قناة السويس تعود بقوة وتحقق رقمًا ضخمًا.. ماذا حدث؟

قناة السويس
قناة السويس

في خطوة تعكس عودة الاستقرار إلى الشرايين البحرية العالمية، أعلنت هيئة قناة السويس عن تحقيق إيرادات قياسية بلغت 1.97 مليار دولار أمريكي خلال أول خمسة أشهر من العام المالي الجديد (2025-2026)، بنمو سنوي يصل إلى 17.5%.

وهذا الرقم الضخم، الذي أعلنه الفريق أسامة ربيع، رئيس الهيئة، أمس الاثنين خلال استقباله بعثة صندوق النقد الدولي، يأتي كمؤشر قوي على تعافي حركة الملاحة بعد فترة من التوترات في البحر الأحمر، ولكن ماذا حدث بالضبط لتعود "القناة الزرقاء" إلى بريقها؟.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض التفاصيل والأرقام والتوقعات التي تخص قناة السويس، والدور الاستراتيجي للقناة في الاقتصاد المصري والعالمي.

إيرادات قناة السويس في أول 5 أشهر من العام المالي 2025-2026

ومنذ بداية يوليو 2025 وحتى اليوم، شهدت قناة السويس عبور 5874 سفينة، بزيادة قدرها 5.2% مقارنة بالعام السابق، حيث بلغ عدد السفن 5584 فقط.

ولم تقتصر الإنجازات على العدد، إذ ارتفعت حمولات السفن الصافية بنسبة 14.4% لتصل إلى 247.2 مليون طن، مقابل 216 مليون طن في الفترة المماثلة من 2024.

وهذه الأرقام، التي أكدها ربيع أثناء اللقاء مع رئيسة بعثة صندوق النقد إيفانا فلادكوفا هولار، تظهر تحسنًا ملحوظًا في معدلات الملاحة، مدعومًا بعودة الثقة إلى شركات الشحن العالمية.

ووفقًا لبيان الهيئة الصادر أمس، فإن هذا النمو يعكس "عودة الاستقرار إلى منطقة البحر الأحمر"، حيث انخفضت الهجمات الحوثية بشكل كبير بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وفي السابق، تسببت التوترات في خسائر شهرية تصل إلى 800 مليون دولار، مع انخفاض الإيرادات بنسبة 60% خلال 2024، ليصل الإجمالي إلى 4 مليارات دولار فقط.

واليوم، يبدو أن الرياح قد هبت في الاتجاه الصحيح، مع عودة عملاقي الشحن "مارسك" و"سي إم إيه سي جي إم" إلى المرور عبر القناة، مما يمثل 27.3% من سوق الحاويات العالمية.

القناة أهم موارد العملة الصعبة في مصر

وفي تصريحاته للصحفيين أمس، أكد الفريق أسامة ربيع، أن قناة السويس تمثل "أحد أهم الشرايين البحرية في العالم"، مشيرًا إلى أنها حققت إجمالي إيرادات قدرها 40 مليار دولار في الفترة من 2019 إلى 2024.

قناة السويس
قناة السويس

وهذا الإرث يجعلها عمودًا فقريًا للاقتصاد المصري، حيث تساهم بنسبة كبيرة في الاحتياطي النقدي. 

وأضاف ربيع: "شهدت القناة تحسنًا متزايدًا في الحركة بعد التوصل إلى اتفاق وقف الحرب في غزة، وشركات الشحن تتطلع للعودة الكاملة".

كما نوه بعملية تجريبية ناجحة لشركة "سي إم إيه سي جي إم" الفرنسية، عبرت سفينتين بحمولتين كبيرتين من باب المندب، مما يشجع الشركات الأخرى على العودة.

وهذه الخطوات، حسب ربيع، ستعيد بناء جداول الإبحار خلال ثلاثة أشهر، مما يعزز من الثقة العالمية في القناة.

من 4.2 مليار في 2025 إلى 10 مليارات في 2028

ويتوقع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في تصريحاته بأكتوبر الماضي، عودة حركة السفن إلى طبيعتها خلال ثلاثة أشهر بعد اتفاق السلام في غزة.

ويتوافق ذلك مع توقعات ربيع، الذي يتوقع تجاوز إجمالي إيرادات العام الحالي 4.2 مليار دولار، بنمو طفيف عن 3.9 مليار في 2024.

ما المستقبل، فيشير البيان الصادر أمس إلى تحسن تدريجي، بواقع 8 مليارات دولار في العام المالي 2026-2027، وصولًا إلى 10 مليارات دولار في 2027-2028.

ويأتي ذلك مدعومًا بتوقعات صندوق النقد الدولي، الذي يتوقع تعافيًا يصل إلى 11.9 مليار دولار بحلول 2029-2030، مع انحسار التوترات الإقليمية.

وهذه التوقعات تعتمد على زيادة حركة السفن بنسبة 16% سنويًا، واستمرار الاستقرار الجيوسياسي.
تأثير الاستقرار في البحر الأحمر على قناة السويس

وكانت التوترات في البحر الأحمر، الناتجة عن الصراع في غزة والحوثيين، قد أجبرت السفن على الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، مما أدى إلى انخفاض الإيرادات بنسبة 61% في 2024.

ولكن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي أعلن في أكتوبر، غير المعادلة، حيث، أعلنت شركة "مارسك" عن استئناف عبورها عبر القناة في ديسمبر، مما يعني عودة 10% من القدرة العالمية للسفن.

ووفقًا لتقارير "بلومبرج"، فإن هذا الاستقرار يقلل من مخاطر الاقتصاد العالمي بنسبة 77%، حيث تعتمد 12% من التجارة العالمية على القناة. في مصر، يعني ذلك تعزيز الاحتياطي النقدي، الذي ارتفع بنسبة 25% بفضل السياحة والتحويلات، بالإضافة إلى إيرادات القناة.

دور قناة السويس في الاقتصاد المصري والعالمي

وتعد قناة السويس مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة في مصر، حيث ساهمت بـ40 مليار دولار في خمس سنوات، وتوظف آلاف العمال.

وعالميًا، هي شريان حيوي يربط أوروبا بآسيا، وأي تعطل فيها يرفع أسعار الشحن بنسبة 50%، واليوم، مع عودة الاستقرار، تشير التقارير إلى أن القناة ستعيد تشكيل سلاسل التوريد العالمية، مما يعزز من مكانة مصر كمركز لوجستي.

مستقبل مشرق للقناة الزرقاء

ويعيد إنجاز قناة السويس الثقة في قدرة مصر على التغلب على التحديات الجيوسياسية، ومع توقعات تصل إلى 10 مليارات دولار بحلول 2028، ودعم دولي من صندوق النقد، يبدو أن "القناة الزرقاء" ليست مجرد ممر مائي، بل رمز للصمود الاقتصادي.

تم نسخ الرابط