باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية

هل يدفع قرار البنك المركزي خفض الفائدة الاستثمارات المباشرة للقفزة الكبرى؟

الاستثمارات المباشرة
الاستثمارات المباشرة في مصر

في خطوة طال انتظارها، أعلن البنك المركزي المصري، أمس الخميس 28 أغسطس 2025، خفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بنسبة 2%، لتصل إلى 22% للإيداع و23% للإقراض، في إطار الاجتماع الخامس للجنة السياسة النقدية خلال العام.

وهذا القرار، الذي جاء مدعومًا بانخفاض معدلات التضخم وتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، أثار تساؤلات واسعة حول تأثيره على جذب الاستثمارات المباشرة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية، فهل يمكن أن يكون خفض الفائدة مفتاحًا لتحفيز تدفقات رأس المال الأجنبي والمحلي؟ أم أن هناك عوامل أخرى تتحكم في هذا المشهد؟.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض تأثير هذا القرار ومدى قدرته على تعزيز الاستثمار المباشر في مصر.

سياق اقتصادي واعد

وجاء قرار البنك المركزي المصري بخفض الفائدة بنسبة 200 نقطة أساس مدفوعًا بتطورات إيجابية في الاقتصاد المحلي. فقد أظهرت بيانات البنك انخفاض معدل التضخم السنوي إلى 13.9% في يوليو 2025، مقارنة بـ14.9% في يونيو، مع توقعات باستمرار هذا الانخفاض ليتراوح بين 14% و15% خلال العام.

كما شهدت مصر نموًا اقتصاديًا ملحوظًا، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي معدل نمو قدره 5.4% في الربع الثاني من 2025، مدعومًا بقطاعات الصناعات التحويلية غير البترولية والسياحة.

وإضافة إلى ذلك، تراجع معدل البطالة إلى 6.1%، وارتفعت التحويلات الخارجية للمصريين العاملين بالخارج إلى 36.5 مليار دولار في العام المالي 2024/2025، بزيادة 66.2% عن العام السابق.

تأثير خفض الفائدة على الاستثمارات المباشرة

ويعد خفض أسعار الفائدة أداة نقدية تقليدية لتحفيز النمو الاقتصادي، حيث يقلل من تكلفة الاقتراض، مما يشجع الشركات والمستثمرين على التوسع في المشروعات الجديدة.

ويتوقع أن يسهم هذا القرار في تعزيز مناخ الاستثمار العام، خاصة في قطاعات مثل العقارات، البورصة، والصناعات التحويلية، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي انخفاض تكلفة التمويل إلى زيادة الطلب على القروض لإنشاء مصانع جديدة أو توسيع المشروعات القائمة، مما يعزز الاستثمارات المباشرة المحلية.

ومع ذلك، فإن تأثير خفض الفائدة على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة قد يكون أكثر تعقيدًا، فعلى الرغم من أن انخفاض الفائدة يجعل الاقتراض أرخص، إلا أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تعتمد على عوامل أخرى مثل الاستقرار السياسي، والبنية التحتية، والإصلاحات الهيكلية.

وتشير بعض التحليلات إلى أن الحفاظ على أسعار فائدة مرتفعة نسبيًا قد يكون ضروريًا لجذب استثمارات أجنبية في أدوات الدين الحكومية، خاصة مع خطط الحكومة المصرية لإصدار صكوك سيادية بقيمة مليار دولار بين سبتمبر وأكتوبر 2025، وهذا التوجه قد يدفع البنك المركزي إلى الحذر في قرارات الخفض المستقبلية لتجنب خروج رؤوس الأموال الأجنبية.

البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري

رؤى الخبراء بين التفاؤل والحذر

وتتباين آراء الخبراء حول تأثير القرار، فمن جهة، يرى محللون، أن خفض الفائدة بنسبة 2% سيحفز البورصة والقطاع العقاري من خلال تقليل تكاليف التمويل، مما يشجع المستثمرين على ضخ استثمارات جديدة، وتدعم هذه الرؤية توقعات مؤسسة “فيتش سوليوشنز” التي ترى أن استمرار خفض الفائدة تدريجيًا سيؤدي إلى معدلات أقل تصل إلى 21% بنهاية 2025، مما يعزز النمو الاقتصادي.

في المقابل، حذر خبراء من أن خفض الفائدة المبكر قد يؤدي إلى خروج تدفقات نقدية أجنبية، خاصة إذا لم يتم موازنته مع إجراءات لتعزيز الثقة في الجنيه المصري، حيث أشاروا إلى أن المنافسة الإقليمية على جذب رؤوس الأموال قد تجعل الحفاظ على فائدة مرتفعة خيارًا استراتيجيًا في المدى القصير.

نظرة مستقبلية

وعلى الرغم من الإيجابيات المحتملة لخفض الفائدة، فإن هناك تحديات قد تحد من تأثيره على جذب الاستثمارات المباشرة، فالتوترات الجيوسياسية في المنطقة، وتقلبات أسعار السلع العالمية، وتغيرات أسعار الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والغاز، قد تعيد التضخم إلى الارتفاع، مما يضع ضغوطًا على السياسة النقدية.

ومع ذلك، فإن تحسن سعر صرف الجنيه، وتأجيل زيادات أسعار الخدمات العامة، ومبادرات الحكومة لخفض أسعار السلع بنسبة 10-20%، تعزز من فرص نجاح هذا القرار في تحفيز الاستثمار.

ويعد قرار البنك المركزي المصري بخفض الفائدة 2% في 28 أغسطس 2025 خطوة جريئة في اتجاه تعزيز النمو الاقتصادي وتحفيز الاستثمارات المباشرة، ومع ذلك، فإن نجاح هذه الخطوة يتطلب موازنة دقيقة بين تحفيز الاقتصاد المحلي وجذب رؤوس الأموال الأجنبية.

ومع استمرار تحسن المؤشرات الاقتصادية، مثل انخفاض التضخم وزيادة التحويلات الخارجية، يبدو أن مصر تسير على الطريق الصحيح لتعزيز جاذبيتها الاستثمارية، ولكن يظل الحذر ضروريًا لمواجهة التحديات العالمية والمحلية التي قد تؤثر على هذا المسار.

تم نسخ الرابط