الخميس الحاسم.. هل يفاجئ البنك المركزي السوق بقرار تاريخي حول أسعار الفائدة؟

البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري

يترقب الاقتصاد المصري بتوتر قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها المقرر غدًا الخميس 20 نوفمبر، حيث تتصدر توقعات أسعار الفائدة العناوين الرئيسية في أسواق المال.

ومع استمرار التوازن الدقيق بين مكافحة التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي، يتوقع الخبراء والمؤسسات الدولية سيناريوهات متنوعة تتراوح بين التثبيت والخفض الجزئي، وفي ظل الارتفاع الأخير في معدلات التضخم، يعد هذا الاجتماع حاسمًا لتحديد مسار السياسة النقدية قبل نهاية العام.

ويأتي هذا الاجتماع السابع خلال عام 2025، بعد قرار الخفض السابق في أكتوبر الذي أدى إلى انخفاض سعر الإيداع لليلة واحدة إلى 21% وسعر الخصم إلى 21.5%، مما يعكس توجهًا نحو التيسير النقدي.

ومع ذلك، أدخلت قرارات رفع أسعار الوقود مؤخرًا متغيرًا جديدًا يعزز الحذر، حيث يتوقع أن يؤثر على التضخم التكلفي.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض التوقعات من خبراء استطلعنا رأيهم حول توقعات قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، والآثار الاقتصادية والسيناريوهات المحتملة.

التوازن بين التضخم والنمو في الاقتصاد المصري 2025

وشهد الاقتصاد المصري خلال 2025 تحديات متعددة، بما في ذلك صدمات العرض الناتجة عن تقلبات أسعار الطاقة العالمية وتأثيرها على التكاليف المحلية.

وفي أكتوبر الماضي، أقرت اللجنة خفضًا بمقدار 100 نقطة أساس، مما أرسل إشارة إيجابية للسوق ببدء دورة التخفيف النقدي، ومع ذلك، أفادت بيانات الهيئة العامة للإحصاء بارتفاع التضخم الأساسي إلى 12.1% في أكتوبر، مدفوعًا بزيادة أسعار المحروقات، مما يثير تساؤلات حول استمرار هذا الاتجاه.

ووفقًا لتقرير "رويترز" الصادر الاثنين الماضي، يتوقع استطلاع للرأي خفضًا متوسطًا بـ50 نقطة أساس، ليصل سعر الإيداع إلى 20.5%، مع التركيز على امتصاص آثار الصدمات الموسمية دون تعريض النمو للخطر.

كما أشارت تقارير إلى أن البنك المركزي يسعى لإعادة تقييم شامل للوضع الكلي، خاصة مع تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة طفيفة في الربع الثالث.

وهذه الخلفية تجعل الاجتماع نقطة تحول، حيث يقاس نجاح السياسة النقدية بقدرتها على تحقيق نمو يتجاوز 4% مع الحفاظ على التضخم تحت 10% بنهاية العام.

بين الخفض والتثبيت

وأكد الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، في تصريحات خاصة، أن التوقعات تشير بقوة نحو خفض بـ100 نقطة أساس (1%)، معتبرًا إياه "الخيار الأسلم والأكثر توازنًا" في المرحلة الحالية، موضحًا أن الارتفاع في التضخم الأخير لم يكن كبيرًا، بل يعود إلى عوامل موسمية وصدمات عرض، لا زيادة طلب مفرط، مما يجعل رفع أو تثبيت الفائدة غير فعال.

الدكتور مصطفى بدرة
الدكتور مصطفى بدرة

وأضاف: "البنك المركزي يدرك أن المحرك الرئيسي هو تكاليف الإنتاج وسعر الصرف، وليس السيولة النقدية"، لافتًا إلى أن الخفض سيساعد في تقليل أعباء الدين العام وتحفيز الاستثمار.

من جانبه، تحدث الدكتور حسن هيكل عن سيناريوهين، الأول التثبيت المؤقت لتقييم آثار رفع أسعار الوقود، أو خفض 100 نقطة لمواجهة الركود التضخمي، قائلاً: "التخفيض يهدف إلى تحفيز الإقراض والإنفاق الاستهلاكي، مما يدعم النمو".

وأشار، في تصريحات خاصة، إلى أن قرار أكتوبر يشير إلى توجه نحو التخفيف، لكن صدمة الوقود قد تحد منه إلى 100 نقطة فقط قبل ديسمبر، وتوقع هيكل أن الأقرب هو الخفض في نوفمبر أو الاجتماع التالي.

الدكتور حسن هيكل
الدكتور حسن هيكل

أما الدكتور سمير رؤوف، فقد مال إلى التثبيت، معتبرًا إياه خطوة ضرورية لاحتواء المخاطر التضخمية الناتجة عن تعديل أسعار المحروقات.

وأضاف في تصريحات خاصة: "التضخم الحالي تكلفي، وتثبيت الفائدة أداة أمثل لامتصاصه"، محذرًا من أن الخفض المبكر قد يغذي التوقعات التضخمية.

وأكد أن البنك سيعيد تقييم طبيعة الموجة التضخمية قبل أي تغيير، ربما في الاجتماعات اللاحقة.

الدكتور سمير رؤوف
الدكتور سمير رؤوف

رويترز ودويتشه بنك يحددان السيناريوهات

وعلى الصعيد الدولي، أظهر استطلاع "رويترز" توقعات بخفض 50 نقطة أساس في المتوسط، مع التركيز على الحفاظ على الاستقرار في ظل الضغوط التضخمية.

بينما توقع بنك "دويتشه" التثبيت على المستويات الحالية (21%-22%)، محذرًا من مخاطر الخفض السريع في ظل ارتفاع التضخم.

أما "إنتيسا سان باولو" الإيطالية، فقد رجحت خفضًا بـ75 نقطة بنهاية العام، ليصل سعر الفائدة إلى 20.25%، مع الإشارة إلى أن الاجتماع غدًا قد يشهد خطوة أولى جزئية.

وهذه الآراء تعزز الرؤية المحلية بأن القرار سيكون حذرًا، مع احتمال خفض محدود لدعم النمو دون إشعال التضخم.

دعم الاستثمار أم احتواء التضخم؟

وإذا تم الخفض بـ50-100 نقطة، كما يرجح بعض الخبراء، فسيؤدي إلى تقليل تكلفة الاقتراض، مما يحفز الاستثمار في الصناعة والتجارة، ويعزز القوة الشرائية للمستهلكين، وسيسهم في رفع الناتج المحلي بنسبة 0.5% إضافية، مع تقليل أعباء الموازنة العامة.

أما التثبيت، فيحمي من موجة تضخمية إضافية، لكنه قد يعمق التباطؤ، خاصة مع تراجع الإقراض بنسبة 15% في الربع الثالث.

وعلى المدى القصير، سيؤثر القرار على أسعار السلع المعمرة والعقارات، حيث يتوقع انخفاضًا في أسعار السيارات بنسبة 2-3% إذا خفضت الفائدة.

وفي السياق الأوسع، يتوافق الخفض مع توجهات البنوك المركزية العالمية، مثل الفيدرالي الأمريكي الذي خفض بنسبة 0.25% في نوفمبر.

ومع اقتراب الاجتماع، يبقى الترقب سيد الموقف، حيث يعد قرار 20 نوفمبر مفتاحًا لاستقرار الاقتصاد المصري، وسواء خفضت أسعار الفائدة أو جرى تثبيتها، فإن التركيز على التوازن بين النمو والتضخم سيكون الأولوية.

تم نسخ الرابط