"مصنع المواهب" المصري يتصدر.. 4 دول عربية ضمن الأندية الأعلى إيراداً من بيع اللاعبين
في إنجاز اقتصادي رياضي بارز، تصدرت مصر قائمة الدول العربية من حيث الإيرادات المحققة من بيع لاعبي كرة القدم الذين نشأوا في أكاديمياتها المحلية إلى الأسواق الخارجية، خلال الفترة من 2016 إلى 2025.
ووفقًا لتقرير صادر عن مرصد كرة القدم التابع لمعهد الدراسات الرياضية "سيس" (CIES)، جمعت الأندية المصرية حوالي 60 مليون يورو، شاملة المكافآت المرتبطة بالأداء الفردي للاعب أو نتائج فريقه.
وهذا الرقم يضع مصر في صدارة الدول العربية، ضمن قائمة عالمية تضم 50 دولة، حيث شكلت أربع دول عربية من شمال أفريقيا – مصر، المغرب، الجزائر، وتونس – إجمالي إيرادات يقدر بنحو 180 مليون يورو على مدار العقد.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض التفاصيل الدقيقة لهذه الصدارة المصرية، مع التركيز على التوزيع العمري للإيرادات والمقارنة مع الدول العربية الأخرى.
إيرادات مصر من بيع اللاعبين
وحلت مصر في المركز الـ37 عالميًا ضمن قائمة أعلى 50 دولة إيرادًا من بيع اللاعبين الذين نشأوا فيها، بإجمالي 60 مليون يورو على مدار السنوات العشر الماضية.
وهذا الإنجاز ليس مجرد رقم تراكمي، بل يعكس كفاءة عالية في تصدير المواهب، خاصة في الفئة العمرية من 24 إلى 26 عامًا، التي شكلت 47.6% من إجمالي الإيرادات المصرية، مما جعل مصر تتصدر عالميًا في هذه الفئة تحديدًا.
وهذه النسبة المرتفعة تشير إلى استراتيجية ناجحة في تطوير اللاعبين حتى سن النضج الكروي، مما يزيد من قيمتهم السوقية عند الانتقال إلى الدوريات الأوروبية أو الخليجية.
وفي المقابل، كانت الفئة العمرية من 21 إلى 23 عامًا الأقل إيرادًا للأندية المصرية، بنسبة 15.5% فقط، مما وضع مصر قبل مركزين من نهاية القائمة العالمية في هذه الفئة.
وهذا التباين يبرز تركيز الأكاديميات المصرية على الاحتفاظ باللاعبين الشباب لفترة أطول، لتعظيم العوائد المالية لاحقًا، بدلاً من البيع المبكر، وهذا النموذج يساهم في استدامة الدوري المصري، حيث يعتمد على تطوير المواهب المحلية بتكلفة منخفضة نسبيًا، مقارنة بالاستثمارات الضخمة في الدوريات الأوروبية.
المغرب المنافس القوي والمشارك في الصدارة العربية
ويأتي المغرب في مركز متقارب مع مصر عربيًا، بدخل يصل إلى 60 مليون يورو على مدار العقد، وفقًا لتقرير "سيس"، وبلغت أرباح الأندية المغربية في 2024 نحو 8.27 مليون دولار، وهو ما يمثل 23% من إجمالي أرباحها خلال الخمس سنوات الأخيرة، البالغ 36.1 مليون دولار.
وهذا الأداء السنوي القوي يفسر مشاركة المغرب في الصدارة العربية التراكمية، ومن حيث التوزيع العمري، تشكل الفئة العمرية من 21 إلى 23 عامًا المصدر الأكبر لدخل الأندية المغربية، بنسبة 41.4% من الإجمالي، مما يعكس سياسة بيع مبكر نسبيًا للاستفادة من القيمة السوقية العالية في سن الشباب.
أما النسبة الأقل، فكانت للاعبين دون 20 عامًا، بنحو 3% فقط، مما يشير إلى تركيز المغرب على تطوير اللاعبين حتى سن 21 عامًا على الأقل قبل التصدير.
وهذا النهج يجعل المغرب نموذجًا للاستثمار السريع في المواهب، خاصة مع أكاديميات مثل محمد السادس التي أنتجت نجومًا عالميين.

إسهامات شمال أفريقية في الإيرادات العربية
وتحل الجزائر في المركز الـ44 عالميًا، بدخل بلغ 34 مليون يورو على مدار العقد، جاء معظمه من الفئة العمرية 21 إلى 23 عامًا بنسبة 57.8%.
وهذه النسبة العالية جدًا تعكس استراتيجية جزائرية تركز على بيع اللاعبين في ذروة قيمتهم السوقية المبكرة، مما يساعد في تمويل الأكاديميات المحلية رغم التحديات الاقتصادية.
أما تونس، فجاءت في المركز الـ48 عالميًا بدخل 26 مليون يورو، مع تفوق الفئة العمرية من 24 إلى 26 عامًا بنسبة 32%، مما يشابه إلى حد ما النموذج المصري في الاحتفاظ باللاعبين لفترة أطول.
ومجتمعة، تشكل هذه الدول الأربع – جميعها من شمال أفريقيا – نحو 180 مليون يورو، أي ما يقارب ثلث إيرادات الدول خارج أوروبا وأمريكا الجنوبية في القائمة.
وهذا الإجمالي يبرز دور المنطقة كمصدر رئيسي للمواهب بتكلفة منخفضة، مقارنة بالدوريات الأوروبية.
فرنسا تتصدر القائمة العالمية
وبإجمالي إيرادات يبلغ 4 مليارات يورو، أي حوالي 400 مليون يورو سنويًا، تصدرت فرنسا القائمة، تليها البرازيل بـ2.60 مليار يورو، وإسبانيا بـ2.24 مليار يورو.
كما تجاوزت الإيرادات مليار يورو في ست دول أخرى، منها خمس أوروبية (البرتغال، هولندا، إنجلترا، ألمانيا، إيطاليا) بالإضافة إلى الأرجنتين.
وعالميًا، تشكل انتقالات اللاعبين الذين تبلغ أعمارهم 20 عامًا أو أقل ما يقرب من ثلث الإيرادات الإجمالية، مما يؤكد أهمية الأكاديميات الشبابية في اقتصاد كرة القدم الحديث.
وتبرز الدول العربية بكفاءتها في فئات عمرية محددة، رغم فارق الاستثمارات، فمصر على سبيل المثال، تفوقت عالميًا في الفئة 24-26 عامًا، بينما اعتمدت الجزائر على 21-23 عامًا، مما يعكس تنوع الاستراتيجيات في المنطقة.
التأثير الاقتصادي
ويساهم هذا الإيراد التراكمي البالغ 180 مليون يورو في تعزيز الاقتصاد الرياضي العربي، خاصة في شمال أفريقيا، حيث يعاد استثماره في الأكاديميات والبنى التحتية.
ومصر والمغرب، بـ60 مليون يورو لكل منهما، يشكلان النواة، بينما تضيف الجزائر وتونس تنوعًا في الفئات العمرية، وهذا النموذج يجعل المنطقة جذابة للاستثمارات الأجنبية، مع التركيز على الاستدامة بعيدًا عن الإنفاق الضخم كما في الخليج.
ويتوقع أن يستمر نمو الإيرادات العربية مع تحسن الأكاديميات، مما يعزز مكانة المنطقة في سوق الانتقالات العالمي.
وتصدر مصر الدول العربية بـ60 مليون يورو ليس مجرد إحصائية، بل دليل على كفاءة "مصانع المواهب" في شمال أفريقيا، التي ساهمت بـ180 مليون يورو إجماليًا.