انطلاقة مذهلة لصناعة السكة الحديد.. مصر تصنع قطاراتها وتقترب من التصدير

صناعة عربات القطارات
صناعة عربات القطارات

في قلب محافظة بني سويف، وتحديدًا في ورش كوم أبو راضي، تتألق نقطة انطلاق جديدة لصناعة السكك الحديدية في مصر، حيث يبرز مصنع كولواي الأسبانية كجزء من رؤية طموحة لتحويل مصر إلى مركز صناعي إقليمي.

وهذا المشروع، الذي بدأ إنتاجه في مارس 2025، ليس مجرد مصنع لتصنيع المكونات الداخلية للقطارات، بل هو رمز للتعاون بين القطاعين العام والخاص، وخطوة جريئة نحو توطين الصناعات الثقيلة، وتوفير العملة الصعبة، وتعزيز القدرات التصديرية.

وفي ظل توجيهات القيادة السياسية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، يمثل هذا المصنع إنجازًا يعكس التزام مصر بتحقيق الاكتفاء الذاتي وتطوير البنية التحتية للنقل، وسنتعرض تفاصيله في هذا التقرير، من سمارت فاينانس.

مصنع كولواي حجر الأساس لتوطين صناعة السكك الحديدية

وافتتح مصنع كولواي الأسبانية في ورش كوم أبو راضي بمحافظة بني سويف، ليكون أول مصنع متخصص في تصنيع المكونات الداخلية للوحدات المتحركة (جرارات وقطارات) ووسائل النقل الجماعي في مصر.

ويهدف المصنع إلى تلبية احتياجات الهيئة القومية لسكك حديد مصر وكافة قطاعات وزارة النقل بنسبة تصل إلى 70% بالعملة المحلية، مما يقلل الاعتماد على الاستيراد ويوفر ملايين الدولارات سنويًا.

وبحسب تصريحات الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، فإن المصنع يمثل "نقطة انطلاقة قوية" لتوطين صناعة السكك الحديدية، مع خطط لتصدير الفائض إلى الأسواق العربية والإفريقية.

خطة طموحة على مرحلتين

وينقسم مشروع كولواي إلى مرحلتين رئيسيتين، والمرحلة الأولى تم الانتهاء منها في مارس 2025، وتشمل إنشاء مصنع على مساحة 3000 متر مربع داخل ورش كوم أبو راضي، وهذا المصنع يركز على إعادة تأهيل وتحديث المكونات الداخلية للقطارات القائمة، بما في ذلك المقاعد، الأرضيات، النوافذ، الستائر، وأنظمة التكييف، بالإضافة إلى أعمال الدهان الخارجي.

وقد شهد الوزير كامل الوزير أول إنتاج لهذا المصنع، والذي تضمن إعادة تأهيل عربتي نوم ونادي كجزء من تعاقد لتطوير 65 عربة إسبانية.  

والمرحلة الثانية، تتضمن إنشاء مصنع إضافي على مساحة 4000 متر مربع للتوسع في الإنتاج الكمي، بهدف تلبية احتياجات مصانع الوحدات المتحركة الأخرى التي يجري العمل على إنشائها في مصر.

وأكد الوزير على ضرورة الإسراع في تنفيذ هذه المرحلة لتعزيز القدرات الإنتاجية.

صناعة عربات القطارات
صناعة عربات القطارات

إنجازات أولية وخطط مستقبلية

وبدأ المصنع إنتاجه التجريبي في 23 مارس 2025، بعد توقيع العقد مع شركة كولواي في 4 ديسمبر 2023، والإنتاج الأول شمل إعادة تأهيل وتحديث عربتي نوم ونادي، تم تصميمهما ليواكبا أحدث معايير عربات النوم العالمية.

وومن المخطط أن يتم إدخال قطار نوم مكون من 10 عربات (9 عربات نوم وعربة نادي) إلى الخدمة كل ثلاثة أشهر، مما يعزز مستوى الخدمة المقدمة للركاب، خاصة المواطنين والسائحين.

وهذه الخطوة تأتي في إطار استراتيجية شاملة لتحديث أسطول القطارات المصرية، حيث تشمل الخطة أيضًا تطوير 14 قطارًا إسبانيًا آخر، تم الانتهاء من 12 منها حتى الآن.

الفوائد الاقتصادية

ويبرز مصنع كولواي كحل اقتصادي ذكي، حيث تبلغ تكلفة إعادة تأهيل عربة نوم واحدة حوالي 329 ألف يورو، أي ما يعادل 22% فقط من تكلفة استيراد عربة جديدة التي تصل إلى 1.5 مليون يورو.

وبفضل دفع 70% من التكلفة بالجنيه المصري، يساهم المصنع في توفير ما يقرب من 75 مليون يورو، مما يعزز الاقتصاد الوطني ويقلل الضغط على العملة الصعبة، كما يسهم المشروع في نقل الخبرات إلى العمالة المصرية، مما يعزز من كفاءة القوى العاملة ويدعم خطط التصدير إلى الأسواق الإقليمية.

دور القطاع الخاص في تعزيز الصناعة

وأكد الفريق كامل الوزير على أهمية التعاون مع القطاع الخاص، سواء المحلي أو الدولي، كركيزة أساسية في تنفيذ مشروعات النقل.

ويأتي مصنع كولواي كمثال حي على هذا التعاون، إلى جانب مشروعات أخرى مثل التعاقد مع تحالف شركات (الغرابلي - ثري إيه إنترناشيونال) لإدارة وتشغيل قطارات البضائع، وشركة "أبيلا مصر" لتشغيل قطارات النوم. 
وهذه الشراكات تعزز الكفاءة التشغيلية، وتزيد من موارد الهيئة القومية لسكك حديد مصر، وتساهم في زيادة الناتج القومي.

مصر مركز صناعي إقليمي

ويندرج مصنع كولواي ضمن سلسلة مشروعات تهدف إلى جعل مصر مركزًا إقليميًا لصناعة السكك الحديدية، وتشمل هذه المشروعات التعاون مع شركات عالمية مثل تالجو الإسبانية، ألستوم الفرنسية، وهيونداي روتم الكورية الجنوبية، بالإضافة إلى مصنع سيماف التابع للهيئة العربية للتصنيع.

وهذه الجهود تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في تصنيع القطارات، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتعزيز التصدير إلى الأسواق الإقليمية.

ومصنع كولواي الأسبانية ليس مجرد إضافة إلى البنية الصناعية المصرية، بل هو خطوة استراتيجية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز مكانة مصر كمركز صناعي إقليمي.

ومن خلال توفير التكاليف، ونقل الخبرات، ودعم التصدير، يمثل المصنع نموذجًا للابتكار والتعاون الدولي، ومع استمرار التقدم في المرحلة الثانية وتوسيع الإنتاج، يتوقع أن تشهد صناعة السكك الحديدية في مصر طفرة غير مسبوقة، تدعم رؤية الدولة لتحقيق تنمية مستدامة بحلول عام 2030.

تم نسخ الرابط