لماذا يظل الاستثمار في أدوات الدين المصرية جاذباً رغم خفض أسعار الفائدة في 2025؟

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية، يواصل البنك المركزي المصري سياسته النقدية المرنة، حيث أعلن في 2 أكتوبر 2025 عن خفض أسعار الفائدة الأساسية بنسبة 1%، لتصل إلى 21% للإيداع و22% للإقراض، مما يمثل الرابعة من نوعها هذا العام بعد خفوض تراكمية بلغت 5.25%.
ورغم هذا التراجع، تظل أدوات الدين الحكومية المصرية – مثل أذون وسندات الخزانة – وجهة استثمارية مغرية للمستثمرين المحليين والأجانب، مدعومة بتراجع التضخم، استقرار سعر الصرف، وتدفقات أجنبية قوية.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض الأسباب الرئيسية لهذه الجاذبية.
خطوة لتحفيز النمو دون فقدان الجاذبية
وقرر البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة في أبريل بنسبة 2.25%، ثم 1% في مايو، و2% في أغسطس، وأخيراً 1% في أكتوبر، ليصل سعر العملية الرئيسية إلى 21.5%، وهذه الخطوات تأتي استجابة لتباطؤ التضخم الذي انخفض إلى 13.9% في يوليو 2025، مقارنة بـ14.9% في يونيو، وفق بيانات البنك المركزي.
ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن هذا الخفض لا يهدد جاذبية أدوات الدين، بل يعززها من خلال تقليل تكلفة التمويل على الحكومة، مما يسمح بإصدار سندات جديدة بعوائد تنافسية.
وقال فخري الفقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، ورئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن "الخفض يهدف إلى تحفيز الاستثمار وتقليل أعباء الدين، مع الحفاظ على جاذبية مصر للأموال الساخنة"، مشيراً إلى أن العائد الحقيقي على الجنيه لا يزال مرتفعاً.
وهذا العائد يتفوق على نظيراته في الأسواق الناشئة، خاصة مع توقعات خفض الفيدرالي الأمريكي للفائدة بنصف نقطة في سبتمبر، مما يوسع الفارق بين العوائد المصرية والدولارية.
السر في الاستمرارية
ورغم الخفض، يحافظ عائد أذون الخزانة لأجل عام على مستوى 6.66%، وسندات الـ10 سنوات عند 15%، وفقاً لتقارير "فيتش سوليوشنز" في أغسطس 2025، وهذه المستويات تجعل الأدوات المصرية أكثر جاذبية مقارنة بالسندات الأمريكية التي لا تتجاوز 4.23% للـ10 سنوات.
كما أن الفائدة الحقيقية (بعد خصم التضخم) تبقى إيجابية بنحو 7-8%، مما يحمي قيمة الاستثمار من التآكل النقدي.
وفي استطلاع لـ"سي إن بي سي" في فبراير 2025، توقع 64% من 14 محللاً خفضاً إجمالياً بنسبة 4-6% خلال العام، مع الحفاظ على جاذبية السوق.

والشهادات الثلاثية المتغيرة الفائدة تحقق توازناً بين تكلفة الأموال والجاذبية، خاصة مع انحسار التضخم إلى أقل من 14% في 2025".
ضمانات للمستثمرين
ويساهم استقرار سعر الصرف في تعزيز الثقة، مدعوماً باحتياطيات دولارية بلغت 49.5 مليار دولار في سبتمبر 2025، ارتفاعاً من 36.5 مليار في 2024.
وهذا الاستقرار يقلل من مخاطر التقلبات، مما يجعل أدوات الدين خياراً آمناً، كما أن تحويلات المصريين بالخارج بلغت 36.5 مليار دولار في العام المالي 2024/2025، بزيادة 66%، توفر تدفقات إيجابية تدعم السوق.
ووفقاً لآية زهير، رئيسة البحوث في "زيلا كابيتال"، "الفارق بين العائد المصري والدولاري يزيد الجاذبية، خاصة مع خفض الفيدرالي الأمريكي"، وهذا أدى إلى ارتفاع استثمارات الأجانب في أدوات الدين إلى 24 مليار دولار في مارس-أبريل 2025، رغم الخفض.
دافع للاستثمار طويل الأمد
وشهد الاقتصاد المصري نمواً بنسبة 5.4% في الربع الثاني من 2025، مقابل 4.5% للعام المالي ككل، مع انخفاض البطالة إلى 6.1%، وهذا النمو، مدعوماً بقطاعات السياحة والتصنيع، يعزز الثقة في قدرة الحكومة على سداد الديون.
وتستهدف مصر بيع سندات بقيمة 3.575 تريليون جنيه في 2025/2026، محققة 1.11 تريليون في الشهر الماضي وحدها.
وكما توقع "كابيتال إيكونوميكس" خفضاً إضافياً بـ800 نقطة أساس، لكن مع الحفاظ على عوائد تنافسية تصل إلى 17% على الودائع بنهاية 2025.
ويظل الاستثمار في أدوات الدين المصرية خياراً استراتيجياً في 2025، مدعوماً بعوائد إيجابية واستقرار اقتصادي، ومع استمرار الإصلاحات، تعد هذه الأدوات ملاذاً آمناً للمستثمرين الباحثين عن توازن بين العائد والأمان، وسط توقعات بنمو مستمر يصل إلى 4.5% للعام المالي.