مصر تخسر مليارات في تصدير المواد الخام.. والدولة تنتبه وترسم خطة رد الأعباء للإنقاذ

مصر تخسر مليارات
مصر تخسر مليارات في تصدير المواد الخام

تمتلك مصر ثروات طبيعية هائلة، من الذهب والفوسفات إلى الجلود والحاصلات الزراعية، لكن تصدير هذه الموارد في صورتها الخام يكبد الاقتصاد خسائر تقدر بمليارات الدولارات سنويًا.

ويعد هذا الاستنزاف نتيجة ضعف القيمة المضافة الناتجة عن التصنيع المحلي، مما يحرم البلاد من فرص اقتصادية ووظائف جديدة.

ولمواجهة هذه التحديات، أطلقت الحكومة المصرية استراتيجية طموحة تتضمن مبادرة "رد الأعباء التصديرية" لدعم الصناعات التحويلية وتعزيز التنافسية في الأسواق العالمية.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض ما تخسره مصر من تصدير المواد الخام، وخطة الدولة لوقف هذا الأستنزاف.

خسائر تصدير المواد الخام: الأرقام تحكي

وتتمتع مصر باحتياطيات معدنية كبيرة، تشمل 6.7 مليون أوقية من الذهب في الصحراء الشرقية، 48 مليون طن من التنتاليت (رابع أكبر احتياطي عالمي)، وموارد وفيرة من الفوسفات والحديد.

ومع ذلك، فإن تصدير هذه الموارد دون تصنيع يقلل من عائداتها بشكل كبير.

وعلى سبيل المثال، تصدر مصر 70% من الذهب على شكل خام، بينما تشكل المشغولات الذهبية 30% فقط من الصادرات، مما يحد من الأرباح مقارنة بتصنيع المجوهرات.

وفي قطاع الجلود، تستمر مصر في تصدير الجلود الخام بأسعار منخفضة، بينما تستورد المنتجات الجلدية المصنعة بتكاليف باهظة.

وكذلك تصدير الحاصلات الزراعية الخام، مثل القطن والفواكه، يقلل من العائدات مقارنة بتحويلها إلى منسوجات أو منتجات غذائية مصنعة.

وتشير التقديرات إلى أن هذا النمط يكلف مصر مليارات الدولارات سنويًا، مع تفويت فرص خلق وظائف وتعزيز الصناعة المحلية.

الحاصلات الزراعية المصرية
الحاصلات الزراعية المصرية

الخطة المصرية لوقف الاستنزاف

وللحد من هذه الخسائر، وضعت الحكومة المصرية استراتيجية تهدف إلى تعزيز الصناعات التحويلية وحظر تصدير المواد الخام دون تصنيع.

وفي إطار هذه الاستراتيجية، أطلق برنامج "رد الأعباء التصديرية" الجديد لعامي 2025-2026، بقيمة 38 مليار جنيه، قبل زيادتها إلى 45 مليار دولار، مع تخصيص 7 مليارات جنيه كموازنة مرنة لدعم القطاعات الواعدة.

وأكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أن البرنامج يستهدف رفع الصادرات إلى 100 مليار دولار سنويًا، مع التركيز على قطاعات مثل الصناعات الكيماوية، الملابس الجاهزة، والمنتجات الغذائية.

وتتضمن الخطة إصلاحات تشريعية، مثل قانون الثروة المعدنية (145 لسنة 2019)، الذي يحدد نسبة إتاوة تتراوح بين 5% و20% على الخامات المعدنية، مع تشجيع الاستثمار في التصنيع.

كما تسعى مصر إلى زيادة صادرات الذهب والمعادن بنسبة 15% سنويًا حتى 2030، من خلال إنشاء مدن صناعية متخصصة، مثل مدينة الذهب في العاصمة الإدارية.

مبادرة رد الأعباء التصديرية

وتعتمد مبادرة رد الأعباء التصديرية على تعويض المصدرين عن تكاليف الإنتاج والشحن، مثل الرسوم الجمركية والضرائب، لتعزيز تنافسية المنتجات المصرية.

كما تم تصميم البرنامج بالتعاون مع 13 مجلسًا تصديريًا، لضمان استهداف القطاعات ذات الأولوية، مثل الزراعة، الملابس، والصناعات الهندسية.

ويعد البرنامج فرصة لإعادة تموضع المنتجات المصرية عالميًا، خاصة في أسواق الخليج، إفريقيا، وأوروبا.

وعلى سبيل المثال، تستهدف مصر تحويل صادرات الذهب بالكامل إلى مشغولات ذهبية خلال السنوات الأربع المقبلة، لتصبح ضمن أكبر 10 دول مصدرة بحلول 2028.

كما تخطط لتصدير 15 مليون طن من الأسمنت الفائض، بدلاً من تصدير المواد الخام المستخدمة في إنتاجه.

وتسعى مصر من خلال مبادرة رد الأعباء التصديرية والإصلاحات التشريعية إلى تحويل ثرواتها الطبيعية إلى رافعة اقتصادية مستدامة.

والتركيز على الصناعات التحويلية سيقلل من خسائر تصدير المواد الخام، ويعزز العائدات، ويخلق فرص عمل، ومع استمرار الدعم الحكومي والشراكات الدولية، تستعد مصر لتحقيق طفرة تصديرية بحلول 2030.

تم نسخ الرابط