هل يتراجع سعر الدولار إلى 40 جنيها؟

الجنيه المصري أمام
الجنيه المصري أمام الدولار

يظل سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري محور اهتمام المواطنين والمستثمرين على حد سواء، ومع بداية الربع الأخير من عام 2025، تتعدد التوقعات حول مستقبل العملة الخضراء في مصر، وسط تساؤلات ملحة: هل يمكن أن يتراجع الدولار إلى مستوى 40 جنيهًا كما يأمل البعض؟ أم أن التحديات الاقتصادية ستدفع السعر إلى آفاق جديدة؟.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض أحدث التوقعات بناءً على تحليلات المؤسسات الدولية والخبراء الاقتصاديين.

الوضع الحالي لسعر الدولار

وحتى اليوم، الإثنين 1 سبتمبر 2025، يحوم سعر الدولار في البنوك المصرية حول مستوى 48.28 جنيهًا، مع حد أقصى يصل إلى 49.00 جنيه وحد أدنى عند 47.56 جنيه.

يأتي هذا الاستقرار النسبي بعد قرار البنك المركزي المصري في مارس 2024 بتحرير سعر الصرف، مما أدى إلى قفزة كبيرة في قيمة الدولار من حوالي 30.94 جنيه إلى ما يقارب 50 جنيهًا، قبل أن يشهد تراجعًا طفيفًا بفضل تدفقات النقد الأجنبي من مشروع رأس الحكمة وحزم الدعم الدولية.

هل يمكن أن يسجل الدولار 40 جنيهًا؟

وأثار الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ومساعد مدير صندوق النقد الدولي الأسبق، تفاؤلًا كبيرًا بتصريحاته الأخيرة، حيث توقع تراجعًا تدريجيًا لسعر الدولار أمام الجنيه خلال السنة المالية الحالية (2025/2026) ليقترب من مستوى 40 جنيهًا أو أقل، مقتربًا من القيمة العادلة للجنيه.

وأكد الفقي أن الجنيه المصري مقوم حاليًا بأقل من قيمته الحقيقية بنحو 30%، مشيرًا إلى أن السعر العادل للدولار يجب أن يكون حول 35 جنيهًا بدلاً من 50 جنيهًا.

وربط الفقي هذا التراجع المتوقع بانتعاش مصادر النقد الأجنبي، بما في ذلك زيادة الصادرات السلعية إلى 54 مليار دولار، ونمو تحويلات المصريين بالخارج إلى 40 مليار دولار، وارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 35 مليار دولار، مدعومة بمشروعات كبرى مثل مشروع شركة قطرية في منطقة علم الروم بقيمة 4 مليارات دولار.

الدولار والجنيه
الدولار والجنيه

كما توقع الفقي أن تصل عائدات السياحة إلى ما بين 18 و20 مليار دولار، مع افتتاح المتحف الكبير وتطوير مدينة العلمين الجديدة، إضافة إلى ارتفاع إيرادات قناة السويس إلى 9 مليارات دولار بحلول يونيو 2026.

دعم الخبراء لتوقعات الفقي

ويدعم تصريحات الفقي عدد من الخبراء الاقتصاديين، حيث أكد الدكتور ياسر شويته، الخبير الاقتصادي، أن تراجع الدولار إلى 40 جنيهًا سيناريو قابل للتحقيق، مشيرًا إلى أن الجنيه المصري بدأ في الانتعاش منذ منتصف أبريل 2025، بدعم الإصلاحات الاقتصادية التي تؤتي ثمارها.

وأوضح شويته أن انخفاض مؤشر الدولار عالميًا بنسبة 11% خلال 2025، إلى جانب تدفقات استثمارية تجاوزت 9 مليارات دولار إلى سوق الدين المصري، يعززان هذا الاتجاه الإيجابي.

كما أشار الفقي إلى أن مرونة سعر الصرف، التي يتبناها البنك المركزي المصري، تتيح للجنيه استعادة قيمته تدريجيًا مع زيادة تدفقات النقد الأجنبي.

وأكد أن السياسة النقدية الحالية، بما في ذلك خفض أسعار الفائدة من 28.25% إلى 23.25%، مع توقعات بمزيد من التخفيض إلى 12-14% بنهاية السنة المالية، ستدعم استقرار العملة وتعزز الثقة في الاقتصاد.

العوامل الداعمة لتراجع الدولار

وتتعدد العوامل التي تدعم توقعات تراجع الدولار إلى مستويات قريبة من 40 جنيهًا، ومنها:

  • تدفقات النقد الأجنبي: حزم الدعم الدولية، بما في ذلك 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي و7.4 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب استثمارات مشروع رأس الحكمة، عززت الاحتياطيات الأجنبية إلى أكثر من 57 مليار دولار بحلول أواخر 2024.
  • تحسن المؤشرات الاقتصادية: انخفاض التضخم من 28.3% في 2024 إلى 16.8% المتوقع في 2025 يخفف الضغط على الجنيه ويعزز قيمته.
  • زيادة الصادرات والسياحة: التوقعات بارتفاع الصادرات السلعية وإيرادات السياحة تدعم تدفقات الدولار، مما يعزز استقرار سعر الصرف.
  • تراجع السوق الموازية: تقلص الفجوة بين السعر الرسمي والموازي من 70 جنيهًا في يناير 2024 إلى أقل من 50 جنيهًا، مما يعكس تحسن السيولة الدولارية.

تحديات محتملة

ورغم التفاؤل، حذر بعض الخبراء، مثل الدكتور محمد فؤاد، من أن هبوطًا حادًا للدولار إلى 40 جنيهًا قد يؤدي إلى خروج "الأموال الساخنة"، مما يشكل مخاطر على الاقتصاد.

كما أن الأسعار المحلية قد لا تنخفض بشكل فوري بسبب الاعتماد على مخزونات مستوردة بتكاليف مرتفعة، ومع ذلك، يرى الفقي أن التراجع التدريجي سيضمن الاستقرار دون صدمات اقتصادية.

وتوقعات تراجع الدولار إلى ما دون 40 جنيهًا، كما أشار الدكتور فخري الفقي، تمثل بارقة أمل للاقتصاد المصري، مدعومة بتحسن ملحوظ في تدفقات النقد الأجنبي ومؤشرات الاقتصاد الكلي.

ومع استمرار الإصلاحات الاقتصادية وزيادة الاستثمارات والصادرات، يبدو هذا السيناريو قابلاً للتحقيق، وإن كان بشكل تدريجي.

تم نسخ الرابط