باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية

35 جنيهًا في الأفق.. إلى أين سيصل الجنيه أمام الدولار؟

الجنيه المصري أمام
الجنيه المصري أمام الدولار

في قلب عاصفة التوقعات الاقتصادية التي تحيط بالجنيه المصري، يبرز صوت واحد يخالف الجوقة الدولية بأكملها، وبينما يجمع صندوق النقد الدولي وفيتش وستاندرد تشارترد على أن الجنيه مقبل على تراجع إضافي يدفعه نحو مستويات تتراوح بين 51 و54 جنيهًا للدولار بحلول عام 2026، يخرج بنك جولدمان ساكس من الظلال ليعلن بجرأة نادرة: الجنيه ليس ضعيفًا، بل هو مقوم بأقل من قيمته الحقيقية بنسبة 30%، وسعره العادل اليوم لا يتجاوز 35 جنيهًا للدولار.

وهذا الإعلان لم يأت من فراغ، بل جاء مدعومًا بأرقام تُروي قصة تعافٍ صامتة بدأت تتكشف في النصف الثاني من عام 2025، فمع تراجع الدولار من ذروته عند 51 جنيهًا في يوليو الماضي إلى ما يقارب 47 جنيهًا اليوم، يبدو أن السوق نفسه يصوت بثقة لصالح رؤية جولدمان ساكس، متجاهلاً التحذيرات الدولية التي تبدو الآن وكأنها تنبؤات من عصر مضى.

وفي الوقت الذي انخفضت فيه تكلفة التأمين على الديون السيادية المصرية إلى 340 نقطة أساس – أدنى مستوى منذ أكثر من عقد – وتحسن التصنيف الائتماني من ستاندرد آند بورز، تتسع الفجوة بين الرؤية الرسمية المتشائمة والواقع اليومي الذي يشهد على قوة متزايدة للعملة المصرية.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض توقعات المؤسسات الدولية لسعر الدولار أمام الجنيه المصري خلال الفترة المقبلة.

الجنيه ليس في أزمة بل في فرصة تاريخية

وجولدمان ساكس لم يكتف بإلقاء القنبلة، بل رسم صورة كاملة لسبب اعتقاده بأن الجنيه يعيش في ظل تقييم ظالم. الاحتياطي النقدي الأجنبي تجاوز 48 مليار دولار، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج قفزت بنسبة 77% خلال عشرة أشهر فقط، فيما تنمو الصادرات والإيرادات السياحية بمعدل 15% سنويًا.

وهذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل هي شهادات حية على تحول هيكلي يجعل من السعر الحالي عند 47 جنيهًا مبالغًا فيه، ويفتح الباب أمام عودة محتملة إلى مستويات أقل بكثير مما تتخيله المؤسسات التقليدية.

وقال محللو غولدمان: "السوق الحالي عند 47 جنيهًا لا يعكس الواقع الاقتصادي.. بل يعكس خوفًا قديمًا تجاوزته مصر بالفعل"، وهو بالفعل ما يثبته كلام السوق حيث ينهار الدولار إلى 47 جنيهًا.

السوق نفسه يروي القصة بطريقته الخاصة

ومنذ منتصف العام، شهد الجنيه أقوى موجة صعود منذ التعويم الكبير في مارس 2024، حيث انهار الدولار في غضون أشهر قليلة، مدعومًا بتدفقات استثمارية هائلة مثل صفقة رأس الحكمة التي جلبت 24 مليار دولار دفعة واحدة، وإصدار سندات دولية بقيمة 12 مليار دولار بتكلفة أقل من المتوقع.

الجنيه المصري أمام الدولار
الجنيه المصري أمام الدولار

وأضف إلى ذلك خفض أسعار الفائدة دون إرباك الأسواق، وتراجع التضخم من 35% إلى 11.8% وفقًا لتقديرات صندوق النقد نفسه – كل هذا يرسم لوحة تعافٍ سريع يتجاهلها التنبؤ الدولي الذي يعتمد على بيانات قديمة من عامي 2023 و2024.

لماذا يراهن الجميع على التراجع وجولدمان على الصعود؟

فلماذا تصر هذه المؤسسات على رؤية مظلمة؟، الإجابة تكمن في المنهجية، فالمؤسسات الكبرى مثل صندوق النقد تعتمد نماذج طوثيقة الأجل تربط بين الإنتاج والاستهلاك والقطاع الخارجي، وتفترض استمرار الضغوط الهيكلية والمخاطر الجيوسياسية، بينما فيتش تراهن على نطاق يتراوح بين 50 و55 جنيهًا خوفًا من تقلبات أسعار النفط والتوترات الإقليمية.

أما ستاندرد تشارترد فيضع سقفًا عند 54 جنيهًا بناءً على نماذج إحصائية تاريخية.

لكن جولدمان ساكس يختلف، فهو يحدث تحليله يوميًا بناءً على التدفقات الفعلية والثقة السوقية، مما يجعله الوحيد القادر على التقاط التحول السريع الذي تشهده مصر.

عندما تكسر القواعد التاريخية

وتاريخيًا، كان هناك قانون غير مكتوب يحكم مصير الجنيه بعد كل تعويم: ثلاث سنوات كاملة للوصول إلى القاع قبل بدء الصعود، ولكن عام 2025 كسر هذا القانون، فقد وصل الجنيه إلى قاعه في يوليو الماضي بعد 16 شهرًا فقط من التعويم الأخير، وبدأ التعافي فورًا بفضل الإصلاحات السريعة والتدفقات الاستثمارية غير المسبوقة.

وهذا الاستثناء ليس صدفة، بل نتيجة لسياسات جريئة غيرت قواعد اللعبة.

خارطة الطريق إلى 35 جنيهًا

وإذا استمرت هذه الوتيرة، فإن الطريق إلى مستويات أقل من 40 جنيهًا ليس مجرد حلم، وتسريع برنامج الطروحات الحكومية سيجلب مليارات إضافية، وخفض التضخم إلى 7% سيتيح المزيد من التيسير النقدي، وزيادة الصادرات بنسبة 20% ستحقق فائضًا تجاريًا مستدامًا، فيما إعادة جدولة الديون ستخفف الضغط عن ميزان المدفوعات.

وفي مثل هذا السيناريو، قد يصل الجنيه إلى 35 جنيهًا بحلول نهاية 2026، تمامًا كما يتنبأ غولدمان ساكس.

وهناك حقيقتان لا جدال فيهما: الدولار يتداول اليوم يقارب 47 جنيهًا ويستمر في الانخفاض، وغولدمان ساكس هو الوحيد الذي رأى هذا التعافي قبل أن يبدأ.

وبينما تبقى المؤسسات الدولية أسيرة نماذجها القديمة، يثبت السوق المصري أن الجنيه لم يعد في أزمة، بل هو في بداية نهضة حقيقية.

تم نسخ الرابط