هل يفاجئ البنك المركزي المصري الأسواق بخفض جديد للفائدة؟.. خبراء يجيبون

البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري

مع اقتراب اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في أكتوبر القادم، يتصدر السؤال عن مصير أسعار الفائدة جدول أعمال الأوساط الاقتصادية والمصرفية في مصر، هل سيستمر البنك المركزي في مسار التيسير النقدي بعد خفضه الأخير بنسبة 2% في أغسطس، أم سيثبت الأسعار لمواجهة مخاطر التضخم الموسمي؟.

يأتي هذا الترقب في ظل تباطؤ ملحوظ في معدلات التضخم إلى 12.7% في أغسطس، وتحسن في الاحتياطي النقدي، مما يعزز التوقعات بمزيد من الخفض لدعم النمو الاقتصادي الذي بلغ 5.4% في الربع الثاني من 2025.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض الوضع الحالي لأسعار الفائدة، العوامل الدافعة للخفض، آراء الخبراء، والتأثيرات المتوقعة على الاقتصاد المصري.

الوضع الحالي لأسعار الفائدة

وشهد عام 2025 تحولاً ملحوظاً في سياسة البنك المركزي المصري، حيث بدأ مسار التيسير النقدي بعد فترة طويلة من التقييد لمكافحة التضخم الذي وصل إلى ذروته عند 38% في سبتمبر 2023.

وحالياً، يبلغ سعر عائد الإيداع الليلي 22%، وسعر الإقراض 23%، وسعر العملية الرئيسية 22.5%، بعد الخفض الأخير بنسبة 200 نقطة أساس في 28 أغسطس 2025، وهو الثالث هذا العام بعد تخفيضات في أبريل (2.25%) ومايو (1%).

جاء هذا الخفض مدعوماً بتباطؤ التضخم إلى 13.9% في يوليو، وانخفاضه إلى 12.7% في أغسطس، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

كما سجل الاحتياطي النقدي الدولي ارتفاعاً إلى 49.25 مليار دولار في نهاية أغسطس، مدعوماً بتحويلات المصريين بالخارج التي بلغت 36.5 مليار دولار في العام المالي 2024/2025، بزيادة 66.2%.

وهذه المؤشرات الإيجابية، إلى جانب استقرار الجنيه مقابل الدولار، أعادت الثقة في السوق، حيث ارتفع النمو الاقتصادي إلى 5.4% في الربع الثاني، مقارنة بـ4.8% في الربع الأول.

ومع ذلك، أكد البنك المركزي في بيانه الأخير أن قراراته تعتمد على تقييم كل اجتماع على حدة، مع التركيز على تحقيق التضخم المستهدف عند 7% (±2%) بحلول الربع الرابع من 2026.

والاجتماع المقبل، المقرر في 2 أكتوبر، سيشهد ترقباً كبيراً، خاصة مع اقتراب موسم الشتاء وزيادة الطلب الموسمي.

توقعات خفض أسعار الفائدة

وتتجه التوقعات نحو خفض محتمل بنسبة 1-2% في اجتماع أكتوبر، مدعومة بانخفاض التضخم وتحسن الظروف الخارجية، مثل توقعات خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للفائدة بنصف نقطة في سبتمبر.

واستطلاع لـ"رويترز" شمل 19 محللاً أشار إلى إجماع على خفض بنسبة 100 نقطة أساس على الأقل، بينما توقعت مجموعة "إي إف جي" خفضاً إجمالياً يصل إلى 6-7% بنهاية 2025، ليصل سعر الإيداع إلى 15-16%.

من ناحية أخرى، يحذر بعض الخبراء من تثبيت الأسعار تحسبًا لزيادات محتملة في أسعار الطاقة في أكتوبر، والتي قد ترفع التضخم إلى 14-15% في الربع الرابع.

وبنك "جولدن ساكس" يرى أن البنك قد يثبت الفائدة حتى أكتوبر قبل خفض تدريجي إلى 18-20% بنهاية العام.

كما أن "فيتش سوليوشنز" تتوقع خفضاً بنسبة 1-2% في أكتوبر، لكن مع مخاطر صعودية من الضغوط الموسمية.

أسعار الفائدة
أسعار الفائدة

فرصة واعدة لخفض الفائدة

وقال الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لـ "سمارت فاينانس"، أنه فيما يتعلق بسياسة سعر الفائدة، تشير المؤشرات الاقتصادية الحالية إلى وجود فرصة واعدة لخفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، مدعومة بانخفاض ملحوظ في معدلات التضخم، وتحسن ملموس في توافر العملة الأجنبية، إلى جانب الجهود الناجحة لتجفيف منابع الطلب غير المبرر على العملات الصعبة.

وأضاف: "نحن اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من الاستقرار الاقتصادي، حيث ستسهم التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة في تعزيز جاذبية السوق المصرية للاستثمارات المحلية والأجنبية، وتحفيز القطاعات الإنتاجية، خاصة الصناعة والزراعة، لدفع عجلة النمو الاقتصادي".

وتابع: "هذه الخطوة ستعزز من تنافسية الاقتصاد المصري، وستمهد الطريق لمزيد من السياسات التحفيزية التي ستدعم التنمية المستدامة، مع توقعات باستمرار هذا النهج في خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي خلال الفترة القادمة، مما سيسهم في تعزيز الثقة في السوق وتحقيق طفرة اقتصادية ملموسة في مصر".

الدكتور محمد البهواشي
الدكتور محمد البهواشي

خفض أم تثبيث؟

وشهد الرأي الاقتصادي تبايناً، لكن الغالبية تميل إلى الخفض التدريجي، حيث قال الدكتور سمير رؤوف، الخبير الاقتصادي، في تصريحات لـ "سمارت فاينانس": "نحن على موعد مع خفض جديد ومرتقب لأسعار الفائدة بنسبة 1% قبل ختام العام الجاري، في خطوة جريئة تستهدف إعادة تنشيط الاقتصاد المصري وتسريع وتيرة النمو".

وأكد أن هذا القرار الاستراتيجي سيحدث تحولًا جذريًا في ديناميكيات السوق المالية، حيث سيحفز الأفراد والمؤسسات على إعادة توجيه استثماراتهم من الودائع البنكية التقليدية إلى أدوات الدين الحكومية وأذون الخزانة المصرية، التي تقدم عوائد تنافسية مغرية.

وأشار إلى أن هذه الخطوة ستطلق العنان لتدفقات رأسمالية ضخمة نحو المشروعات الإنتاجية في القطاعات الرئيسية، بما في ذلك الصناعة، الزراعة، والقطاعات الخدمية، مما سيعزز النشاط الاقتصادي ويحيي زخم الطلب في الأسواق المحلية.

الدكتور سمير رؤوف
الدكتور سمير رؤوف

وأضاف أن من شأن هذا التوجه أن يشكل درعًا واقيًا ضد أي تهديدات بالتأخر الاقتصادي، مع تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في استقرار الاقتصاد المصري.

وتوقع رؤوف، أن تعزز هذه السياسات التحفيزية مسار التنمية المستدامة، ممهدة الطريق لتحقيق انتعاشة اقتصادية شاملة ترسخ مكانة مصر كوجهة استثمارية رائدة خلال السنوات القادمة".

تأثير خفض أسعار الفائدة على الاقتصاد المصري

وسيؤدي خفض إضافي إلى تعزيز الاستثمار، حيث يقلل تكلفة التمويل ويحفز الطلب المحلي، وفي قطاع العقارات، يتوقع الخبراء زيادة الطلب بنسبة 10-15%، مع انخفاض عوائد الودائع البنكية، مما يدفع السيولة نحو الممتلكات كأصل آمن.

كما سيحسن تنافسية الصادرات، خاصة في الصناعة والزراعة، ويعزز النمو إلى 4.5% في العام المالي 2024/2025.

وبالنسبة للمستهلكين، سيقلل الخفض من تكاليف القروض الشخصية والإسكان، مما يرفع القدرة الشرائية، لكنه قد يؤثر سلباً على عوائد الادخار، وبنوك مثل الأهلي ومصر خفضت عوائد الشهادات بنسبة 1.5-4% بعد الخفض الأخير، مما يعكس التأثير المباشر.

وعلى الصعيد الاستثماري، سيحافظ على جاذبية أدوات الدين الحكومية، مع توقعات بتدفقات أجنبية أكبر، خاصة مع ارتفاع الاحتياطي النقدي.

ومع ذلك، يحذر الخبراء من مخاطر التضخم إذا لم يدار الخفض بحذر، خاصة مع زيادات الطاقة المحتملة التي قد ترفع التضخم إلى 28% مؤقتاً في أكتوبر.

كما أن البنوك ستستمر في تعديل عوائدها، مما يدفع المستثمرين نحو القطاعات الإنتاجية لتحقيق عوائد أفضل.

ومع تباطؤ التضخم وتحسن المؤشرات، يبدو خفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل خطوة استراتيجية لدعم النمو، كما يؤكد الخبراء مثل البهواشي ورؤوف، ومع ذلك، يظل القرار مرهوناً بتقييم المخاطر، مع التركيز على التنمية المستدامة.

تم نسخ الرابط