3 مليارات دولار في الأفق.. إلى أين وصل برنامج الطروحات الحكومية في مصر؟

في ظل سعي مصر لتحقيق تحول اقتصادي شامل، يواصل برنامج الطروحات الحكومية دوره كمحرك رئيسي لتعزيز مشاركة القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية، ومع اقتراب نهاية عام 2025، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن خطط لتنفيذ طروحات جديدة قبل نهاية العام، مع توقعات بجمع ما بين 3 إلى 4 مليارات دولار خلال العام المالي 2025/2026.
ويستند هذا التقرير، من سمارت فاينانس، إلى بيانات حديثة من وزارة المالية، صندوق النقد الدولي، وتقارير مجلس الوزراء، ليقدم نظرة متكاملة عن التقدم المحرز، والآفاق المستقبلية للبرنامج.
برنامج الطروحات الحكومية
وأطلق برنامج الطروحات الحكومية في فبراير 2023 كجزء من وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد المصري من خلال تقليص دور الدولة وزيادة مساهمة القطاع الخاص من 30% إلى 65% بحلول نهاية العام المالي 2025/2026.
ويتماشى البرنامج مع التزامات مصر تجاه صندوق النقد الدولي ضمن برنامج قرض بقيمة 8 مليارات دولار، ويركز على بيع حصص في شركات حكومية عبر البورصة المصرية (EGX) أو لمستثمرين استراتيجيين.
ويغطي البرنامج قطاعات حيوية تشمل البنوك، الطاقة المتجددة، الصناعات الدوائية، والنقل، ويهدف إلى تحقيق أهداف متعددة: توفير النقد الأجنبي لتغطية عجز الموازنة، خفض الدين العام إلى أقل من 80% من الناتج المحلي بحلول 2026، وتعزيز كفاءة الأداء الاقتصادي.
ومنذ انطلاقه، حقق البرنامج إيرادات تجاوزت 6 مليارات دولار من خلال 21 صفقة، كان من أبرزها صفقة رأس الحكمة مع الإمارات، التي ساهمت بنسبة 244.8% في تحقيق الأهداف حتى يونيو 2025.
ويعكس هذا النجاح التزام الحكومة بتسريع الإصلاحات، رغم التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية التي أثرت على الجدول الزمني.
خطوات واثقة رغم التأخيرات
وشهد برنامج الطروحات الحكومية تقدماً ملحوظاً في 2025، حيث نفذت الحكومة 19 عملية طرح منذ مارس 2022 حتى يونيو 2025، محققة إيرادات بلغت 5.86 مليار دولار.
وفي العام المالي 2024/2025، جمعت الحكومة حوالي 600 مليون دولار من خلال بيع حصص في شركات مثل بنك القاهرة وبنك الإسكندرية، إلى جانب شركات في قطاعات الصناعات الغذائية والطاقة.
وفي أكتوبر 2025، أعلن وزير المالية أحمد كوجك عن خطط لتوسيع الطروحات لتشمل قطاعات جديدة مثل إدارة المطارات، التأمين، والاتصالات، مع بدء طروحات في الطاقة المتجددة قبل نهاية العام.

كما كشف رئيس الوزراء عن استهداف طرح 10 شركات إضافية خلال العام المالي 2025/2026، تشمل أمل والشريف للبلاستيك، مصر وسيد للأدوية، ميدور، محطة جبل الزيت للطاقة، صافي للمياه، وطنية لتوزيع المنتجات البترولية، سايلو فودز، الشركة الوطنية للطرق، وشيل آوت لمحطات الوقود.
ومن اللافت أن أربعاً من هذه الشركات تابعة للقوات المسلحة، مما يعزز الشفافية ويفتح الباب أمام استثمارات أجنبية أكبر.
مواجهة العواصف الاقتصادية
ورغم الإنجازات، يواجه البرنامج تحديات، حيث أثرت التقلبات الاقتصادية العالمية، بما في ذلك الحرب في غزة وارتفاع أسعار النفط، على إيرادات قناة السويس، التي انخفضت بنسبة 50% في 2025.
كما أدى التباطؤ في العام المالي 2024/202 table، حيث بلغت الحصيلة 2 مليار دولار فقط مقابل هدف 6.5 مليار دولار، إلى استثناءات مؤقتة من صندوق النقد الدولي.
وإضافة إلى ذلك، يعاني البرنامج من تأخيرات في تقييم القيمة العادلة للأصول، مما يبطئ عمليات الطرح.
وعلاوة على ذلك، يؤثر ارتفاع التضخم المتوقع إلى 10% بنهاية 2025 على ثقة المستثمرين، خاصة مع نقص النقد الأجنبي، ومع ذلك، استجابت الحكومة بإنشاء وحدة إدارية جديدة في يوليو 2025 بصلاحيات ملزمة لتسريع التنفيذ، مع تقديم حوافز ضريبية لجذب المستثمرين الأجانب.
طروحات طموحة وشراكات دولية
ويتوقع المحللون أن يشهد العام المالي 2025/2026 طفرة في الطروحات، مع زيادة قائمة الشركات المستهدفة إلى 60، تشمل مراكز البيانات وأبراج الاتصالات.
وأعلن كوجك عن خطط لطرح صكوك دولية في النصف الأول من 2026، بينما يهدف البرنامج إلى رفع رأس المال السوقي للبورصة المصرية إلى 16.3% من الناتج المحلي.
كما تعزز الشراكات الدولية، مثل التعاون مع كوريا الجنوبية في إدارة المطارات، من جاذبية السوق المصري، ومع توقعات بجمع 2.1 مليار دولار إضافي بحلول 2026، يساهم البرنامج في تحقيق نمو اقتصادي متوقع بنسبة 4.5% في 2025، مما يعزز استقرار الاقتصاد ويقلل الاعتماد على الدين الخارجي.
ويواصل برنامج الطروحات الحكومية في أكتوبر 2025 دوره كمحفز للإصلاح الاقتصادي، محققاً إيرادات تجاوزت 5.86 مليار دولار رغم التحديات، ومع التركيز على الشفافية والشراكات الدولية، وتوسع الطروحات لتشمل 10 شركات جديدة، يقترب البرنامج من تحقيق أهدافه الطموحة.