تدفق الخير لا يتوقف.. مصر تستهدف استثمارات هندية بملياري دولار

تتطلع مصر إلى استقطاب استثمارات هندية جديدة بقيمة تتجاوز ملياري دولار بحلول نهاية عام 2026، وهذا الهدف يأتي في سياق تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، التي شهدت زخمًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، مدفوعةً برؤية مشتركة لتعزيز التعاون في قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، الصناعات الكيماوية، وتكنولوجيا المعلومات.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض أبرز التفاصيل حول هذا الهدف الطموح، وكيف تسعى مصر لتكون مركزًا إقليميًا للاستثمارات الهندية في إفريقيا والشرق الأوسط.
زخم اقتصادي متصاعد بين مصر والهند
وتشهد العلاقات الاقتصادية بين مصر والهند تطورًا ملحوظًا، حيث أصبحت مصر وجهة مفضلة للشركات الهندية التي ترى في السوق المصري فرصًا استثمارية واعدة، ووفقًا لتصريحات خالد أبو المكارم، رئيس مجلس الأعمال المصري الهندي، فإن مصر تستهدف جذب استثمارات هندية بقيمة تزيد عن ملياري دولار خلال الـ18 شهرًا القادمة، مع التركيز على قطاعات مثل الصناعات الكيماوية، والأجهزة الكهربائية، والبتروكيماويات، والأغذية.
وهذا التوجه يعكس استراتيجية مصر لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث بلغت الاستثمارات الهندية الحالية في مصر حوالي 3.5 مليار دولار، وفقًا لسفير الهند بالقاهرة، سوريش كي ريدي.
قطاعات استثمارية واعدة
وتتركز الاستثمارات الهندية المستهدفة في قطاعات استراتيجية تدعم رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، وعلى رأس هذه القطاعات تأتي الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، حيث أعلنت شركتان هنديتان كبيرتان، "رينيو باور" و"أوسيور إنرجي"، عن خطط لضخ استثمارات تصل إلى 12 مليار دولار لإنشاء محطات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بهدف تشغيل مصانع الهيدروجين الأخضر.
وهذه المشروعات تهدف إلى تلبية الطلب المحلي المتزايد وفتح آفاق تصديرية نحو أوروبا، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة النظيفة.
كما تشمل الاستثمارات المستهدفة قطاعات الصناعات الكيماوية والأسمدة، حيث تعتزم شركة "إندوراما" الهندية استثمار 600 مليون دولار في مشروع لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية بالعين السخنة، بالتعاون مع شركة فوسفات مصر.
ومن المتوقع أن يبدأ المصنع الإنتاج خلال عامين بطاقة سنوية تصل إلى 600 ألف طن، وإلى جانب ذلك، هناك اهتمام متزايد من الشركات الهندية بإنشاء منطقة اقتصادية هندية داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مما يعزز التعاون بين الشركات الناشئة في البلدين.

دعم حكومي وشراكة استراتيجية
وتعزز الحكومة المصرية هذه الاستثمارات من خلال تهيئة بيئة مواتية للأعمال، تشمل تحسين البنية التحتية، وتسهيل الإجراءات الاستثمارية، وتقديم حوافز للمستثمرين الأجانب.
وقد أشاد سوريش كي ريدي بالإجراءات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة المصرية لدعم المستثمرين، مما عزز ثقة الشركات الهندية في السوق المصري.
وفي سياق تعزيز العلاقات الثنائية، وقع الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إعلانًا مشتركًا في منتصف 2023 لرفع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، مع التركيز على تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي.
رفع التبادل التجاري إلى 12 مليار دولار
وإلى جانب الاستثمارات، تسعى مصر والهند إلى زيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى 12 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، مقارنة بـ4.2 مليار دولار في 2024.
وفي هذا الإطار، أكدت القائمة بأعمال السفير الهندي، سي سوشما، أن حجم التبادل التجاري سيصل إلى 5 مليارات دولار بنهاية 2025، مع خطط لتوسيع التعاون في قطاعات التعدين، والأسمدة، والبنية التحتية.
وهذا الطموح يعكس التكامل الاقتصادي بين البلدين، حيث تستفيد مصر من موقعها الجغرافي الاستراتيجي وقناة السويس، بينما توفر الهند خبراتها التكنولوجية والصناعية.
والإمكانات الهائلة التي تتمتع بها مصر، مثل السوق الاستهلاكي الضخم الذي يتجاوز 100 مليون نسمة، والبنية التحتية المتطورة، تجعلها وجهة جذابة للشركات الهندية.
ومع استمرار التعاون الوثيق بين مصر والهند، يبدو أن الهدف بجذب استثمارات بقيمة ملياري دولار بحلول 2026 ليس مجرد طموح، بل خطوة مدروسة في إطار شراكة استراتيجية طويلة الأمد.
وتركيز الاستثمارات على قطاعات الطاقة النظيفة والصناعات التحويلية يعزز من دور مصر كمركز إقليمي للإنتاج والتصدير، بينما يفتح آفاقًا جديدة للشركات الهندية في السوق الإفريقي والأوروبي.