عاصفة اقتصادية تهدد العالم.. تحذير صادم من قلب وول ستريت

عاصفة تهدد الاقتصاد
عاصفة تهدد الاقتصاد العالمي

في عالم التمويل، حيث تتشابك الأرقام مع الأحلام والمخاوف، يبرز صوت جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك "جي بي مورجان تشيس"، كمنارة تحذير لا يمكن تجاهلها، فهو ليس مجرد مصرفي عادي، بل قائد أدار أكبر بنك في العالم خلال أزمات مالية عاتية، محولاً "جي بي مورجان" إلى قلعة مالية عصية على السقوط. 

وتحذيرات ديمون المتكررة من "إعصار اقتصادي" و"مخاطر جيوسياسية غير مسبوقة" ليست مجرد تنبؤات، بل أجراس إنذار تدق في أروقة وول ستريت، محملة برؤية عميقة لاقتصاد عالمي على حافة الهاوية.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض تحذيرات ديمون الأخيرة، لنكشف عن الأسباب التي تجعل قائد وول ستريت يرى عاصفة اقتصادية تلوح في الأفق.

التضخم المستمر والديون الأمريكية قنبلة موقوتة

وفي رسالته السنوية للمساهمين، وصف جيمي ديمون المناخ الجيوسياسي الحالي بأنه "الأكثر خطورة منذ الحرب العالمية الثانية"، مشيراً إلى أن التضخم المستمر يشكل تهديداً كبيراً للاقتصاد العالمي.

وأوضح أن عوامل مثل الإنفاق المالي المرتفع، إعادة هيكلة سلاسل التوريد العالمية، وزيادة الإنفاق العسكري تدفع التضخم إلى مستويات قد تكون كارثية، وفي تصريحات لاحقة في مايو 2025، حذر ديمون من أن الأسواق تتهاون في تقدير هذه المخاطر، مشيراً إلى أن فروق أسعار القروض لا تعكس احتمالية تباطؤ اقتصادي حاد.

ولم يتوقف ديمون عند التضخم، بل سلط الضوء على الدين الأمريكي الذي تجاوز 34.58 تريليون دولار عام 2024، بنسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي تتخطى 123%.

وفي تصريح صريح، شبه ديمون هذا الدين بـ"منحدر" يقود الاقتصاد الأمريكي نحو "هاوية"، محذراً من أن أسعار الفائدة قد ترتفع إلى 8% أو أكثر في السنوات القادمة إذا لم تعالج هذه المشكلة.

التوترات الجيوسياسية وقود للأزمة

ولم يقتصر تحذير جيمي ديمون على العوامل الاقتصادية، بل امتد إلى المشهد الجيوسياسي الملتهب، حيث أشار إلى أن "الحرب العالمية الثالثة قد بدأت بالفعل"، مستنداً إلى الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط، والتعاون المتزايد بين دول مثل روسيا، الصين، كوريا الشمالية، وإيران.

وأكد أن انتشار الأسلحة النووية يمثل "أكبر مخاطر البشرية"، متجاوزاً حتى تغير المناخ، وهذه التوترات، بحسب ديمون، تهدد بتعطيل أسواق السلع، بما في ذلك النفط والغذاء، مما قد يرفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، كتوقعه بأن يصل سعر النفط إلى 150-175 دولاراً للبرميل.

جيمي ديمون
جيمي ديمون

الأسواق تتجاهل التحذيرات

وفي يوليو 2025، انتقد جيمي ديمون "التراخي الاقتصادي" في الأسواق، مشيراً إلى أن المستثمرين قللوا من شأن التعريفات الجمركية المحتملة، مثل تلك التي اقترحها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب (50% على الواردات البرازيلية و200% على الأدوية).

وأوضح أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تضخم إضافي وركود اقتصادي، خاصة إذا ردت الدول الأخرى بإجراءات مماثلة، مشيرًا إلى أن ثقة المستثمرين المفرطة، التي تجلت في ارتداد سوق الأسهم بعد انخفاض طفيف بنسبة 10%، تعكس عدم تقدير حقيقي للمخاطر.

رؤية ديمون بين التشاؤم والواقعية

وعلى الرغم من تحذيراته القاتمة، يرى البعض أن جيمي ديمون يتبنى نهجاً براجماتياً، فقد أشار المحلل المصرفي برايان فورن إلى أن ديمون "يستعد للأسوأ" بدلاً من التنبؤ بحتمية الكارثة، مما ساعد "جي بي مورجان" على تحقيق أداء قوي حتى في أوقات الأزمات.

وعلى سبيل المثال، استفاد البنك من ارتفاع أسعار الفائدة في 2023، بينما عانت بنوك أخرى من السندات منخفضة العائد، ومع ذلك، يرى منتقدون أن تحذيرات ديمون قد تكون جزءاً من "بناء علامته التجارية"، حيث يعزز صورته كقائد حذر يتوقع الأسوأ بينما يحقق بنكه نجاحات استثنائية.

هل يمكن تجنب العاصفة؟

وتحذيرات جيمي ديمون ليست مجرد صيحات في الفراغ، بل دعوات للتأهب لعالم يواجه تحديات اقتصادية وجيوسياسية غير مسبوقة.

ومن التضخم المستمر والديون الأمريكية المتفاقمة إلى التوترات الجيوسياسية التي تهدد استقرار الأسواق، يبدو أن العاصفة التي يتحدث عنها ديمون ليست مجرد احتمال، بل واقع يتطلب استعداداً فورياً.

ومع استمرار الأسواق في التهاون، كما يرى ديمون، يصبح السؤال: هل يمكن للاقتصاد العالمي تفادي هذه الكارثة، أم أننا بالفعل على موعد مع إعصار اقتصادي لا مفر منه؟.

تم نسخ الرابط