باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية

خفض الفائدة في مصر.. توازن دقيق بين تحفيز النمو ومخاطر التضخم

الجهود التضخمية
الجهود التضخمية

يشهد الاقتصاد المصري في الفترة الأخيرة مرحلة دقيقة من الموازنة بين دعم النمو ومواجهة التضخم، بعد قرار البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة في اجتماعه الأخير، فالقرار الذي رحبت به قطاعات الإنتاج والاستثمار، أثار في الوقت ذاته تساؤلات حول مدى تأثيره الفعلي في ظل استمرار الضغوط السعرية وارتفاع التكاليف المتوقعة للسلع والخدمات خلال الأشهر المقبلة.

تأتي خطوة خفض الفائدة في وقت تسعى فيه الحكومة إلى تنشيط الاقتصاد وتحفيز القطاع الخاص عبر تقليل تكلفة الاقتراض ودعم معدلات التشغيل، حيث يرى خبراء الاقتصاد أن تأثير القرار سيكون محدودًا على المدى القصير، خاصة في ظل توقعات بارتفاع معدلات التضخم مجددًا نتيجة مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية.

ضغوط تضخمية تلوح في الأفق

تشير التوقعات إلى أن التضخم قد يرتفع بنحو 5 إلى 6% خلال الأشهر المقبلة، مدفوعًا بعدة أسباب من بينها الزيادة المرتقبة في أسعار المحروقات ضمن خطة إعادة هيكلة دعم الطاقة، بالإضافة إلى تعديلات محتملة في قانون الإيجار القديم، والتي قد تؤدي إلى زيادة في أسعار الإيجارات السكنية والتجارية، وبالتالي ارتفاع تكاليف المعيشة في المدن الكبرى.

وفي هذا السياق، أوضح محمد الخزيم الخبيرالاقتصادي، أن "خفض الفائدة قرار منطقي في ضوء تباطؤ النمو وارتفاع تكلفة التمويل على المشروعات، لكنه يأتي في توقيت محفوف بالتحديات، لأن الضغوط التضخمية لم تتبدد بالكامل بعد".

وأشار في تصريحات خاصة لـ"سمارت فاينانس " إلى أن أي زيادة في أسعار الوقود أو الكهرباء خلال الفترة المقبلة ستنعكس مباشرة على أسعار النقل والسلع الغذائية والمواد الخام، ما قد يعيد التضخم إلى مساره الصعودي مجددًا بعد فترة من الانخفاض النسبي.

انعكاسات محدودة على الاستثمار والائتمان

وبحسب الخبير الاقتصادي فإن البنوك التجارية عادة ما تستغرق بعض الوقت قبل تمرير أثر خفض الفائدة إلى العملاء، سواء في التمويلات الجديدة أو القروض القائمة، مشيرًا إلى أن القطاع الخاص يحتاج إلى فترات أطول من الاستقرار النقدي قبل اتخاذ قرارات توسعية أو استثمارية كبيرة.

وأضاف أن الحكومة تراهن على أن يسهم خفض الفائدة في تخفيف الأعباء التمويلية عن الصناعات التحويلية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهي القطاعات التي تشكل العمود الفقري للنمو الاقتصادي المحلي، لكنها تواجه في الوقت نفسه تحديات تتعلق بارتفاع تكلفة الإنتاج وضعف الطلب المحلي.

وأكد أن نجاح هذه الخطوة يتوقف على مدى قدرة البنوك على توفير تسهيلات ائتمانية حقيقية بأسعار فائدة مناسبة، إلى جانب استمرار الدولة في دعم الإنتاج المحلي وتوفير بيئة تشريعية مستقرة تشجع الاستثمار طويل الأجل.

تحديات خارجية تضغط على السياسة النقدية

تأتي قرارات البنك المركزي المصري في وقت تتسم فيه الأسواق العالمية بعدم اليقين والتقلب، نتيجة تباطؤ النمو في الاقتصادات الكبرى، وارتفاع أسعار النفط عالميًا بعد قرارات خفض الإنتاج من جانب "أوبك+"، كما لا تزال اضطرابات سلاسل الإمداد العالمية تمثل عامل ضغط إضافي على تكلفة السلع والمواد الخام المستوردة.

ويرى اقتصاديون أن هذه التطورات تجعل مهمة البنك المركزي أكثر تعقيدًا، إذ يتعين عليه الموازنة بين جذب الاستثمارات الأجنبية والحفاظ على استقرار العملة من جهة، وبين خفض تكلفة الاقتراض المحلي وتحفيز النشاط الاقتصادي من جهة أخرى.

يشدد الخبراء على أن السياسة النقدية وحدها لن تكون كافية لتحقيق أهداف النمو والاستقرار في المرحلة المقبلة، بل يجب أن تسير بالتوازي مع السياسات المالية والإصلاحات الهيكلية.

تم نسخ الرابط