من القاهرة إلى أثينا.. الربط الكهربائي مع اليونان سيحول مصر لـ "محطة طاقة" للأسواق الأوروبية

مصر واليونان
مصر واليونان

في خطوة استراتيجية تعكس الشراكة المتينة بين مصر واليونان، يتقدم مشروع الربط الكهربائي المباشر بين شبكتي الكهرباء في البلدين نحو مراحل تنفيذية متقدمة.

ويعرف المشروع باسم "GREGY"، وهو يمثل أحد أبرز المشاريع الطاقية في المتوسط، حيث يهدف إلى نقل الطاقة المتجددة من مصر إلى أوروبا عبر كابل بحري تحت الماء.

ومع توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية في سبتمبر الماضي، واجتماعات حديثة في نوفمبر، يبرز هذا المشروع كعامل رئيسي في تحول المنطقة نحو الاقتصاد الأخضر.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض التطورات الأخيرة، الأهداف الرئيسية، والفوائد المتوقعة لمصر.

مشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان

وبدأت فكرة الربط الكهربائي بين مصر واليونان كجزء من رؤية أوسع لربط أفريقيا بأوروبا، معتمدة على موقع مصر الجغرافي كجسر بين القارات.

وفي أكتوبر 2021، وقع الوزيران المصري واليوناني مذكرة تفاهم أولية، لكن الزخم الحقيقي جاء في 2025 مع دعم الاتحاد الأوروبي، وفي مارس 2025، أعلنت الحكومة المصرية عن بدء التنفيذ في النصف الثاني من العام، مع تمويل أولي يصل إلى مليار يورو من مؤسسات أوروبية.

وفي مايو 2025، أكد الرئيسان عبد الفتاح السيسي وكيرياكوس ميتسوتاكيس التزام البلدين خلال قمة في أثينا، مشددين على أهمية المشروع كـ"جسر طاقة" ينقل الطاقة الشمسية والريحية من شمال أفريقيا إلى أوروبا.

وفي يونيو، وصف السيسي المشروع بأنه "خطوة استراتيجية" خلال زيارته إلى أثينا، حيث تم تشكيل مجلس تعاون مشترك يغطي الطاقة والاقتصاد.

التطورات الأخيرة في مشروع الربط الكهربائي مصر اليونان 2025

وشهد عام 2025 تطورات حاسمة جعلت المشروع أقرب إلى الواقع، ففي أغسطس، التقى وزير الكهرباء المصري محمود عصمت برئيس مجموعة كوبولوزيس اليونانية، ديمتريس كوبولوزيس، لمراجعة التقدم، بما في ذلك مواقع المحطات الشمسية والريحية وخطوط النقل.

وفي سبتمبر، وقع مشغلا الشبكة المصري (EETC) واليوناني (IPTO) وشركة ELICA (تابعة لكوبولوزيس) مذكرة تفاهم ثلاثية لإنهاء الدراسات الفنية والاقتصادية، مما يمهد لتصدير 3,000 ميجاواط إلى أوروبا.

أما في أكتوبر، أعلن عن منحة من بنك التنمية الأوروبي (EBRD) لدعم الدراسات، مع تركيز على الطاقة الخضراء.

وناقشت مصر واليونان تمويل الاتحاد الأوروبي وتدعيم الشبكات، حيث خصصت مصر 2,500 كيلومتر مربع قرب الحدود الليبية لمحطات الطاقة المتجددة.

المشروع مدرج الآن في قائمة "مشاريع الاهتمام المشترك" للاتحاد الأوروبي، مما يضمن تمويلاً مباشراً.

الربط الكهربائي بين مصر واليونان
الربط الكهربائي بين مصر واليونان

الهدف الرئيسي من الربط الكهربائي بين مصر واليونان

ويهدف المشروع إلى بناء كابل بحري عالي الجهد (HVDC) طوله 954 كم، بعمق مائي يصل إلى 3 كم، بتكلفة تقدر بـ4.2 مليار يورو، لنقل 3,000 ميجاواط من الطاقة الـ100% متجددة (85% رياح و15% شمسية) من مصر إلى اليونان ثم أوروبا.

والجدول الزمني يتوقع قرار استثمار نهائي في 2025، وتشغيل كامل بحلول 2030-2031.

والأهداف الرئيسية تشمل، تعزيز أمن الطاقة الأوروبي بعد أزمة الغاز الروسي، دعم أهداف الاتحاد الأوروبي للحد من الانبعاثات بنسبة 55% بحلول 2030، وتحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة.

كما يدعم إنتاج الهيدروجين الأخضر في اليونان، ويربط بشبكات أخرى مثل الربط مع قبرص وإسرائيل.

ويعد GREGY جزءاً من استراتيجية "RepowerEU" للطاقة الخضراء، وينظر إليه كـ"حلقة وصل" جيوسياسية بين الشمال والجنوب.

فوائد الربط الكهربائي بين مصر واليونان لمصر

ويحمل المشروع فوائد اقتصادية وبيئية هائلة لمصر، تحولها من مستهلك للطاقة إلى مصدر رئيسي، أولاً، الفوائد الاقتصادية، حيث سيسمح بتصدير 17.5 تيراواط ساعة سنوياً، مما يولد إيرادات تصل إلى مليارات الدولارات، ويعزز الاستثمارات في محطات الطاقة المتجددة بقدرة 9.5 غيغاواط.

وفقاً لدراسات AFRY، سيقلل التكاليف بنسبة تصل إلى 20 يورو/ميجاواط ساعة للأسواق المشتركة، مع خلق آلاف الوظائف في قطاع الطاقة.

كما يدعم تنويع الاقتصاد المصري، حيث يتوافق مع استراتيجية الطاقة 2035 لزيادة حصة المتجددة إلى 42%.

وثانياً، الفوائد البيئية والتنموية، حيث سيحل محل 4.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، مما يقلل انبعاثات CO2 بـ10 ملايين طن، مساهماً في أهداف مصر للحد من التغير المناخي.

كما يعزز استقرار الشبكة المصرية عبر التبادل الثنائي، مما يقلل الاعتماد على الوقود التقليدي ويحسن كفاءة الإنتاج.

على الصعيد الإقليمي، يرسخ دور مصر كـ"مصدر طاقة" في الشرق الأوسط، مما يفتح أبواباً لشراكات مع السعودية وإيطاليا.

وبحلول 2030، سيصبح GREGY نموذجاً للربط الإقليمي، يعزز الاستقرار الطاقي ويحقق نمواً مستداماً.

ويمثل الربط الكهربائي بين مصر واليونان نقلة نوعية، تحول الرؤى إلى واقع يخدم التنمية المستدامة، مع استمرار التعاون، يعد هذا المشروع بوابة لمستقبل أخضر مشترك.

تم نسخ الرابط