البنك المركزي يراهن على الجنيه.. هل ينجح خفض الفائدة في إنعاش الاقتصاد؟

في خطوة اقتصادية جريئة تعد بمثابة نقطة تحول في مسار السياسة النقدية المصرية، أعلن البنك المركزي المصري أول أمس عن خفض أسعار الفائدة بنسبة 2% (200 نقطة أساس)، لتصبح أسعار عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة 22% و23% على التوالي، وسعر العملية الرئيسية 22.5%.
وهذا القرار، الذي يعد الثالث من نوعه خلال عام 2025، يعكس استراتيجية مدروسة لتحفيز النمو الاقتصادي وتخفيف الضغوط التضخمية، وسط توقعات بتداعيات إيجابية على قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض تأثير هذا القرار على سعر الجنيه المصري>
خلفية القرار وأهدافه الاقتصادية
وجاء قرار البنك المركزي المصري في ظل تحسن ملحوظ في مؤشرات الاقتصاد الكلي، حيث سجل التضخم العام انخفاضًا إلى 13.9% في يوليو 2025 مقارنة بـ14.9% في يونيو.
كما أشار البنك المركزي إلى نمو اقتصادي مرتفع بنسبة 5.4% خلال الربع الثاني من 2025، مدفوعًا بمساهمات الصناعات التحويلية غير البترولية وقطاع السياحة.
و هذه المؤشرات، إلى جانب استقرار سعر الصرف وتحسن احتياطيات العملات الأجنبية، منحت البنك المركزي هامشًا لاستئناف سياسة التيسير النقدي، بهدف تحفيز الاستثمار ودعم النشاط الاقتصادي.
تأثير القرار على الجنيه المصري
وأعرب الدكتور سمير رؤوف، الخبير الاقتصادي، عن ترحيبه الشديد بقرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بنسبة 2% (200 نقطة أساس)، واصفًا إياه بأنه خطوة استراتيجية حكيمة تؤكد بداية انحسار الضغوط التضخمية واستقرارها عند مستويات أكثر أمانًا واستدامة، كما تظهر البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي.
وأكد أن هذا القرار يشكل إشارة قوية وواضحة لإعادة تنشيط الأسواق المالية، وعلى رأسها البورصة المصرية، حيث سيدفع المواطنون والمستثمرون للبحث عن فرص استثمارية أكثر جاذبية توفر عوائد أعلى مقارنة بالودائع البنكية التقليدية ذات الفائدة المنخفضة الآن.
وأوضح الدكتور رؤوف في تصريحات لـ "سمارت فاينانس": "هذا القرار سيُحرك عجلة الاقتصاد بقوة، وسينهي حالة الركود التي أثقلت كاهل الأسواق، ومن خلال تحفيز الاستثمار في القطاعات الإنتاجية، سيتم تعزيز الإنتاج المحلي، مما يمهد الطريق لزيادة الصادرات المصرية إلى الأسواق العالمية"
وأضاف: "هذه الزيادة في الصادرات ستترجم إلى تدفقات وفيرة من العملات الأجنبية إلى خزائن الدولة، مما سيعزز من استقرار الجنيه المصري ويحسن موقعه التنافسي أمام الدولار وسائر العملات الأخرى".

تعزيز احتياطي النقد الأجنبي
وتابع: "على الجانب الآخر، فإن توجيه الاستثمارات نحو الإنتاج المحلي سيسهم في توفير بدائل قوية وتنافسية للسلع المستوردة، مما سيقلل بشكل ملحوظ من فاتورة الاستيراد، وهذا التقليص سيخفف الضغط على احتياطيات العملات الأجنبية لدى البنك المركزي، مما يعزز من قوة الجنيه ويُرسخ استقرار الاقتصاد الكلي".
واختتم الدكتور سمير رؤوف تصريحه بالقول: "قرار خفض الفائدة هو خطوة جريئة ومدروسة تعزز من آفاق النمو الاقتصادي في مصر، وتمهد الطريق لتعافٍ اقتصادي شامل ومستدام، ومع استمرار السياسات النقدية الحكيمة والمتابعة الدقيقة للتحديات العالمية، مثل التوترات الجيوسياسية وتقلبات الأسواق الدولية، ستتمكن مصر من تحقيق طفرة اقتصادية تعيد ترسيخ مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية رائدة".
في سياق السوق، أظهرت بيانات حديثة استقرارًا نسبيًا في سعر الدولار أمام الجنيه المصري، حيث سجل الدولار 48.53 جنيه يوم الخميس 28 أغسطس 2025، بانخفاض 4% عن مستواه في يناير 2025 (50.70 جنيه).
التداعيات على الاستثمار والاقتصاد
ويتوقع أن يؤدي خفض الفائدة إلى تقليل تكلفة الاقتراض، مما يشجع المنتجين والتجار على التوسع في الأنشطة الإنتاجية، وهذا التحفيز سيسهم في زيادة الصادرات، كما أشار الدكتور رؤوف، مما يعزز تدفقات العملات الأجنبية.
كما أن تقليل فاتورة الاستيراد من خلال دعم الإنتاج المحلي سيخفف الضغط على احتياطيات العملات الأجنبية، التي ارتفعت إلى 15.08 مليار دولار بنهاية مارس 2025.
ويمثل قرار البنك المركزي المصري بخفض الفائدة 2% خطوة استراتيجية تستهدف تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز استقرار الجنيه المصري، وسيكون له تداعياته الإيجابية على كامل نواحي الإقتصاد المصري.