هل تصبح مصر مركزًا إقليميًا لحلول الذكاء الاصطناعي؟

في خطوة تعكس التحول الرقمي العميق الذي تشهده مصر، أظهرت دراسة حديثة صادرة عن مؤسسة "كي بي إم جي" العالمية أن مصر احتلت المركز الثالث عالميًا من بين 47 اقتصادًا، من حيث ثقة المواطنين في أنظمة الذكاء الاصطناعي، وذلك بعد نيجيريا والهند، متقدمة على دول كبرى مثل الصين، والإمارات، والسعودية.
وبحسب الدراسة، فإن نسبة الثقة في الذكاء الاصطناعي في مصر بلغت 71%، فيما وصلت نسبة القبول المجتمعي إلى 61%، في حين يستخدم 84% من المصريين الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل، وهي نسب تتجاوز المتوسطات العالمية، التي لم تتخط 58% في الاستخدام، و53% في الثقة.
تركيبة سكانية داعمة
في هذا السياق، قال الدكتور أحمد فوزي، الخبير في التكنولوجيا والتحول الرقمي، إن التركيبة السكانية في مصر، والتي يغلب عليها فئة الشباب، تمثل عاملًا محوريًا في تصاعد الثقة المجتمعية بالتقنيات الذكية، مشيرًا إلى أن هذه الفئة العمرية أبدت مرونة ملحوظة في التعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، خاصة في مجالات مثل التسويق الرقمي، والتجارة الإلكترونية، وتطبيقات الاتصالات الذكية.
وأضاف فوزي في تصريحات خاصة، أن هذا التوجه لا يعكس فقط تفاعلًا مع تطور التكنولوجيا، بل استجابة واقعية لاحتياجات اقتصادية وخدمية ملحّة، حيث بدأت المؤسسات تدرك أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفًا تقنيًا، بل ضرورة لخفض التكاليف، وزيادة الكفاءة، وتحسين جودة الخدمات.
رؤية 2030 تقود التحول
وأوضح أن هذا الزخم الرقمي يتناغم مع توجهات الدولة في إطار رؤية مصر 2030، التي تضع التحول الرقمي والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في قلب خطط الإصلاح الإداري والاقتصادي، مشيرًا إلى أن المؤسسات الحكومية والخاصة بدأت في دمج هذه التقنيات بشكل فعلي، لا سيما في مجالات التعليم والرعاية الصحية والخدمات العامة.
وأكد الدكتور فوزي أن القبول المجتمعي الواسع يمثل رأسمالًا اجتماعيًا يجب البناء عليه سريعًا، مع ضرورة تسريع دعم الابتكار المحلي، والاستثمار في تطوير كوادر بشرية قادرة على إنتاج وتطويع الحلول الذكية، لا سيما باللغة العربية وللأسواق الإقليمية.
وختم فوزي بالقول: "مصر أمام فرصة تاريخية لتكون مركزًا إقليميًا لصناعة الذكاء الاصطناعي وخدمات الأوتسورسينج الرقمية، بشرط أن تتوافر بيئة تشريعية مرنة، واستثمارات موجهة نحو التعليم التكنولوجي، ودعم الشركات الناشئة".
تشير مؤشرات عدة إلى أن مصر تمر حاليًا بمرحلة تحول رقمي واسعة النطاق، مدفوعة برؤية وطنية واضحة لدمج الذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات الحياة، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، وقد شهدت السنوات الأخيرة توسعًا ملحوظًا في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم الرقمي، والتجارة الإلكترونية، وخدمات العملاء، والخدمات المصرفية، مدعومًا باستثمارات متزايدة في البنية التحتية التكنولوجية، كما تنفذ الدولة الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، التي أُطلقت بهدف تعزيز الإنتاجية، ودعم البحث العلمي، وتحقيق التنمية المستدامة.
وتُعد مصر من الدول التي تراهن على الذكاء الاصطناعي كوسيلة لتجاوز تحديات اقتصادية مزمنة، أبرزها تحسين جودة الخدمات الحكومية، وخفض النفقات التشغيلية، وتطوير القدرات البشرية، في ظل تنامي سوق العمل الرقمي عالميًا.