باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية

170 مليار جنيه فائض.. كيف أنقذت مصر اقتصادها من أزمات قناة السويس والتضخم؟

الاقتصاد المصري
الاقتصاد المصري

في خطوة تعكس التعافي الاقتصادي المتسارع، أعلنت وزارة المالية عن تحقيق فائض أولي أولي يتجاوز 170 مليار جنيه مصري بنهاية سبتمبر 2025، وفقًا للمؤشرات الأولية للأداء المالي للأشهر الثمانية الأولى من العام المالي 2025/2026.

يأتي هذا الإنجاز ضمن سياق من الإصلاحات المالية الجريئة، رغم التحديات الإقليمية والعالمية مثل التوترات في الشرق الأوسط وانخفاض إيرادات قناة السويس بنسبة تصل إلى 60% عن المستهدف، ولكن ماذا يعني هذا الفائض للاقتصاد المصري؟.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض التفاصيل والتأثيرات المتوقعة، بناءً على البيانات الرسمية.

ما هو الفائض الأولي؟

والفائض الأولي هو الفرق الإيجابي بين الإيرادات العامة للدولة (باستثناء فوائد الديون) والمصروفات الأولية (باستثناء الدفعات نفسها)، ويعد مؤشرًا رئيسيًا لصحة الموازنة العامة.

ووفقًا لتقرير وزارة المالية الصادر في أوائل أكتوبر 2025، بلغ الفائض الأولي للفترة من يوليو إلى سبتمبر 2025 نحو 170 مليار جنيه، مسجلاً زيادة بنسبة 38.4% مقارنة بالفترة المماثلة من العام المالي السابق. 
وهذا الرقم يمثل أعلى مستوى تاريخيًا لهذه الفترة، متجاوزًا الـ130 مليار جنيه المسجلة في نفس الفترة من 2024/2025.

وجاء هذا الأمر رغم صدمات خارجية، أبرزها خسائر قناة السويس البالغة 145 مليار جنيه بسبب الاضطرابات الجيوسياسية، حيث ساهم في ذلك نمو الإيرادات الضريبية بنسبة 35%، لتصل إلى 2.2 تريليون جنيه على مدار العام المالي السابق، مدعومًا بتوسيع القاعدة الضريبية وتطبيق حزمة التسهيلات الضريبية التي أدت إلى تحصيل 77.9 مليار جنيه إضافية من خلال حل 401 ألف نزاع ضريبي.

كما ارتفعت الإيرادات العامة بنسبة 29%، مقابل نمو المصروفات الأولية بنسبة 16.3% فقط، مما يعكس سيطرة حكومية صارمة على الإنفاق.

التحديات التي واجهت الاقتصاد المصري في 2025

ورغم الإنجازات، لم يخل عام 2025 من التحديات، حيث ارتفع الدين الخارجي إلى 155.3 مليار دولار بنهاية سبتمبر، مع التزامات سداد تصل إلى 43.2 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى، بما في ذلك 20.5 مليار دولار ودائع على البنك المركزي.

وكذلك، أدت التوترات الإقليمية، مثل الحرب في غزة والحرب التجارية العالمية، إلى تباطؤ النمو الاقتصادي إلى 3% في 2024/2025، مع تضخم يصل إلى 32.5% في بعض الأشهر.

الاقتصاد المصري
الاقتصاد المصري

ومع ذلك، أشاد صندوق النقد الدولي بجهود مصر في السيطرة على الإنفاق، مما سمح بإصدار شريحة تمويلية بقيمة 1.2 مليار دولار في مارس 2025، ضمن برنامج الإصلاح المالي بقيمة 8 مليارات دولار.

وفي النصف الأول من 2025، انخفض العجز الكلي إلى 6.9% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 7.3% في العام السابق، مدعومًا بزيادة الاستثمارات الخاصة بنسبة 60% ونمو الإيرادات من الصادرات والسياحة.

وهذه المؤشرات تشير إلى مرونة الاقتصاد، لكنها تتطلب استمرار الإصلاحات لمواجهة تراجع الاستثمار الخاص بسبب السياسات الاحتكارية في بعض القطاعات.

تأثيرات الفائض الأولي على الاقتصاد المصري

ويعد هذا الفائض خطوة حاسمة نحو الاستقرار المالي، حيث يقلل من الاعتماد على الاقتراض ويخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي إلى 82.9% في ميزانية 2025/2026، مقارنة بـ92% المتوقعة سابقًا.

واقتصاديًا، يعزز الفائض الثقة في الأسواق، مما يجذب الاستثمارات الأجنبية ويخفض تكلفة الاقتراض، كما حدث مع انخفاض عائد السندات الحكومية بنسبة 2% في الأشهر الأخيرة.

وكذلك يتيح تخصيص موارد إضافية للدعم الاجتماعي، حيث بلغت الإنفاقات على "تكافل وكرامة" 54 مليار جنيه، بزيادة 35%، مما يحمي 104 آلاف مشروع صغير ويوفر تغذية مدرسية لملايين الطلاب بـ6.25 مليار جنيه.

ومن ناحية النمو، يدعم الفائض توقعات صندوق النقد بارتفاع النمو إلى 4.4% في 2024/2025، مدعومًا بانتعاش السياحة (زيادة 20% في الإيرادات) وتحويلات المغتربين التي تجاوزت 30 مليار دولار.

كما يساهم في خفض التضخم إلى 25.7%، من خلال ترشيد الإنفاق وتعزيز الاحتياطيات النقدية إلى 45.8 مليار دولار.

ومع ذلك، يحمل مخاطر مثل زيادة العبء على المواطنين إذا لم يدار الدعم النقدي جيدًا، خاصة مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة 15% في سبتمبر.

توقعات للاقتصاد المصري في 2026 وما بعدها

وتتوقع الحكومة استمرار الزخم، مع هدف فائض أولي بنسبة 4% من الناتج المحلي في 2025/2026، مدعومًا بميزانية إجمالية 4.6 تريليون جنيه تشمل 732 مليار جنيه للدعم الاجتماعي.

وسيكون هناك تركيز على الطاقة الخضراء والتعليم، مع تمويل ألماني بـ118 مليون يورو لدعم رؤية 2030.

ومع ذلك، يحذر الخبراء من مخاطر الديون الخارجية (22.4 مليار دولار سداد في 2025) والتضخم إذا لم يعزز دور القطاع الخاص.

ويمثل الفائض الأولي أكثر من 170 مليار جنيه إنجازًا يعزز الثقة في الاقتصاد المصري، لكنه يتطلب إصلاحات هيكلية لتحقيق نمو مستدام.

ومع اقتراب نهاية 2025، تبقى الأنظار متجهة نحو كيفية ترجمة هذا الإنجاز إلى رفاهية حقيقية للمواطنين.

تم نسخ الرابط