من 51 إلى 45؟ العد التنازلي بدأ.. متى ينهار الدولار فعلاً في مصر؟

الدولار مقابل الجنيه
الدولار مقابل الجنيه

في ظل التحسن الملحوظ في مصادر التدفقات الدولارية إلى الاقتصاد المصري، يظل سعر صرف الجنيه مقابل الدولار محور نقاش حاد بين الخبراء والمحللين، ومع اقتراب نهاية العام المالي 2025، واستقرار السعر الحالي حول 47.55 جنيهًا للدولار الأمريكي الواحد، تتجه الأنظار إلى مسار العملة المحلية في 2026. 
هل سيستمر الجنيه في تماسكه، أم ستواجهه ضغوط جيوسياسية وتغيرات عالمية؟، هذا ما نستعرضه، في هذا التقرير، من سمارت فاينانس.

من الذروة إلى الاستقرار النسبي

وشهد عام 2025 تحولات دراماتيكية في سعر صرف الجنيه، حيث بلغ الدولار ذروته عند 51.63 جنيهًا في أبريل، قبل أن ينخفض تدريجيًا إلى 47.55 جنيهًا بنهاية نوفمبر.

وهذا التراجع بنسبة 7.14% يعكس تحسنًا في التوازن النقدي، مدفوعًا بزيادة الاحتياطيات الأجنبية إلى أكثر من 50 مليار دولار لأول مرة في أكتوبر 2025، كما أفاد البنك المركزي المصري.

ووفقًا لتقرير البنك المركزي، انخفض عجز ميزان المدفوعات بنسبة 25.9% إلى 15.4 مليار دولار في العام المالي 2024/2025، بفضل ارتفاع التحويلات بنسبة 55.3% وإيرادات السياحة بنسبة 21%.

وهذه التطورات ليست مصادفة، إنها نتيجة إصلاحات هيكلية، بما في ذلك تعويم الجنيه في مارس 2024، الذي ساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 12.2 مليار دولار.

ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن هذا الاستقرار هش، خاصة مع ارتفاع الدين الخارجي إلى 156.7 مليار دولار بنهاية مارس 2025.

سيناريوهات بين 43 و49 جنيهًا للدولار

وتتباين التوقعات المحلية حول مسار الجنيه في 2026، مع تركيز على ثلاثة سيناريوهات رئيسية، حيث يرجح الخبير في أسواق المال هيثم فهمي، الاستقرار النسبي عند 47 جنيهًا، مع إمكانية الوصول إلى 45 جنيهًا في السيناريو المتفائل أو 49 جنيهًا في المتشائم.

ويربط فهمي هذه التوقعات بحجم التدفقات الدولارية من الصادرات (55 مليار دولار متوقعة)، التحويلات (40 مليار دولار)، السياحة (18 مليار دولار)، قناة السويس (12 مليار دولار)، والاستثمارات (10 مليارات دولار)، بالإضافة إلى انخفاض التضخم وتعديل أسعار الفائدة.

من جانبه، يتوقع رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، فخري الفقي، تراجعًا إلى 47 جنيهًا، مع إمكانية المزيد، مدعومًا بفوائض دولارية تجعل مصر قادرة على تلبية التزاماتها.

أما الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة، أستاذ التمويل، فيتوقع 45 جنيهًا كسعر متوازن، مستندًا إلى نمو التدفقات بنسبة 20% في 2025، خاصة في الصادرات والسياحة.

وحذر بدرة من تجنب التراجع الزائد لتجنب هزات في الاستثمارات، في حين ترى شركة "فيتش سوليوشنز" تداول الدولار بين 47 و49 جنيهًا طوال 2026، بينما يتوقع محللو بنك "بي إن بي باريبا" تراجعًا طفيفًا للجنيه بنسبة أقل من 5%.

أما رئيس قسم البحوث في "الأهلي فاروس"، هاني جنينة، فيشير إلى نطاق 43-47 جنيهًا، مدعومًا بتحسن عجز ميزان المعاملات الجارية، وهذه التوقعات تتوافق مع بيانات حديثة، حيث ارتفعت الصادرات غير النفطية بنسبة 19% في الأشهر العشرة الأولى من 2025، ووصلت إيرادات السياحة إلى 16.7 مليار دولار بنمو 19%.

الدولار الأمريكي
الدولار الأمريكي

توقعات المؤسسات الدولية

وفي المقابل، تكون التوقعات الدولية أكثر تشاؤمًا، حيث رفع صندوق النقد الدولي (IMF) توقعاته لـ2026 إلى 54.05 جنيهًا، مقابل 55.31 جنيهًا في 2027، كما في تقريره الأخير في أكتوبر 2025.

وتأتي هذه التعديلات في سياق برنامج تسهيل الصندوق الممدد لمصر حتى أكتوبر 2026، الذي يهدف إلى سعر صرف مرن وضبط المالية العامة.

كما توقعت "كابيتال إيكونوميكس" ضعفًا بنسبة 10% ليصل إلى 53 جنيهًا بنهاية 2026.

واستطلاع "رويترز" في يناير 2025 يشير إلى 54.75 جنيهًا بحلول منتصف 2026، بينما ترى "إي إف جي هيرميس" متوسطًا عند 51.75 جنيهًا.

وفي استطلاع "CNN الاقتصادية" في نوفمبر 2025، يتوقع علي متولي نطاقًا بين 50 و54 جنيهًا، مع استقرار تدريجي، وهذه التوقعات تعكس مخاوف من تقلبات مؤشر الدولار العالمي وضغوط الدين، رغم التحسن في الاحتياطيات.

تدفقات دولارية ومخاطر جيوسياسية

ويحدد مسار سعر الصرف معادلة العرض والطلب، مدعومة بخمس مصادر رئيسية، ففي 2025، ارتفعت التحويلات إلى 29 مليار دولار في الأشهر العشرة الأولى بنمو 77%، وفقًا للبنك المركزي، بينما بلغت إيرادات السياحة 16.7 مليار دولار.

كما تعافت قناة السويس جزئيًا إلى 10 مليار دولار متوقعة، مع نمو الصادرات غير النفطية بنسبة 33% في التسعة أشهر الأولى.

ومع ذلك، يحذر الخبير مدحت نافع، عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد، من مخاطر عقود المبادلة والعقود الآجلة، التي قد تخلق وفرة دولارية مؤقتة على حساب التزامات مستقبلية، مما يدفع السعر إلى أكثر من 50 جنيهًا تحت ضغوط جيوسياسية أو ارتفاع أسعار الطاقة.

وكذلك، يشكل الدين الخارجي عبئًا، مع توقع زيادة خدمة الدين في 2026، رغم خفض التضخم إلى 11.8% وفقًا للصندوق.

فرصة للاستقرار أم مخاطر التقلب؟

ويتجه سعر الجنيه أمام الدولار في 2026 نحو نطاق متباين بين 43 و54 جنيهًا، مع ميل محلي نحو الاستقرار عند 45-47 جنيهًا، مقابل تحذيرات دولية من الضعف، في حين أن النجاح يعتمد على استمرار التدفقات الدولارية وتنفيذ الإصلاحات، وسط تحديات عالمية.

تم نسخ الرابط