مكاسب قناة السويس تتوالى.. أكبر أسطول نقل في العالم يعود ببشرى سارة لمصر

قناة السويس
قناة السويس

في خطوة تعكس انتعاشاً ملحوظاً لحركة الملاحة العالمية، أعلن الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، عن توقيع اتفاقية استراتيجية مع شركة "ميرسك" الدنماركية، أكبر شركات الشحن البحري في العالم، لعودة أسطولها الكامل إلى عبور القناة.

وهذا الإعلان، الذي جاء في مؤتمر صحفي عقد يوم الثلاثاء 25 نوفمبر 2025، يأتي بعد أكثر من عامين من الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على طرق الشحن عبر البحر الأحمر، مما أدى إلى انحراف مسارات التجارة العالمية.

ومع عودة "ميرسك"، التي تمتلك أكثر من 700 سفينة حاويات، تتوالى مكاسب قناة السويس، التي تعد الشريان الرئيسي لـ12% من التجارة العالمية، مشيرة إلى بداية عصر جديد من الاستقرار والنمو.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض كيف عادت كبرى الشركات العالمية إلى قناة السويس، بعد التوقف بسبب الحرب في غزة.

عودة أسطول ميرسك بالكامل في ديسمبر 2025

وأكد ربيع أن الاتفاقية الجديدة تضمن عودة سفن "ميرسك" إلى القناة بشكل جزئي ابتداءً من أوائل ديسمبر 2025، كمرحلة تمهيدية، تليها العودة الكاملة للأسطول بكامل طاقته.

ووفقاً لتصريحات الهيئة، كانت "ميرسك" قد عبرت 1158 سفينة عبر القناة في عام 2023، بمعدل 28 سفينة يومياً، قبل أن تتوقف عن الاستخدام الكامل بسبب التوترات الأمنية في المنطقة.

وهذا الاتفاق يعد انتصاراً لجهود الهيئة في تعزيز الثقة الدولية، حيث أدخلت خدمات جديدة مثل تحسين القدرة التشغيلية وتعظيم الاستفادة من الأصول، مما جعل القناة أكثر جاذبية للشركات العالمية.

من جانبها، أعربت "ميرسك" عن تفاؤلها بالشراكة، مع تأكيد الرئيس التنفيذي للشركة، فينسنت كليرك، أن "التقدم في عملية السلام في غزة شجع على عودة حرية التجارة العالمية التي تعرضت للتهديد خلال العامين الماضيين".

وأضاف كليرك أن قناة السويس تظل "الممر الملاحي المفضل لربط الأسواق الآسيوية بالأوروبية والأمريكية"، مشيراً إلى أن العودة ستعزز من كفاءة الشحن العالمي وتقلل التكاليف بنسبة تصل إلى 20% مقارنة بالطرق البديلة حول رأس الرجاء الصالح.

أرقام نوفمبر تتجاوز التوقعات بنسبة 27%

وشهدت قناة السويس انتعاشاً دراماتيكياً في حركة الملاحة خلال الأشهر الأخيرة، مما يعزى إلى تحسن الوضع الأمني بعد اتفاق السلام في شرم الشيخ.

وفي شهر أكتوبر 2025، بلغ عدد السفن العابرة 1136 سفينة، بارتفاع في الحمولات بنسبة 16%، وزيادة في العائد بالدولار بنسبة 15% مقارنة بالشهر السابق.

أما في نوفمبر، فقد ارتفع عدد السفن بنسبة 15%، والحمولات بنسبة 26%، مع نمو مذهل في العائد بالدولار يصل إلى 27%، وهذه الأرقام، التي أعلنها رئيس الهيئة، تظهر قدرة القناة على الصمود أمام التحديات، حيث سجلت زيادة إجمالية في العبور بنسبة 25% خلال الشهرين الأخيرين.

وأبرز ربيع أن هذا الارتفاع ليس مصادفة، بل نتيجة لإجراءات استراتيجية تشمل تطوير البنية التحتية وتقديم حوافز للشركات الملاحية، مما يعكس استعادة الثقة الدولية في القناة كبديل لا غنى عنه للطرق البحرية التقليدية.

قناة السويس
قناة السويس

توقعات الإيرادات في 2025

ومع عودة "ميرسك" ومباحثات متقدمة مع شركات أخرى مثل "CMA CGM" الفرنسية، التي أعلنت أيضاً عودتها الكاملة في ديسمبر، يتوقع ربيع تحقيق إيرادات تصل إلى 4.1 مليار دولار أمريكي خلال عام 2025، مقارنة بتراجع ملحوظ في السنوات السابقة بسبب الاضطرابات.

وأشار إلى أن التحسن الأكبر سيأتي في عام 2026، حيث من المتوقع أن تعود معدلات الملاحة إلى مستويات ما قبل الأزمة، مع زيادة في عدد السفن اليومي إلى أكثر من 50 سفينة.

وهذه التوقعات تعزى إلى دور القناة في دعم الاقتصاد المصري، حيث تساهم بنحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر فرص عمل لملايين المصريين مباشرة وغير مباشرة.

كما أنها تعكس التزام مصر بتعزيز الاستقرار الإقليمي، مما يجذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع اللوجستيات.

نقطة الانطلاق لاستعادة الاستقرار الإقليمي

وكان اتفاق السلام الذي عقد في شرم الشيخ خلال أكتوبر 2025 بين الأطراف المعنية في المنطقة نقطة تحول حاسمة.

وأكد ربيع أن هذا الاتفاق "نقطة الانطلاق لعودة حركة الملاحة إلى طبيعتها"، حيث خفف من التوترات في البحر الأحمر، مما شجع الشركات على إعادة توجيه مساراتها.

ووفقاً لتقارير دولية، أدى الاتفاق إلى انخفاض التأمين على السفن بنسبة 40%، مما يعزز الجاذبية الاقتصادية للقناة.

مباحثات متقدمة مع شركات ملاحة عالمية أخرى

ولم تقف جهود هيئة قناة السويس عند "ميرسك"، بل أعلن ربيع عن مباحثات متقدمة مع شركات كبرى أخرى، بما في ذلك "CMA CGM"، التي أكدت عودتها الكاملة قريباً.

وهذه المباحثات تهدف إلى تشجيع باقي الخطوط الملاحية على العودة، مما يتوقع أن يرفع حجم الحمولات السنوية إلى 1.3 مليار طن بحلول نهاية 2026.

وأضاف أن "عودة ميرسك وCMA ستشجع الآخرين على الانضمام"، مشدداً على أن القناة جاهزة بكامل طاقتها لاستقبال السفن.

لا بديل عن الممر الاستراتيجي

وأكد ربيع أن "لا بديل عن قناة السويس"، معتبراً إياها "ركيزة محورية لحركة الشحن البحري العالمي"، ومع عودة أكبر أسطول نقل، تعيد القناة رسم خريطة التجارة الدولية، مساهمة في خفض التكاليف العالمية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.

وهذا الانتعاش ليس مجرد مكسب مصري، بل إنجاز إقليمي يعكس نجاح الدبلوماسية المصرية في مواجهة التحديات.

تم نسخ الرابط