توقعات متشائمة لـ "الدولار الأمريكي".. هل بدأت نهاية العملة الخضراء؟

الدولار الأمريكي
الدولار الأمريكي

في عالم الاقتصاد المتقلب، يقف الدولار الأمريكي، العملة التي طالما هيمنت على الأسواق العالمية، عند مفترق طرق، ومنذ بداية عام 2025، تتزايد الأصوات التي تحذر من تراجع محتمل لقوة الدولار، مدفوعة بسياسات اقتصادية مثيرة للجدل، وضغوط التضخم، وتحولات جيوسياسية غير مسبوقة.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نغوص في أعماق التوقعات المتشائمة التي تحيط بالعملة الأمريكية، مستعرضًا أسباب هذا التحول وتأثيراته المحتملة على الأسواق العالمية، مع الاستناد إلى تحليلات موثوقة وآراء خبراء اقتصاديين.

سياسات ترامب وتأثيرها

ومنذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 2025، شهدت الأسواق المالية سلسلة من الصدمات الاقتصادية التي أثرت على مكانة الدولار كملاذ آمن.

وتقرير نشرته صحيفة "الإيكونوميست" أشار إلى أن الدولار يمر بمرحلة ضعف غير مسبوقة منذ سنوات، مدفوعًا بسياسات ترامب التجارية، بما في ذلك فرض رسوم جمركية بنسبة 20% على واردات كندا والمكسيك و10% على البضائع الصينية.

وهذه السياسات، وفقًا لخبراء في "بلومبرغ"، أثارت مخاوف من التضخم الراكد، مما يجمع بين نمو اقتصادي ضعيف وارتفاع الأسعار، وهو ما يضع ضغوطًا هبوطية على الدولار.

تحليل مؤشر الدولار (DXY)

ومؤشر الدولار الأمريكي (DXY)، الذي يقيس قيمة الدولار مقابل سلة من العملات الرئيسية، شهد انخفاضًا ملحوظًا بنسبة تزيد عن 11% منذ بداية 2025، وفقًا لتحليلات منصة "TradingView".

والمؤشر يتداول حاليًا تحت خطوط الاتجاه الهابطة، مع توقعات بمزيد من الانخفاض نحو مستويات 97.45-97.80 إذا لم يتمكن من اختراق مقاومة عند 99.43، في حين أن هذا التراجع يعكس ضعف الدولار مقابل عملات مثل اليورو، الذي ارتفع إلى 1.1754 دولار، محققًا مكاسب سنوية بنسبة 13.5%.

توقعات المؤسسات المالية

ومؤسسات مالية كبرى مثل "مورجان ستانلي" و"باركليز" أصدرت توقعات تشير إلى نمو ضعيف في الناتج المحلي الأمريكي لعام 2025، يتراوح بين 0.1% و0.6%، مع ارتفاع معدل البطالة إلى حوالي 5%.

وهذه التوقعات ترى أن السياسات التجارية الحمائية ستؤدي إلى ضغوط تضخمية، مما يعقد جهود الاحتياطي الفيدرالي لتحقيق استقرار اقتصادي.

أما رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أشار إلى أن التضخم قد يصل إلى 2.5% في نهاية 2025، مع استمرار الحذر في خفض أسعار الفائدة، مما يعزز عدم اليقين حول قوة الدولار.

الدولار الأمريكي
الدولار الأمريكي

ردود فعل الأسواق العالمية

والأسواق العالمية تشهد حالة من التناقض بين التفاؤل في أسواق الأسهم والتشاؤم الاقتصادي، وعلى سبيل المثال، الين الياباني سجل مكاسب أسبوعية بنسبة 1% مقابل الدولار، مدعومًا بتوقعات رفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الياباني.

ةفي الوقت نفسه، يواجه الدولار تحديات من صعود بدائل مثل الذهب والبيتكوين، إلى جانب مبادرات مجموعة "بريكس" لتقليل الاعتماد على العملة الأمريكية، وهذه العوامل، قد تدفع الولايات المتحدة إلى ردود فعل قوية لحماية هيمنة الدولار.

تأثير الدين العام الأمريكي

والدين العام الأمريكي، الذي تجاوز 37 تريليون دولار، يعد أحد أبرز العوامل التي تثير القلق حول الدولار، وبعض المحللين يرون أن محاولات الولايات المتحدة لتخفيف أعباء الدين قد تؤدي إلى خفض قيمة الدولار بنسبة تصل إلى 30% مقابل العملات الرئيسية، مما يرفع أسعار السلع مثل النفط والذهب.

وهذا السيناريو، قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم عالميًا، مما يزيد من الضغوط على العملات المرتبطة بالدولار.

ورغم التوقعات المتشائمة، هناك آراء متفائلة ترى أن الدولار قد يحتفظ بقوته في المدى القصير بفضل استمرار الفوارق في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات الكبرى. 
ويبقى التحدي الأكبر هو قدرة الدولار على مواجهة الضغوط الهيكلية، بما في ذلك الدين المتزايد وسياسات التشديد النقدي.

وفي ظل الاضطرابات الاقتصادية والسياسية، يواجه الدولار الأمريكي تحديات غير مسبوقة في 2025، وبين سياسات ترامب التجارية، وارتفاع التضخم، وتزايد الدين العام، يبدو أن العملة الخضراء على وشك اختبار جديد لصمودها.

ومراقبو الأسواق يترقبون بقلق، فيما تظل التوقعات مشوبة بالحذر، والسؤال الأهم حاليًا: هل سيحافظ الدولار على مكانته كعملة عالمية رائدة، أم أننا نشهد بداية تراجع هيمنته؟.

تم نسخ الرابط