باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية

صناعة السكر في مصر.. طفرة إنتاجية تجعل القاهرة المنتج الأكبر في أفريقيا

صناعة السكر في مصر
صناعة السكر في مصر

في تطور يعكس الجهود الحكومية المكثفة لتعزيز الأمن الغذائي، سجلت صناعة السكر المصرية ارتفاعًا قياسيًا بنسبة 34% في إنتاجها خلال الموسم المنتهي في أغسطس 2025، ليصل الإجمالي إلى 2.964 مليون طن، مقارنة بـ2.215 مليون طن في الموسم السابق.

وهذا الإنجاز، الذي يأتي في ظل زيادة مساحات الزراعة وتطويل مواسم التصنيع، يقرب مصر أكثر من تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل، لكنه يواجه تحديات بيئية واقتصادية تتطلب استراتيجيات مستدامة.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض التطورات الأحدث في قطاع السكر المصري، لنكشف كيف أصبحت مصر قوة إنتاجية رئيسية في المنطقة.

تاريخ صناعة السكر في مصر

وتعود صناعة السكر في مصر إلى أوائل القرن التاسع عشر، حيث أسس محمد علي باشا أول مصانع حديثة في المنيا عام 1818، مستلهمًا تقنيات الجزر الأنتيلية لتنويع الاقتصاد الزراعي.

ورغم التحديات الناتجة عن المنافسة الاستيرادية في العقود اللاحقة، شهد القطاع نهضة في الثلاثينيات مع اتفاقيات الحماية، وتوسع في العصر الحديث ليشمل 17 مصنعًا رئيسيًا اليوم، مقسمة بين 8 مصانع حكومية لمعالجة قصب السكر في الصعيد (مثل كوم أمبو، قوص، وأرمنت) و9 مصانع للبنجر السكر، منها 5 حكومية و4 خاصة.

وشركة السكر والصناعات التكاملية، التي تأسست عام 1868، تظل العمود الفقري للقطاع، مع مجمعات صناعية متكاملة في الجيزة تشمل التكرير والصناعات الثانوية.

وخلال العقد الأخير، ارتفع الإنتاج الإجمالي من حوالي 2 مليون طن في 2015 إلى 2.964 مليون طن في 2025، مدفوعًا بزيادة المساحات المزروعة بنسبة تزيد على 25% سنويًا في بعض المحاصيل.

وهذا التقدم جعل مصر أكبر منتج للسكر في أفريقيا، وفقًا لتقارير منظمة الأغذية والزراعة (FAO) لعام 2025، مع التركيز المتزايد على البنجر السكر كبديل أقل استهلاكًا للمياه مقارنة بالقصب.

أرقام قياسية في الإنتاج

وشهد موسم 2024/2025 انطلاقة قوية، حيث بلغ إنتاج السكر الإجمالي 2.964 مليون طن، بارتفاع 34% عن الموسم السابق، مع توزيع واضح بين المصادر الرئيسية.  

ويأتي 600 ألف طن (20% من الإجمالي) من سكر القصب خلال الفترة من يناير إلى أبريل، بانخفاض طفيف بنسبة 6.5% بسبب المنافسة من محاصيل أخرى، بينما قفز إنتاج سكر البنجر إلى 2.36 مليون طن (80% من الإجمالي) خلال فبراير إلى أغسطس، بزيادة تفوق 50%.  

وهذا الارتفاع يعود إلى زيادة إنتاج البنجر الخام إلى 18 مليون طن، بارتفاع 50%، مدعومًا بنمو مساحات الزراعة بنحو 30% لتصل إلى 780 ألف فدان لأول مرة في تاريخ مصر، مقارنة بـ600 ألف فدان في 2024.  

أما الاستهلاك، فيقدر بحوالي 3.8 مليون طن سنويًا، مدفوعًا بنمو السكان إلى 114 مليون نسمة، مع معدل استهلاك فردي يصل إلى 51 كجم سنويًا، ضعف المتوسط العالمي.

ويغطي الإنتاج الحالي نحو 78% من الطلب، مما يعني فجوة استيرادية تبلغ 800 ألف طن، لكن التوقعات تشير إلى الوصول إلى الاكتفاء بنسبة 90% بحلول نهاية 2026، مع استمرار التركيز على البنجر لتوفير الموارد المائية.

صناعة السكر في مصر
صناعة السكر في مصر

دور رئيسي للقطاع الحكومي والخاص

وتدير 8 مصانع حكومية إنتاج سكر القصب بالكامل، حيث يتصدر مصنع كوم أمبو بـ130 ألف طن، تليه قوص بـ118 ألف طن، وأرمنت بـ90 ألف طن، مع استحواذ 3 مصانع على 56% من الإنتاج الكلي لهذا المحصول.  

أما مصانع البنجر، فتشمل 9 وحدات، حيث تهيمن الـ5 الحكومية على معظم الإنتاج، بينما يبرز القطاع الخاص بشركة الدقهلية (403 ألف طن)، الدلتا للسكر (365 ألف طن)، والقناة للسكر (300 ألف طن). 

كما ساهم تطويل موسم التصنيع والتكرير حتى أواخر أغسطس 2025 في زيادة الكفاءة، مما سمح بمعالجة كميات أكبر من المواد الخام، وهذه البنية التحتية، التي شهدت استثمارات تصل إلى 20 مليار جنيه في السنوات الأخيرة، تعتمد على تقنيات حديثة للري الدقيق والحصاد الآلي، مما رفع الإنتاجية بنسبة 15% في المناطق الرئيسية مثل الدلتا والصعيد.

دعم مالي وتوسع زراعي

وأطلقت الحكومة المصرية حملة مكثفة لدعم القطاع، بما في ذلك تخصيص 25 مليار جنيه لشراء المحاصيل وتطوير المصانع، مع رفع الأسعار الاسترشادية إلى 2,500 جنيه للطن من القصب و2,400 جنيه للبنجر. 
وعقد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي اجتماعات في سبتمبر 2025 لمتابعة الإنتاج، مؤكدًا على زيادة المساحات المزروعة وإنشاء محطات شتلات جديدة في وادي التود وكوم أمبو، وهذه الجهود حققت اكتفاءً ذاتيًا جزئيًا، مع رفع المخزون الاستراتيجي إلى 12 شهرًا، مما يقلل الاعتماد على الاستيراد.

انخفاض الفاتورة مع حظر مؤقت

وبلغت واردات السكر 850 مليون دولار في 2024، لكنها انخفضت بنسبة 20% في 2025 بفضل الإنتاج المحلي، مع التركيز على الاستيراد من البرازيل لتغطية الفجوة.

وتمديد حظر التصدير لستة أشهر في يوليو 2025 يهدف إلى تأمين السوق المحلي، رغم تصدير محدود قدره 200 ألف طن إلى دول عربية.

ويمثل ارتفاع إنتاج السكر في 2025 نموذجًا للتحول الزراعي المصري، لكن الاستدامة تتطلب توازنًا بين النمو والحفاظ على الموارد.

تم نسخ الرابط