الاقتصاد الأمريكي بين التعافي والهاوية.. خطر الإغلاق الجديد يلوح في الأفق

الاقتصاد الأمريكي
الاقتصاد الأمريكي

بعد 43 يومًا من الشلل الجزئي الذي أصاب المؤسسات الفيدرالية الأميركية، تعود اليوم الخميس الدوائر الحكومية إلى العمل تدريجيًا، في أعقاب تصديق مجلس النواب الأميركي على مشروع تمويل مؤقت ينهي أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، وسط انقسامات سياسية عميقة لا تزال تهدد بتكرار الأزمة مطلع العام المقبل.

عودة الأنشطة الحكومية

الإغلاق الذي بدأ في الأول من أكتوبر عطّل حركة الطيران المدني، وأوقف المساعدات الغذائية لملايين الأسر منخفضة الدخل، كما ترك أكثر من مليون موظف فدرالي دون رواتب لأكثر من شهر، في وقت شهدت فيه البلاد اضطرابات اقتصادية وإدارية واسعة. 

ومع بدء تنفيذ الاتفاق الجديد، تبدأ الحكومة في صرف رواتب الموظفين المتأخرة واستئناف برامج الدعم الاجتماعي وتشغيل أنظمة مراقبة الحركة الجوية التي توقفت بالكامل.

وجاء التصويت في مجلس النواب بعد يومين من تمرير مشروع القانون في مجلس الشيوخ، إثر مفاوضات مطولة توصلت خلالها الأغلبية الجمهورية إلى اتفاق مع ثمانية أعضاء ديمقراطيين على حزمة تمويل مؤقتة تمتد حتى 30 يناير المقبل.

 ومن المقرر أن يوقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على المشروع ليصبح قانوناً نافذاً، مما يسمح باستئناف الأنشطة الحكومية فوراً.

ورغم هذا الانفراج النسبي، فإن الأزمة السياسية الأساسية لم تُحلّ بعد، إذ لا يزال الخلاف قائمًا بين الحزبين حول أولويات الإنفاق، خاصة في ملفات الرعاية الاجتماعية والهجرة والدفاع، ما يثير مخاوف من احتمال دخول الولايات المتحدة في إغلاق جديد مع نهاية مدة التمويل المؤقت. 

ويؤكد مراقبون أن التوتر السياسي المتصاعد داخل الكونغرس يعكس هشاشة التوافقات المالية في واشنطن، في ظل اقتراب موسم الانتخابات الرئاسية.

البيانات الاقتصادية 

اقتصاديًا، بدأت آثار الإغلاق تظهر بوضوح، إذ حُرم المستثمرون والاحتياطي الفدرالي من بيانات اقتصادية أساسية طوال الأسابيع الماضية، ما زاد من حالة عدم اليقين في الأسواق. 

وتوقفت مؤشرات الأداء الاقتصادي، بما في ذلك بيانات التضخم والبطالة والإنتاج الصناعي، عن الصدور خلال فترة الإغلاق، مما صعّب على صناع السياسات تقييم اتجاه الاقتصاد الأميركي بدقة.

وفي هذا السياق، قال جون ويليامز، رئيس الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، إن البنك المركزي الأميركي قد يستأنف قريبًا عمليات شراء السندات التقليدية بعد أن تراجعت مستويات السيولة العالية التي تراكمت في النظام المالي منذ جائحة كورونا.

وأوضح ويليامز خلال مؤتمر بالبنك الإقليمي أن الفدرالي سينهي قريبًا سياسة "التشديد الكمي" التي قلصت حجم حيازاته من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة ستتركز على إدارة حجم الاحتياطيات لضمان استقرار الأسواق المالية.

الأسواق العالمية 

وعلى صعيد الأسواق، شهدت المؤشرات الخليجية الرئيسية خسائر جماعية بالتزامن مع تراجع حاد في أسعار النفط، بينما ارتفعت أسهم التكنولوجيا الأميركية، إذ كسب سهم AMD نحو 35 مليار دولار من قيمته السوقية في يوم واحد، وقفز سهم IBM إلى مستويات تاريخية جديدة.

ورغم انتهاء الإغلاق رسميًا، يبقى القلق مسيطرًا في الأوساط السياسية والاقتصادية الأميركية، إذ يظل التمويل الحكومي مرهونًا بقدرة الكونغرس على تجاوز الانقسامات الحزبية.

 وبينما تتنفس واشنطن الصعداء مؤقتًا، يترقب العالم ما إذا كانت الإدارة الأميركية ستنجح في تجنب أزمة تمويل جديدة مع مطلع العام 2026، أو ستدخل في حلقة جديدة من الإغلاق الحكومي الذي يهدد أكبر اقتصاد في العالم.

تم نسخ الرابط