الديون ترتفع ومصادر التمويل تتغير.. قراءة في وضع المالية العامة لمصر

الديون المصرية
الديون المصرية

سجل الدين العام في مصر ارتفاعًا ملحوظًا خلال الربع الأول من العام الجاري، ليصل إلى نحو 14.6 تريليون جنيه بنهاية مارس 2025، مقارنة بنحو 14 تريليونًا تقريبًا في نهاية ديسمبر الماضي، بزيادة قدرها 4.4%، وفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
وتعكس هذه الزيادة استمرار التحديات التي تواجهها المالية العامة، في ظل ضغوط الإنفاق الجاري على المشروعات القومية والخدمات، وارتفاع تكلفة التمويل المحلي والخارجي، إلى جانب تأثيرات أسعار الفائدة والتقلبات الاقتصادية العالمية، ما يدفع الحكومة إلى تبني استراتيجيات تمويل أكثر مرونة خلال المرحلة المقبلة.

الدين المحلي يشكل 73% من الإجمالي

 

أظهرت البيانات أن الدين المحلي استحوذ على الجزء الأكبر من إجمالي الدين العام بنسبة 73%، ليسجل نحو 10.6 تريليون جنيه بنهاية مارس، بزيادة 5.2% عن الربع السابق، في حين بلغ الدين الخارجي ما يعادل 4 تريليونات جنيه، بزيادة نسبتها 2.1%.
ويرى محللون أن زيادة الاعتماد على التمويل المحلي يرجع إلى عدة عوامل، أبرزها رغبة الحكومة في تقليل الاعتماد على التمويل الخارجي تجنبًا لمخاطر تقلبات أسعار الصرف، وارتفاع تكلفة التمويل بالدولار، إلى جانب توافر أدوات دين داخلية متاحة عبر البنوك وصناديق الاستثمار والمؤسسات الحكومية.

تحديات قائمة


في هذا السياق، يشير عدد من الاقتصاديين إلى أن مستويات الدين العام، رغم زيادتها، لا تزال تحت السيطرة نسبيًا بالمقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي، خاصة في ظل التزام الحكومة المستمر بسداد التزاماتها المحلية والخارجية دون تأخر.
وتبقى كُلفة خدمة الدين أي سداد الفوائد والأقساط من أبرز التحديات، حيث تُشكل حصة كبيرة من إجمالي المصروفات العامة في الموازنة، الأمر الذي يتطلب الاستمرار في خطط إعادة هيكلة الإنفاق، وتحسين كفاءة التحصيل الضريبي، وتعزيز الإيرادات العامة، دون إثقال كاهل المواطنين.


تنويع أدوات التمويل 


ضمن خطتها لمواجهة هذه التحديات، تعمل الحكومة المصرية على تنويع مصادر التمويل، من خلال توسيع قاعدة المستثمرين المحليين، وتفعيل أدوات الدين طويلة الأجل لخفض تكلفة الاقتراض، إلى جانب التوسع في برنامج الطروحات الحكومية لجذب استثمارات أجنبية مباشرة تساهم في تخفيف الضغوط على الموازنة.
كما تُولي الحكومة اهتمامًا خاصًا بتشجيع القطاع الخاص للمشاركة في التنمية، وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بما يعزز من قدرة الاقتصاد على النمو ويقلل تدريجيًا من الاعتماد على الاقتراض.


نظرة مستقبلية متوازنة


رغم التحديات المرتبطة بارتفاع الدين العام، فإن مراقبين يشيرون إلى أن مصر تواصل التزامها بتنفيذ برنامج إصلاح مالي وهيكلي يهدف إلى تحقيق التوازن بين الاستدامة المالية والنمو الاقتصادي.
ويتوقع أن يكون لتراجع التضخم وتحسن التدفقات من السياحة والصادرات وتحويلات المصريين في الخارج دور إيجابي في تعزيز استقرار المالية العامة خلال الفترة المقبلة.

تم نسخ الرابط