ثورة الغزل والنسيج في مصر.. مشاريع قومية تجعلها قلعة صناعية كبرى

تتربع مصر على عرش صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة في المنطقة، مستفيدة من إرثها التاريخي وموقعها الاستراتيجي لتتحول إلى مركز عالمي للإنتاج والتصدير، ومع نمو صادرات الملابس الجاهزة بنسبة 26% في الأشهر السبعة الأولى من 2025، مقارنة بالعام السابق، يبرز هذا القطاع كمحرك اقتصادي رئيسي يساهم بنحو 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي ويوظف مئات الآلاف.
ويستعرض هذا التقرير، من سمارت فاينانس، تطورات القطاع في 2025، الاستثمارات الأجنبية، المشاريع القومية، مع رؤية للمستقبل.
إرث تاريخي ومكانة عالمية
وتتمتع مصر بتاريخ طويل في صناعة النسيج يعود إلى العصر الفرعوني، حيث كانت ألياف الكتان تستخدم لصناعة الأقمشة الفاخرة، وفي العصر الحديث، أسس طلعت حرب شركة مصر للغزل والنسيج عام 1927 في المحلة الكبرى، التي أصبحت أكبر مجمع صناعي في أفريقيا، يمتد على 600 فدان ويوظف أكثر من 25 ألف عامل.
ويعد القطاع اليوم ثاني أكبر الصناعات بعد الغذائية، بمشاركة 126 ألف شركة خاصة برأس مال مصدر 46.6 مليار جنيه حتى منتصف 2024، وإنتاج مصر لنحو 50% من القطن طويل التيلة عالمياً يمنحها ميزة تنافسية فريدة، تمكنها من تحقيق التكامل الرأسي من الزراعة إلى تصنيع الملابس الجاهزة.
النمو الاقتصادي في 2025
وشهد القطاع في 2025 طفرة ملحوظة، حيث بلغت قيمة سوق تصنيع المنسوجات 9.68 مليار دولار، مع توقعات بنمو سنوي 4.13% لتصل إلى 11.85 مليار دولار بحلول 2030.
وسجلت صادرات الملابس الجاهزة زيادة 26% في الأشهر السبعة الأولى، وهي نسبة مرشحة للارتفاع إلى 35% بحلول نهاية العام.
والولايات المتحدة تتصدر الأسواق بصادرات مرتفعة بنسبة 16%، تليها تركيا بزيادة 91%، والسعودية بنمو 97%. يشكل القطاع 12% من إجمالي الصادرات المصرية، مما يعزز الاحتياطي النقدي ويقلل الاعتماد على الواردات، مع توقعات بتجاوز صادرات الغزل والنسيج 1.4 مليار دولار بنهاية 2025.
الاستثمارات الأجنبية
وتجذب مصر استثمارات أجنبية ضخمة، خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي استقطبت 576 مليون دولار في 28 مشروعاً منذ يناير 2025، مع توقعات بتجاوز مليار دولار بنهاية العام.
وفي فبراير، استحوذ صندوق Amethis Fund III على حصة أغلبية في Kazareen Textile Group، بينما وقعت المنطقة الاقتصادية صفقة بـ120 مليون دولار مع Eroğlu Global Holding التركية لإنشاء مصنع ملابس ينتج 30 مليون قطعة سنوياً ويوظف 5 آلاف عامل.

وفي مارس، بدأت Jiangsu Guotai الصينية مصنعاً بـ10 ملايين دولار لإنتاج 4 ملايين قطعة لأوروبا، وفي يوليو، وقعت Elsewedy اتفاقية بـ60 مليون دولار مع Kingdom Holdings الصينية.
وفي أغسطس، استثمرت Shahinler التركية في توسعة إنتاج القطن والغزل، وهذه الاستثمارات، التي تشمل 3 مليارات دولار من تركيا، تعزز الإنتاجية وتدعم استراتيجية الـ"نيارشورينغ" لتقليل الاعتماد على آسيا.
إعادة هيكلة الصناعة
ويعد المشروع القومي لتطوير الغزل والنسيج، باستثمارات 80 مليار جنيه، العمود الفقري لتحديث القطاع، وفي يناير 2025، وقعت Elsewedy اتفاقية بـ60 مليون دولار، وفي مايو، انطلقت مدينتان صناعيتان في الفيوم والمنيا.
وأكبر مصنع غزل عالمياً (غزل 1) في المحلة، بطاقة 30 طن يومياً، يستعد للافتتاح في يناير 2026، بينما اكتمل تطوير مصنع غزل 4، والمرحلة الثانية، التي تشمل تحديث مصانع في المحلة، كفر الدوار، دمياط، المنصورة، المنيا، وحلوان، تنتهي بنهاية 2025، مع إنشاء أكبر مصنع جينز في دمياط بإنتاج 32 مليون متر سنوياًن وهذه المشاريع ترفع الطاقة الإنتاجية بشكل كبير، من حلج القطن إلى إنتاج الأقمشة والملابس.
طموح 12 مليار دولار
وتسعى مصر لمضاعفة صادرات القطاع إلى 12 مليار دولار بحلول 2031، عبر التوسع في أسواق أفريقيا وآسيا وإطلاق علامات تجارية مثل "nit" و"MEHALLA" لأوروبا.
ومع استضافة معرض CNR Egtm في أبريل 2026 وCairo Textile Week في فبراير 2026، ستعزز مصر مكانتها العالمية، ويتوقع أن يصل سوق الملابس إلى 184 مليار دولار في 2025، بدعم من الاستثمارات التركية والصينية، مما يؤكد مكانة مصر كقلعة عالمية للمنسوجات.
وتثبت مصر في 2025 قدرتها على تحويل إرثها التاريخي إلى قوة اقتصادية حديثة، مستفيدة من الابتكار والشراكات الدولية، وهذا القطاع ليس مجرد صناعة، بل ركيزة تنمية وطنية تعد بمستقبل واعد لملايين المصريين.