية ونقاط البيع.
6- أية خدمات أخرى مثيلة.

وتمثل حزمة القواعد والإجراءات خطوة إيجابية نحو التوسع في استخدام خدمات الدفع الرقمية وخطوة نحو تحقيق المزيد من الشمول المالي، تعمل على تحقيق الآتي:
ـ تقديم جميع أنواع خدمات الدفع والتحصيل الالكتروني.
ـ توسيع نطاق مقدمي الخدمة ليشمل البريد وفروع الشركات والجمعيات الأهلية.
ـ تقديم خدمات مالية جديدة عبر الهاتف المحمول، مثل صرف الرواتب، وتحصيل الفواتير، وسدادا الأقساط، وغيرها.

ووصل عدد المشتركين فى خدمة تحويل الأموال عبر المحمول لنحو 9.2 مليون عميل، منذ إطلاق مبادرة الشمول المالي، في يوليو 2017.

◄ شروط تقديم البنك لخدمات الإنترنت المصرفي:
حدد البنك المركزي المصري الشروط الآتية لتقديم أي بنك بالسوق المصرفي المصري، لخدمات الإنترنت البنكي، وتمثلت في الآتي:
1- موافقة مجلس إدارة البنك على استراتيجية تقديم الخدمات عن طريق الإنترنت، والمخاطر المتعلقة بذلك، والأساليب المقترحة للتعامل معها.
2- إعداد نماذج عقود لمختلف الخدمات الإلكترونية.
3- توفير العمالة الكافية والمؤهلة للتعامل مع هذه الخدمات.
4- في حالة وجود أطراف خارجية مقدمة للخدمات، فيتعين موافقة مجلس إدارة البنك على التعاقدات معها، بما في ذلك ضوابط الحفاظ على السرية.
5- الإفصاح للبنك المركزي عن خضوع كافة المعاملات للقانون المصري.
6- الالتزام بالتحقق من شخصية طالب الخدمة.

◄ ضوابط إجراء المدفوعات عبر الإنترنت
- عدم السماح للعملاء الجدد، أي من لا يملكون بالفعل حسابا مصرفيًا، بفتح حساب باستخدام القنوات الالكترونية، وضرورة تقديم كافة قواعد التعرف على هوية العملاء بالبنوك الصادرة عن وحدة مكافحة غسل الأموال.
- ضرورة حصول البنك على توقيع يدوي من العميل الراغب في الاشتراك بخدمات الإنترنت البنكي على كافة النماذج والعقود التي تحتوي على بياناته الأساسية والشروط الرئيسية للتعاقد.
- التزام البنوك بالتحقق من هوية كل من يصرح لهم بالتعامل على حساب العميل، وكذلك بالتدقيق في طلب إجراء أي تعديل على بيانات الحساب.
- عند إجراء تعديل في بيانات الحساب باستخدام الوسائل الالكترونية، يجب أن يكون ذلك باتباع وسائل إثبات هوية العميل المبينة حصرًا في القواعد الصادرة من البنك المركزي.
- بالنسبة لتحويل الأموال عن طريق الانترنت البنكي، فيلزم وضع حد أقصى يومي لحجم المعاملات التي تتم في إطار الضوابط التي يحددها البنك المركزي.
- ضرورة قيام البنك بوضع النظم والآليات التي تحفظ سرية حسابات العملاء، وتحافظ على سلامة النظام، وتضمن تنفيذ ضوابط مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
- نصت الضوابط الصادرة من البنك المركزي على البنود التي يجب أن يتضمنها عقد تقديم خدمات الإنترنت المصرفي بين البنك وعملائه.

◄ ضوابط المدفوعات عبر الهاتف المحمول
- عدم جواز قيام البنك بإصدار وحدات نقود الكترونية إلا بعد الحصول على موافقة البنك المركزي.
- يدير البنك المرخص له نظامًا لإدارة سجلات النقود الالكترونية.
- يتم استبدال وحدات النقود الالكترونية بذات قيمة النقد بالجنيه المصري المقابلة لها، ولا يصدر البنك الوحدات الالكترونية إلا في حدود ما يحتفظ به من إيداعات نقدية لهذا الغرض، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يتجاوز ما يصدره البنك منها ٥٪ من رأسماله المدفوع أو ٥٠ مليون جنيها أيهما أقل.
- ضرورة اتخاذ البنك لكافة إجراءات التعرف على العميل، والاحتفاظ بكل الوثائق الخاصة بالحساب وفقًا للمدد القانونية المقررة، وعليه الحصول على كافة المستندات التي تسمح لآخرين بالتعامل على الحساب والتحقق من هوياتهم.
- تلتزم البنوك بالتأكد بصفة دورية من حيازة صاحب حساب الهاتف المحمول لنفس رقم هاتفه.
- لا يجوز منح مستخدم النظام أو مقدم الخدمة أي ائتمان بأي شكل مقابل وحدات النقود الالكترونية.
- ضرورة التحقق من هوية من يقوم بتغذية الحساب إن كان شخصًا غير صاحب الحساب.
- يتعين على البنك وضع حد أقصى للرصيد والعمليات اليومية والشهرية بحيث لا يتجاوز الحد الأقصى اليومي للسحب والتحويل 6 آلاف جنيها، ولا يتجاوز الحد الشهري 50 ألف جنيهًا للأشخاص الطبيعيين، ولا يتجاوز رصيد الحساب 10 آلاف جنيه.
ومع ذلك، وفقًا لقواعد البنك المركزي المنظمة لتقديم خدمات الدفع باستخدام الهاتف المحمول والصادرة في نوفمبر ٢٠١٦، يجوز استثناء مستخدمي النظام الذين خضعوا لإجراءات التحقق من الهوية من هذه الحدود وهو ما يوحي بأن النظام يسمح بالتعامل مع عملاء دون التحقق من هويتهم.
وينص القسم الرابع من قواعد التعرف على هوية العملاء في البنوك الصادرة عن وحدة مكافحة غسل الأموال في ٢٠١١ على ضرورة أن يقوم البنك بالتعرف على هوية العميل والتحقق منها في أحوال مدرجة مثل حالة بدء إقامة علاقة مع عميل أو إجراء عملية عارضة بقيمة تجاوز ٣٠ ألف جنيه وهو ما يشير إلى وجود حالات نادرة يسمح فيها للبنك بعدم الالتزام بقواعد التعرف على هوية العميل.
- ضرورة حصول البنك على توقيع يدوي للعميل على العقد الخاص بتقديم خدمات الانترنت المصرفي ــــ باستثناء من قام مسبقا بالموافقة كتابيا على النظام – على أن يتضمن العقد البنود المحددة بالضوابط الصادرة من البنك المركزي.
- بالنسبة لمقدمي الخدمة من الغير، فيلزم على مقدم الخدمة المصرح له بذلك من البنك المركزي أن يتعرف على هوية طالب الخدمة والتحقق منها، واستلام النماذج وتسجيلها، والتوعية بالخدمة، والحصول على النقد من مستخدم الخدمة وتسليمه إليه، وعلى مقدم الخدمة ارسال مستندات التعرف على العميل إلى البنك.

◄ مؤتمرات وفاعليات الشمول المالي
انطلاقًا من تعزيز ودعم الشمول المالي، والسعي في زيادة الوعي بالخدمات المالية والتثقيف المالي لجميع فئات المجتمع، تم إطلاق العديد من المؤتمرات والفاعليات الداعمة للشمول المالى، ومنها:

ـ مؤتمر الشمول المالي بشرم الشيخ عام 2017
عُقد خلال الفترة من 13 إلى 15 سبتمبر 2017 بمدينة شرم الشيخ تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، وشارك به 94 دولة و119 مؤسسة عالمية.

ويعد هذا المؤتمر هو الأول من نوعه في الشرق الاوسط، وجرى العرف على عقده كل عام في بلد مختلف، ويمثل لقاءً بالغ الأهمية لصناعي السياسات المالية بمختلف دول العالم، لعرض جهود ومبادرات الدول الأعضاء في مجال الشمول المالي.
- اليوم العربي للشمول المالي:
في عام 2015 اتفق مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية على تخصيص يوم 27 أبريل من كل عام يومًا عربيًا للشمول المالي.
وفي 2017 بادر البنك المركزي المصري في مد فعاليات هذا اليوم لمدة أسبوع انطلاقًا من توسيع مفهوم الشمول المالي، والعمل على توسيع قاعدة المتعاملين مع البنوك والمؤسسات المالية والتوعية بأهمية استخدام الخدمات المصرفية والاستفادة منها.

ـ مؤتمر التكنولوجيا المالية شمال أفريقيا 2018
في فبراير 2018، وتحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، استضافت مصر ولأول مرة مؤتمر التكنولوجيا المالية "سيملس شمال أفريقيا"، وشارك به 500 مشترك من مختلف دول العالم، 50 خبير عالمي فى التكنولوجيا المالية، فضلًا عن شركات التكنولوجيا والتي عرضت تقنياتها المبتكرة في التكنولوجيا المالية.
وتضمن المؤتمر 3 محاور رئيسية هي: "التكنولوجيا المالية، وأنظمة المدفوعات، والتجارة الإلكترونية".

ونتج عن المؤتمر عدة توصيات، كان من أهمها: 
ـ دراسات إنشاء أول بنك رقمي في مصر، ما يعنى إتمام جميع العمليات المصرفية عبر الهاتف المحمول.
- إصدار أول بطاقة مصرية ذكية ذات علامة تجارية وطنية للكاش والشراء بالتعاون مع شركة بنوك مصر للتقدم التكنولوجي.
واقترب موعد إصدار هذه البطاقة وذلك عقب انتهاء البنك المركزي من إجراءات الإصدار، وسيتم تفعيل البطاقة الذكية المصرية بمجرد صدورها، ومن خلالها سيتم إصدار معاشات تكافل وكرامة والمعاشات والحيازات الزراعية، ولن تكون  البطاقة المصرية بديلاً عن فيزا وماستر كارد وإنما ستتولى القيام ببعض العمليات للمحافظة على عدم خروج البيانات خارج مصر.
هل تعتقد تحسن المنظومة الطبية في مصر بعد زيادة مرتبات الأطباء وجهود الدولة في الحفاظ على صحة المصريين؟

هل تعتقد تحسن المنظومة الطبية في مصر بعد زيادة مرتبات الأطباء وجهود الدولة في الحفاظ على صحة المصريين؟