الركود يضرب سوق الأجهزة المنزلية في مصر.. هل يمكن خفض الأسعار بنسبة أكبر؟

الأجهزة الكهربائية
الأجهزة الكهربائية

في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، يواجه قطاع الأجهزة الكهربائية والمنزلية في مصر أزمة مزدوجة تجمع بين ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف القوة الشرائية للمستهلكين، ورغم محاولات الشركات خفض الأسعار بنسب تتراوح بين 5% و20% خلال الأشهر الأخيرة، إلا أن هذه الجهود لم تتمكن من تنشيط المبيعات، بل ساهمت في تراجع حركة الشراء بنسب تصل إلى 30-40% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.

وهذا الركود دفع بعض المصانع إلى تقليص طاقتها الإنتاجية بنحو 25%، مع التركيز على البحث عن فرص تصديرية جديدة للسيطرة على زيادة المعروض.

ووفقاً لتقارير حديثة، يأتي هذا الوضع وسط ضغوط متزايدة من ارتفاع أسعار المواد الخام مثل النحاس والصاج، مما يجعل خفض الأسعار بنسب أكبر أمراً صعباً.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض الأسباب الرئيسية لهذا الركود، التأثيرات على الشركات والمستهلكين، والتوقعات المستقبلية.

أسباب الركود في سوق الأجهزة المنزلية بمصر 2025

ويعزى الركود الحالي في سوق الأجهزة المنزلية إلى عدة عوامل مترابطة، أولاً، ضعف القوة الشرائية لدى المستهلكين، الذي تفاقم بسبب السياسات النقدية للبنك المركزي المصري، مثل طرح شهادات ادخار بعوائد تصل إلى 27% في العام الماضي للسيطرة على التضخم.

وهذا دفع الكثيرين إلى تأجيل شراء الأجهزة الجديدة واللجوء إلى الإصلاح بدلاً من الاستبدال، ومن جانب آخر، يرى رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة الجيزة التجارية، جورج سدرة، أن "تشبع الطلب" في عام 2023 كان سبباً رئيسياً.

وشهدت السوق شراءً مكثفاً بسبب الزيادات السعرية المتلاحقة، مما أدى إلى تخزين الأسر للأجهزة الأساسية مثل الثلاجات والغسالات.

واليوم، تكدس المحال التجارية بالبضائع دون طلب يذكر، مع عدم تناسق الأسعار مع متوسط الدخل في مصر.بالمقابل، ينفي رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الصناعات المصرية، حسن مبروك، وجود تشبع حقيقي، مشيراً إلى أن الزيادة السكانية والتوسع العمراني يولدان طلباً مستمراً.

ومع ذلك، يؤكد أن التراجع في القوة الشرائية وارتفاع الأسعار هما السببان الرئيسيان، كما ساهم دخول شركات أجنبية جديدة في زيادة المعروض، مما عزز المنافسة لكن زاد الضغط على الشركات المحلية.

تأثير ارتفاع أسعار النحاس والصاج على تكاليف الإنتاج

وشهدت تكاليف الإنتاج ارتفاعاً بنحو 15% على الأقل في 2025، بسبب زيادة أسعار النحاس والصاج، حيث بلغ سعر النحاس مستوى قياسياً عند 11.7 ألف دولار للطن في ديسمبر 2025، بزيادة 36% عن العام السابق

ووفقاً لتوقعات جولدمان ساكس المحدثة، من المتوقع استقرار السعر حول 11.4 ألف دولار في 2026 تحت السيناريو الأساسي، مع احتمال انخفاض طفيف من المستويات القياسية

أما الصاج، فقد فرضت وزارة الاستثمار المصرية رسوماً وقائية على وارداته منتصف سبتمبر 2025 لمدة 200 يوم، مما رفع التكاليف بنسبة 5-6%، وهذا أثر مباشرة على تصنيع الثلاجات وأجهزة التكييف، حيث زادت التكاليف بنسبة 7-8% بسبب النحاس.

الأجهزة الكهربائية
الأجهزة الكهربائية

ويطالب مبروك بإلغاء هذه الرسوم فوراً، مشيراً إلى أن شعبته قدمت طلباً لوزارة الصناعة قبل أسبوعين، حيث يمكن أن يخفض ذلك التكاليف بنسبة 5-6% ويجنب زيادات سعرية في 2026.

هل يمكن خفض الأسعار بنسبة أكبر في سوق الأجهزة المنزلية؟

وتجدد شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة الجيزة دعوتها لخفض الأسعار بنسبة 10% إضافية لتنشيط المبيعات، لكن اتحاد الصناعات يرى صعوبة في ذلك بسبب الضغوط المستمرة.

ويتوقع سدرة انخفاضاً بنسبة 5-10% مع بداية 2026، خاصة مع انتهاء آجال الشهادات المرتفعة العائد وانتعاش الطلب في الربع الأول.

من ناحية أخرى، يلمح مبروك إلى احتمال زيادة الأسعار في أضيق نطاق ممكن، مؤكداً أن الشركات تمتص جزءاً كبيراً من الزيادات لتجنب تحميلها على المستهلك.

وقال: "نحن لا نرفع الأسعار لزيادة الربح، بل للحفاظ على الاستمرار"، مشيراً إلى أن أي زيادة تعني تراجع المبيعات وزيادة المخزون، مما يهدد العمالة.

ورغم الركود الحالي، تظهر تقارير حديثة مثل تلك من Mordor Intelligence وStatista توقعات بنمو السوق بنسبة 4.57-8.97% حتى 2030، مع وصول الحجم إلى 4.91-10.75 مليار دولار

وهذا يشير إلى أن الركود قد يكون مؤقتاً، لكن يتطلب تدخلات حكومية.

التأثير على الصادرات والطلب الحكومي على الدعم

وانعكس ارتفاع التكاليف سلباً على القدرة التصديرية، مع منافسة شديدة من الصين وتركيا، حيث بلغت صادرات الأجهزة المنزلية المصرية 1.1 مليار دولار من يناير إلى سبتمبر 2025، بنمو 9%، لكن الميزة التنافسية في الأسواق الأفريقية تراجعت.

ويطالب مبروك الحكومة بدعم عاجل، بما في ذلك إلغاء رسوم الصاج، مراجعة الضرائب العقارية، وخفض أسعار الطاقة والكهرباء والغاز.

كما يدعو إلى حلول جذرية للمصانع المتعثرة، محذراً من تفاقم الركود إذا استمر الوضع، حيث تعمل المصانع بهوامش ربح شبه معدومة.

ويبدو خفض الأسعار بنسب أكبر ممكناً إذا تمت إزالة العوائق الحكومية، لكن التوازن بين التكاليف والطلب يظل تحدياً كبيراً، ومع توقعات بانتعاش في 2026، قد يشهد السوق تحولاً إيجابياً إذا تم الاستجابة لمطالب القطاع.

تم نسخ الرابط