مليارات على الطريق.. منتدى الأعمال المصري القطري يعيد رسم خريطة الشراكة الاستثمارية

الاستثمارات القطرية
الاستثمارات القطرية في مصر

يمثل منتدى الأعمال المصري القطري محطة مفصلية في مسار العلاقات الاقتصادية بين القاهرة والدوحة، ليس فقط باعتباره حدثًا بروتوكوليًا، بل كأداة عملية لتفعيل استثمارات بمليارات الدولارات وتحويل التفاهمات السياسية إلى مشروعات إنتاجية على أرض الواقع، فالمنتدى، الذي انعقد بمشاركة حكومية ورجال أعمال من الجانبين، يعكس مرحلة جديدة من التعاون تقوم على الشراكة طويلة الأجل وتعميق المصالح المشتركة.

علاقات اقتصادية متنامية

في هذا السياق، أكد وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، أن المنتدى يمثل امتدادًا طبيعيًا لعلاقات اقتصادية تاريخية ومتينة بين مصر وقطر، تطورت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة.

 وأوضح أن مؤشرات التعاون الاقتصادي سجلت تحسنًا واضحًا سواء على مستوى التبادل التجاري أو الاستثمارات المباشرة، ما يعكس ثقة متبادلة في بيئة الأعمال لدى البلدين.

وبحسب البيانات، بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وقطر نحو 128.4 مليون دولار خلال عام 2024، محققًا نموًا بنسبة 22% مقارنة بالعام السابق، بينما ارتفع إلى نحو 143 مليون دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025، بنسبة نمو تقترب من 80% مقارنة بعام 2023، وهو ما يعكس اتساع قاعدة التعاون الاقتصادي.

استثمارات بمليارات الدولارات

الاستثمارات القطرية في السوق المصرية تمثل أحد أبرز مخرجات هذا التقارب، إذ بلغت نحو 3.2 مليار دولار موزعة على أكثر من 266 شركة تعمل في قطاعات متنوعة تشمل الصناعة، والتمويل، والسياحة، والخدمات.

 كما يُعد مشروع تطوير منطقة علم الروم بالساحل الشمالي من أبرز الصفقات الاستثمارية الكبرى، حيث تضخ قطر استثمارات تُقدَّر بنحو 29 مليار دولار ضمن شراكات استراتيجية في مجالات التنمية العمرانية والسياحية.

ويشير جاب الله إلى أن منتدى الأعمال يلعب دورًا محوريًا في تفعيل هذه الحزمة الاستثمارية، من خلال تمكين المستثمرين من الدخول في مشروعات فعلية، مستفيدين من التسهيلات والحوافز التي تقدمها الدولة المصرية.

دور محوري للقطاع الخاص

من جانبه، أكد أيمن العشري، عضو لجنة تنمية الصادرات، أن المنتدى يعكس الدور المتزايد للقطاع الخاص في تحويل التقارب الاقتصادي إلى شراكات إنتاجية حقيقية. 

وأوضح أن ارتفاع معدلات التبادل التجاري بنحو 80% خلال العامين الماضيين يدعم فرص التصنيع المشترك وتعميق سلاسل القيمة، بما يسهم في توسيع قاعدة الصادرات المصرية.

وأضاف أن المنتدى يركز على قطاعات ذات أولوية، في مقدمتها التصنيع المشترك، والصناعات الوسيطة، والطاقة الجديدة والمتجددة، والتنمية السياحية، مشيرًا إلى أن الإصلاحات الهيكلية التي نفذتها الدولة عززت من كفاءة مناخ الاستثمار.

مرحلة من الزخم

أكد الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار، أن العلاقات الاقتصادية بين مصر وقطر تشهد مرحلة جديدة من الزخم، في ضوء توجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بزيادة حجم التعاون الاقتصادي في مختلف المجالات.

وأوضح إبراهيم، أن هناك حزمة مساندة تمويلية قطرية تم توجيهها لدعم الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أن الأشهر الماضية شهدت دراسة عدد كبير من الفرص الاستثمارية، سواء لمشروعات جديدة في مجالات التنمية العمرانية والسياحية أو توسعات لشركات قائمة بالفعل داخل السوق المصرية.

بيئة استثمار أكثر جاذبية

التحسن في المؤشرات الاقتصادية الكلية يعزز من جاذبية السوق المصرية، حيث تراجع معدل التضخم إلى نحو 12.3%، وارتفع الاحتياطي النقدي إلى قرابة 50.2 مليار دولار، كما أسهمت إعادة هندسة منظومة الاستثمار والتجارة في تقليص زمن الإفراج الجمركي من 16 يومًا إلى 5.8 يوم، مع استهداف يومين فقط، ما يعكس توجهًا جادًا لتسهيل الأعمال.

وأكد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، المهندس حسن الخطيب، أن العلاقات المصرية القطرية تستند إلى أسس من الثقة والتعاون المشترك، مشيرًا إلى أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الدوحة شكّلت نقطة انطلاق لإعلان حزمة جديدة من الاستثمارات القطرية، وفتح آفاق أوسع للشراكة الاقتصادية.

آفاق مستقبلية واعدة

ويرى خبراء أن المنتدى يمثل فرصة لإبراز الواقع الاقتصادي المصري الحقيقي، في ظل الطفرة الكبيرة في البنية التحتية، وتطوير الموانئ والمطارات، وتوفير الأراضي الصناعية، والتحول الرقمي، وهي عوامل تعزز قدرة مصر على جذب استثمارات خليجية ودولية نوعية.

وفي ظل استهداف الدولة رفع الصادرات إلى 145 مليار دولار، يصبح تعميق الشراكة مع قطر عنصرًا محوريًا في دعم النمو الاقتصادي المستدام، وتحويل التفاهمات السياسية إلى نتائج ملموسة تعود بالنفع على اقتصاد البلدين، وترسخ شراكة استراتيجية قادرة على الصمود أمام المتغيرات الإقليمية والدولية.

تم نسخ الرابط