الربط الكهربائي بين مصر والسعودية.. خطوة استراتيجية نحو سوق عربية موحدة للطاقة

في خطوة وُصفت بأنها تاريخية على طريق التكامل العربي في مجال الطاقة، أعلن محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أن مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية شارف على الانتهاء، حيث تم إنجاز نحو 92% من الأعمال التنفيذية، مؤكداً أن التشغيل الفعلي سيبدأ قبل ديسمبر 2025.
أوضح الوزير، أن المشروع دخل بالفعل مرحلة الاختبارات والتوصيلات النهائية، تمهيداً لبدء تشغيله في المواعيد المقررة. ويُعد هذا المشروع من أكبر مشروعات البنية التحتية في المنطقة، إذ يربط بين أكبر شبكتين للكهرباء في الشرق الأوسط، بطاقة تصل إلى 3 آلاف ميجاوات.
أهداف استراتيجية
الربط الكهربائي بين مصر والسعودية يهدف بالأساس إلى تبادل الفائض في إنتاج الكهرباء بين البلدين خلال فترات الذروة، بما يعزز من أمن الطاقة ويقلل من الهدر، ففي الوقت الذي تشهد فيه مصر فائضاً في إنتاج الكهرباء خلال فترات معينة من العام، ترتفع احتياجات المملكة في أوقات أخرى، ما يجعل التبادل بين الجانبين أمراً اقتصادياً واستراتيجياً في آن واحد.
وأبرز المكاسب لمصر تتمثل في تقليل الاعتماد على استيراد الغاز المسال المستخدم في تشغيل محطات الكهرباء، وهو ما سيخفف الأعباء على الموازنة العامة، خصوصاً مع ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً، وبالمقابل، تستفيد السعودية من تعزيز استقرار شبكتها الكهربائية وتلبية الطلب المتزايد، خاصة في مواسم الذروة مثل فصل الصيف وموسم الحج.
خطوة نحو سوق عربية مشتركة للطاقة
من جانبه، قال كريم العمدة، رئيس الوحدة الاقتصادية في مركز التحرير للدراسات والبحوث، إن الربط بين مصر والسعودية لا يقتصر على تبادل الكهرباء فقط، بل يشمل أيضاً تبادل الخبرات، خاصة في مجالات تخزين الطاقة المتجددة والبطاريات العملاقة.
وأكد أن هذه الخطوة تمهد الطريق نحو إنشاء سوق عربية مشتركة للطاقة والكهرباء، ما يعزز التكامل الاقتصادي ويزيد من قدرة المنطقة على جذب الاستثمارات في قطاع الطاقة، حيث أن مشروع الربط المصري السعودي يُنظر إليه كبوابة لربط الشبكات العربية مع نظيراتها في أوروبا وأفريقيا، فمن خلاله، يمكن لمصر الاستفادة من موقعها الاستراتيجي كبوابة لنقل الكهرباء من أفريقيا إلى الخليج وأوروبا، بينما تستفيد السعودية من تعزيز دورها كمركز إقليمي للطاقة.
مردود اقتصادي طويل الأمد
يتوقع خبراء أن يسهم المشروع في تعزيز استقرار سوق الطاقة الإقليمي، ودعم خطط التحول نحو الطاقة النظيفة، من خلال دمج قدرات الطاقة الشمسية والرياح في البلدين، كما سيساعد على تحسين كفاءة استغلال الموارد، وتخفيض التكاليف، وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة على المدى الطويل.
وتقترب مصر والسعودية من تدشين أحد أهم مشروعات الربط الكهربائي في المنطقة، ليشكل علامة فارقة في التعاون العربي بمجال الطاقة، ومع التشغيل المرتقب قبل نهاية 2025، يتوقع أن يشهد المشروع تأثيرات إيجابية واسعة على أمن الطاقة، وعلى جهود بناء سوق إقليمية مشتركة للكهرباء، بما ينعكس على الاستقرار الاقتصادي ويعزز مكانة البلدين كمحاور رئيسية في مستقبل الطاقة بالمنطقة.