باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية

2.4 مليار دولار ومراجعة حاسمة.. ما الذي يخبئه صندوق النقد لمصر خلال الشهر الجاري؟

مصر وصندوق النقد
مصر وصندوق النقد الدولي

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية المتسارعة، يستمر صندوق النقد الدولي (IMF) في تعزيز شراكته الاستراتيجية مع مصر، مع التركيز على دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يبلغ قيمته 8 مليارات دولار. 

ووفقاً لتصريحات حديثة من مسؤولين في الصندوق، أكد جهاد أزور، المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى، أن "التقدم في الخصخصة يمكن تسريعه لتقليل مستويات الدين ودعم خلق فرص عمل وجذب الاستثمار الأجنبي".

وهذا التصريح جاء في مقابلة حديثة، مع اقتراب إجراء مراجعة مزدوجة للبرنامج، مما يعكس التزام الصندوق بدعم الاستقرار المالي المصري.  

ويأتي هذا التعاون في سياق إيجابي، حيث رفعت وكالة ستاندرد آند بورز (S&P) تصنيف مصر الائتماني إلى "B" في أكتوبر الجاري، مشيرة إلى تحسن الاقتصاد بفضل الإصلاحات المشتركة مع الصندوق.

ومع ذلك، يؤكد ترير الوكالة أن التحديات مثل ارتفاع الديون والتأثيرات الجيوسياسية لا تزال قائمة، مما يتطلب تعزيز الجهود المشتركة.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض تصريحات مسؤولي صندوق النقد الدولي حول مصر.

التعاون بين صندوق النقد الدولي ومصر

وبدأ التعاون الحديث بين صندوق النقد الدولي ومصر في ديسمبر 2022، مع إقرار اتفاقية تسهيل الصندوق الممدد (EFF) بقيمة 3 مليارات دولار، ثم تم توسيعها في مارس 2024 إلى 8 مليارات دولار لمواجهة أزمة نقص العملة الأجنبية الناتجة عن الحرب في أوكرانيا والتوترات الإقليمية.

وفي مارس 2025، أكمل الصندوق المراجعة الرابعة، مما سمح بسحب 1.2 مليار دولار، بالإضافة إلى موافقة على اتفاقية تسهيل الصلابة والاستدامة (RSF) بقيمة 1.3 مليار دولار لدعم الجهود البيئية والمناخية.  

ووفقاً لتقرير الصندوق الصادر في يوليو 2025، حقق البرنامج تقدماً ملموساً في تقليل التضخم من 40% في 2023 إلى 11.8% متوقع في 2025/2026، مع نمو اقتصادي يصل إلى 4.5% في السنة المالية القادمة.

ومع ذلك، أشار التقرير إلى "حاجة لتسريع دور القطاع الخاص"، حيث يظل الدين العام مرتفعاً عند 162.7 مليار دولار في 2024/2025، متوقعاً الارتفاع إلى 202 مليار دولار بحلول 2029/2030.

التركيز على تسريع الخصخصة والإصلاحات الهيكلية

وفي تصريحات مثيرة للاهتمام، حث جهاد أزور مصر على "تسريع الخصخصة" كركيزة أساسية للبرنامج، مشدداً على أن ذلك "يساعد في تقليل الدين وتعزيز النمو وجذب الاستثمار".

وهذا يأتي مع توقعات الصندوق برفع نمو الاقتصاد المصري إلى 4.5% في 2025/2026، ثاني أعلى بين الدول المستوردة للنفط.  

كما أكدت جولي كوزاك، مديرة الاتصالات في الصندوق، في اجتماعات السنوية بواشنطن، أن "المراجعة المزدوجة الخامسة والسادسة ستكتمل هذا الخريف"، مما يتيح صرف 2.4 مليار دولار إضافية.

وفي بيان مشترك مع البنك الدولي، شدد الصندوق على أهمية "تقليص دور الدولة في الاقتصاد"، مع الإشارة إلى انخفاض عائدات قناة السويس بنحو 7 مليارات دولار بسبب التوترات الإقليمية، لكن مع تفاؤل بسبب اتفاق السلام في غزة الذي يعزز السياحة والتجارة.  

صندوق النقد الدولي
صندوق النقد الدولي

وأضاف أزور في مؤتمر صحفي، أن "الاقتصاد المصري أظهر مرونة أمام الصدمات، مع انخفاض التضخم وتحسن النمو، لكن الإصلاحات يجب أن تتعمق لخلق وظائف عالية الجودة".

المراجعة المزدوجة خلال الشهر الجاري

ومع اقتراب زيارة بعثة الصندوق إلى القاهرة في النصف الثاني من أكتوبر، تركز المراجعة المزدوجة (الخامسة والسادسة) على التحقق من تنفيذ 3-4 صفقات خصخصة قبل نهاية 2025، بالإضافة إلى رفع الدعم عن الوقود تدريجياً للوصول إلى "صفر دعم" بنهاية العام، وهو ما تم تنفيذه.

ووفقاً لوزير المالية أحمد كوجوك، "ستكتمل المراجعة في أكتوبر، مع التركيز على أهداف الإصلاح الرئيسية".  
وتتوقع مصر صرف 2.5 مليار دولار إضافية، مما يعزز احتياطيات العملة الأجنبية التي بلغت 46 مليار دولار في يوليو 2025، كما يشمل البرنامج تعديلات على الأهداف المالية، مع فائض أولي يصل إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025/2026، ثم 5% في 2026/2027.

ومع ذلك، حذر التقرير من مخاطر الدين، الذي يشكل 88% من الناتج المحلي.

تأثير التعاون على الاقتصاد المصري

وأدى التعاون إلى نمو اقتصادي بنسبة 3.5% في الربع الأول من 2024/2025، مع انخفاض البطالة إلى 7.3% وتحسن في ميزان المدفوعات.

كما أطلقت مصر "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية" في سبتمبر 2025، تستهدف نمواً بنسبة 7% بحلول 2030، مع التركيز على القطاع الخاص والاستدامة.  

ومع ذلك، يواجه الاقتصاد تحديات مثل ارتفاع أسعار الطاقة، حيث رفعت الحكومة أسعار الوقود 18 مرة منذ 2016، آخرها في أكتوبر 2025، للامتثال لشروط الصندوق.

كما أثرت التوترات الإقليمية على السياحة وقناة السويس، لكن اتفاق السلام في غزة يفتح آفاقاً لتعافٍ، كما أكدت نائبة كبير الاقتصاديين في الصندوق، بيتيا كويفا بروكس، في 14 أكتوبر 2025: "يوفر السلام فرصة لانتعاش طويل الأمد، مع دعم الصندوق لإعادة الإعمار".  

نحو شراكة أقوى بعد انتهاء البرنامج

ومع انتهاء البرنامج في نوفمبر 2026، أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في مايو 2025 أن مصر لا تنوي طلب قرض جديد، مفضلة الاعتماد على الاستثمارات الخاصة والشراكات الإقليمية.

وفي اجتماعات واشنطن، عقدت الوزيرة رانيا المشاط لقاءات مع البنك الأفريقي للتنمية وممثلي الأردن ولبنان لتعزيز التكامل الإقليمي.  

ويقدر الصندوق احتياجات التمويل الخارجي بـ30.4 مليار دولار في 2025/2026، مع التركيز على الاستثمارات في الطاقة المتجددة والصناعات التحويلية.

ويعكس تعاون الصندوق مع مصر نموذجاً للشراكة الدولية، حيث حقق البرنامج استقراراً نسبياً رغم التحديات، ممهداً لنمو مستدام يصل إلى 4.5% في السنوات القادمة. 

تم نسخ الرابط