312 مليون دولار تعيد إحياء قلب القاهرة.. كيف سيصبح مجمع التحرير وجهة سياحية عالمية؟

في تطور حاسم يعزز من طموحات مصر السياحية، كشف تحالف مصرفي مصري عن منحه قرضًا بقيمة 15 مليار جنيه مصري (ما يعادل نحو 312 مليون دولار أمريكي) لتمويل مشروع تحويل مجمع التحرير التاريخي إلى فندق فاخر عالمي المستوى.
ويأتي هذا الكشف في وقت يشهد فيه المشروع تسارعًا ملحوظًا في الأعمال التطويرية، مع توقعات بالاكتمال بنهاية 2025، رغم التأخيرات السابقة عن الجدول الزمني الأصلي لعام 2024.
ويعد هذا المشروع، الذي يقوده صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية، نموذجًا لإعادة إحياء التراث العمراني في وسط القاهرة، محولاً رمز البيروقراطية إلى وجهة سياحية راقية تعزز الاقتصاد المحلي والجذب الدولي.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض الجوانب الرئيسية للمشروع، بما في ذلك الشراكات، التفاصيل الفنية، والتأثيرات الاقتصادية.
تاريخ مجمع التحرير من مركز إداري إلى أصل سياحي استراتيجي
ويمثل مجمع التحرير، الذي بني عام 1951 في عهد الملك فاروق على أنقاض ثكنات الجيش البريطاني، رمزًا معماريًا فريدًا في قلب ميدان التحرير، وصمم على شكل مقدمة سفينة بـ13 طابقًا ومساحة إجمالية تصل إلى 28 ألف متر مربع، وكان يضم أكثر من 1350 غرفة مكتبية.
ومع انتقال الوزارات إلى العاصمة الإدارية الجديدة، أصبح المبنى جزءًا من أصول صندوق مصر السيادي في عام 2020، مساهمًا في خطة إعادة تأهيل وسط البلد ليصبح مركزًا سياحيًا نابضًا.
وهذا التحول يعكس رؤية مصر 2030 لتحويل التراث إلى استثمارات مستدامة، مع الحفاظ على الواجهات التاريخية المسجلة في التنسيق الحضاري.
312 مليون دولار لدعم التطوير الشامل
وفي خطوة تمويلية حاسمة، وقّع تحالف مصرفي مصري، بقيادة بنك مصر والبنك العربي الأفريقي الدولي، ومشاركة بنك القاهرة ونكست بنك، اتفاقية قرض بقيمة 15 مليار جنيه مصري (312 مليون دولار أمريكي تقريبًا).
ويغطي هذا القرض التكاليف التشغيلية والتطويرية للمشروع، الذي يبلغ إجمالي استثماره الأولي أكثر من 3.5 مليار جنيه مصري.
ويأتي هذا التمويل لتسريع التقدم بعد تأخيرات ناتجة عن التحديات الاقتصادية العالمية، مما يضمن استمرارية الأعمال التي بدأت في مارس 2024.
والشراكة المصرفية تعكس ثقة القطاع المالي المصري في إمكانيات المشروع، حيث يتوقع أن يولد عوائد اقتصادية طويلة الأمد من خلال زيادة السعة الفندقية في القاهرة.

تحالف أمريكي - إماراتي مع ماريوت
ويدار المشروع من قبل شركة كايرو هاوس إيجيبت للتطوير العقاري، المملوكة لتحالف دولي يضم غلوبال فينتشرز غروب وأوكسفورد كابيتال غروب (الولايات المتحدة)، والعتيبة للاستثمارات (الإمارات العربية المتحدة)، وزوسر كابيتال بارتنرز.
وفي فبراير 2025، وقعت الشركة اتفاقية مع شركة الاستثمار السياحي ومجموعة ماريوت الدولية لتشغيل الفندق تحت علامة "أوتوجراف كولكشن"، التي تركز على التصاميم الفريدة والتجارب الشخصية.
ويعد هذا الدخول الأول للتحالف الأمريكي - الإماراتي في السوق المصري، ويهدف إلى إعادة تأهيل المباني التاريخية بمعايير عالمية، بما في ذلك تصميم معماري يحافظ على الطابع الخديوي مع إضافات حديثة مثل حمام سباحة على السطح يطل على ميدان التحرير.
مواصفات الفندق الجديد
وسيضم الفندق الفاخر نحو 500 غرفة وجناح، إلى جانب شقق فندقية فاخرة كاملة الخدمة، مغطيًا مساحة إجمالية تصل إلى 85 ألف متر مربع، وتشمل المرافق الرئيسية منتجعًا صحيًا متكاملاً، مركزًا للياقة البدنية، مطاعم راقية، ومساحات للمؤتمرات والفعاليات، بالإضافة إلى مناطق ترفيهية تجمع بين التراث والحداثة.
والتصميم، الذي يقوده مكتب RATIO | smdp في شيكاغو، يحافظ على الواجهات التاريخية مع إضافة عناصر رمزية مثل شكل هرمي في المدخل، مما يجعل المبنى وجهة سياحية تعكس روح القاهرة العريقة.
كما يخصص جزء من المساحة لمكاتب إدارية وتجارية، محولاً المجمع إلى مركز متعدد الاستخدامات يدعم السياحة والأعمال.
التأثير الاقتصادي والسياحي
ويتوقع أن يوفر المشروع نحو 500 فرصة عمل مباشرة، بالإضافة إلى آلاف الوظائف غير المباشرة، مساهمًا في إنعاش اقتصاد وسط القاهرة.
وسياحيًا يهدف إلى زيادة الإيرادات بنسبة 20% في المنطقة، من خلال موقعه الاستراتيجي بجانب المتحف المصري وميدان طلعت حرب، مما يعزز سعة الغرف الفندقية لاستيعاب تدفق السياح المتزايد.
وكجزء من استراتيجية الصندوق السيادي، يعد المشروع "حجر الأساس" لموجة استثمارات جديدة، بما في ذلك تطويل مبنى وزارة الداخلية إلى مركز إبداعي وفندق 3 نجوم، محولاً وسط البلد إلى "متحف مفتوح" يجمع التاريخ بالحداثة، كما يلتزم المشروع بمعايير الاستدامة البيئية، مساهمًا في رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.
ويلهم المشروع مشاريع أخرى مثل تطوير أبراج ماسبيرو وأرض الحزب الوطني، معززًا جاذبية القاهرة كوجهة عالمية.