مصر تقلب الطاولة.. أوراق اقتصادية قوية تملكها القاهرة في وجه صندوق النقد الدولي

مصر وصندوق النقد
مصر وصندوق النقد الدولي

في قلب التحديات الاقتصادية العالمية، تقف مصر بثبات كدولة تملك أوراق قوة متعددة، تمكنها من التفاوض بثقة مع مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي، وليست هذه الأوراق مجرد أرقام، بل هي تعبير عن إرادة شعب وجهود حكومة تسعى لتحقيق استقرار اقتصادي مستدام.

ومن زيادة تحويلات المصريين بالخارج إلى انتعاش عائدات الصادرات والسياحة، ومن صفقات استثمارية ضخمة إلى عودة مرتقبة لإيرادات قناة السويس، تبرز مصر كقوة اقتصادية واعدة.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض هذه الأوراق بعمق، لتسليط الضوء على كيفية استغلال مصر لهذه الموارد لتعزيز موقعها في المشهد الاقتصادي العالمي.

تحويلات المصريين بالخارج رافد اقتصادي متجدد

وتشكل تحويلات المصريين العاملين بالخارج أحد أهم مصادر النقد الأجنبي لمصر، حيث شهدت قفزات غير مسبوقة في السنوات الأخيرة.

و وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، بلغت تحويلات المغتربين في الربع الأول من عام 2025 نحو 8.33 مليار دولار، بزيادة سنوية قدرها 84.4% مقارنة بـ5 مليارات دولار في الفترة ذاتها من 2024. وعلى مدار الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2024/2025، وصلت التحويلات إلى 26.4 مليار دولار، محققة نموًا بنسبة 83%.

وهذه الأرقام تعكس تأثير الإصلاحات الاقتصادية، خاصة توحيد سعر الصرف في مارس 2024، الذي أعاد الثقة في النظام المصرفي وساهم في عودة الأموال إلى القنوات الرسمية.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تصل هذه التحويلات إلى 42 مليار دولار بحلول 2028، مدعومة باستقرار سعر الصرف وسياسات تعزيز الثقة في القطاع المصرفي.

الصادرات والسياحة محركات النمو الاقتصادي

وتعد الصادرات والسياحة من أبرز أوراق القوة التي تملكها مصر، ففي الربع الأول من 2025، حققت مصر فائضًا تجاريًا مع 83 دولة، مما يعكس تحسنًا ملحوظًا في الأداء التجاري.

ورغم توقعات صندوق النقد الدولي بتراجع طفيف في حصيلة الصادرات السلعية إلى 33.2 مليار دولار في العام المالي 2024/2025، إلا أن التوقعات تشير إلى ارتفاعها إلى 35.6 مليار دولار في العام التالي، مدعومة بانخفاض قيمة الجنيه الذي يعزز التنافسية.

أما قطاع السياحة، فقد شهد أداءً استثنائيًا، حيث وصفه خبراء بأنه "أفضل سنة في تاريخ مصر"، ومع ذلك، يتوقع صندوق النقد تراجعًا طفيفًا في إيرادات السياحة إلى 12.6 مليار دولار في 2024/2025، مع توقعات بتحسن تدريجي.

وهذه الأرقام تؤكد أن السياحة والصادرات ليستا مجرد مصادر دخل، بل أدوات حيوية لتعزيز استقرار العملة وتقليل الضغط على ميزان المدفوعات.

صندوق النقد الدولي
صندوق النقد الدولي

صفقات كبرى واستثمارات تغير المشهد

وتعد الصفقات الاستثمارية الكبرى، مثل صفقة تطوير مدينة رأس الحكمة، من العوامل التي عززت تدفقات النقد الأجنبي، ففي عام 2024، استقبلت مصر استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 46 مليار دولار، مدعومة بإجراءات توحيد سعر الصرف وحوافز استثمارية مثل الرخص الذهبية.

كما أطلقت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس جولات ترويجية في يوليو 2025، استهدفت جذب استثمارات في قطاعات المنسوجات، السيارات الكهربائية، والخدمات اللوجستية.

ومن الأمثلة البارزة، خطة شركة "كريستال العالمية" لإقامة مصنع بمنطقة القنطرة غرب باستثمارات تتراوح بين 250 و300 مليون دولار، مما سيوفر 30-35 ألف فرصة عمل، وهذه الصفقات تعزز الثقة في الاقتصاد المصري وتدعم استقراره على المدى الطويل.

عودة قناة السويس الشريان الاقتصادي

وعلى الرغم من التحديات الإقليمية التي أثرت على إيرادات قناة السويس، مثل التوترات في البحر الأحمر، تظل القناة أحد أهم أوراق القوة المصرية.

وتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع إيرادات القناة إلى 6.3 مليار دولار في 2025/2026، مع توقعات بقفزة إلى 11.9 مليار دولار بحلول 2029/2030، بنمو نسبته 88.9%.

وهذا الانتعاش يعزى إلى توسيع القناة في 2025، الذي زاد قدرتها الاستيعابية بمقدار 6-8 سفن يوميًا، وتحسين التعامل مع حالات الطوارئ، كما شهدت القناة نجاحات تشغيلية في 2025، مثل عبور سفن عملاقة مثل "CMA CGM JULES VERNE" و"BYD XI'AN"، مما يعكس استعادة مكانتها كمركز لوجستي عالمي.

وتملك مصر في جعبتها أوراق قوة اقتصادية تجمع بين تحويلات المغتربين، وعائدات الصادرات والسياحة، صفقات استثمارية ضخمة، وإيرادات قناة السويس المتنامية، وهذه العناصر، مدعومة بإصلاحات اقتصادية جريئة مثل توحيد سعر الصرف، تعزز موقع مصر في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، الذي وافق مؤخرًا على صرف الشريحة الرابعة بقيمة 1.2 مليار دولار في مارس 2025.

ورغم التحديات الإقليمية والعالمية، تظل مصر قادرة على تحقيق استقرار اقتصادي ونمو مستدام، مستندة إلى هذه الأوراق التي تجمع بين الموارد البشرية والاقتصادية والاستراتيجية.

تم نسخ الرابط