بسعر مدينة صغيرة.. ملياردير مصري يعاني من "بنتهاوس منحوس" في لندن

بنتهاوس فاخر في لندن
بنتهاوس فاخر في لندن

في خطوة تعكس التحديات المتزايدة في سوق العقارات الفاخرة بلندن، خفض الملياردير نجيب ساويرس سعر بيع شقته البنتهاوس الراقية في حي نايتس بريدج بنحو 10 ملايين جنيه إسترليني، لتصبح قيمتها الحالية 70 مليون جنيه إسترليني (حوالي 92 مليون دولار أمريكي).

وهذا الإجراء، الذي جاء بعد فترة طويلة من عرض الشقة دون جذب مشترين، يبرز معاناة ساويرس، في تصريف أصوله في ظل الضغوط الضريبية والاقتصادية البريطانية.

ووفقًا لتقارير بلومبرج، كانت الشقة معروضة سابقًا بسعر يتجاوز 80 مليون جنيه إسترليني لأشهر، مما يجعلها واحدة من أغلى الوحدات السكنية في العاصمة البريطانية، لكن الطلب الضعيف دفع ساويرس إلى هذا التخفيض بنسبة 12.5%.

يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه أسواق العقارات الفاخرة في لندن تباطؤًا غير مسبوق، مدفوعًا بارتفاع الضرائب على الثروات والفوائد المرتفعة على التمويل العقاري.

ومع اقتراب نهاية عام 2025، يتوقع أن يمثل بيع هذه الشقة إذا تم أغلى صفقة عقارية لشقق سكنية في المدينة هذا العام، مما يضيف طبقة إضافية من الضغط على ساويرس لإنهاء الصفقة قبل السنة الجديدة.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض تفاصيل عرض ساويرس شقته الفاخرة للبيع والتحديات التي يواجهها في بيعها.

من الاتصالات إلى الاستثمارات العالمية

ونجيب ساويرس، البالغ من العمر 71 عامًا، هو الابن الأكبر لعائلة ساويرس المصرية الثرية، التي بنت إمبراطوريتها منذ تأسيس مجموعة أوراسكوم في السبعينيات.

وتخرج ساويرس من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ بدرجة في الهندسة الميكانيكية، وبدأ مسيرته في الاتصالات، حيث أسس أوراسكوم تيليكوم، التي أصبحت واحدة من أكبر الشركات في الشرق الأوسط وأفريقيا.

وفي عام 2011، حقق صفقة تاريخية ببيع حصته في أوراسكوم تيليكوم إلى الروسية فيمبلكوم مقابل أكثر من 4 مليارات دولار، مما رفع ثروته إلى مستويات فلكية.

واليوم، يقدر صافي ثروة ساويرس بنحو 9.7 مليار دولار أمريكي وفقًا لمؤشر بلومبرج للمليارديرات في نوفمبر 2025، مع تركيز استثماراته على تعدين الذهب عبر شركة لا مانشا ريسورسز، والعقارات من خلال أورا ديفيلوبرز.

ويدير مشاريع عملاقة مثل مدينة علي الوردي في العراق، التي تبلغ تكلفتها 10 مليارات دولار، ومجمع زيد ويست في الشيخ زايد في مصر، الذي بدأ تسليم الطور الأول في أكتوبر 2025.

كما يمتلك ساويرس فندقًا فاخرًا في غرينادا، ويعد مؤسس مهرجان الجونة السينمائي، مما يعكس تنوع اهتماماته بين الأعمال والفنون.

ومع ذلك، يعرف ساويرس بفلسفته في الحياة، حيث قال في مقابلة حديثة في أكتوبر 2025: "الإنسان لازم يبقى راضي... عندي شقة في كل بلد، مش محتاج شقتين".

وهذا التصريح يأتي متناقضًا جزئيًا مع محاولاته الحالية لتصريف أصوله في لندن، لكنه يبرز رغبته في تبسيط محفظته الاستثمارية.

نجيب ساويرس
نجيب ساويرس

بنتهاوس نايتس بريدج بسعر فلكي

وتقع شقة ساويرس في حي نايتس بريدج الراقي، أحد أفخم الأحياء في لندن، وهي بنتهاوس يمتد على مساحة واسعة تشمل تراسًا خاصًا بمسبح وإطلالة بانورامية على المدينة، بما في ذلك حدائق خضراء ومعالم شهيرة مثل قصر باكنغهام.

واشتراها ساويرس في عام 2011 مقابل 37.5 مليون جنيه إسترليني، في ذروة طفرة الاستثمارات الأجنبية في العقارات البريطانية، حيث كان الطلب من المستثمرين الخليجيين والروس يدفع الأسعار إلى الأعلى، والآن، بعد 14 عامًا، أصبحت الشقة رمزًا للتحديات الجديدة.

وعرضها ساويرس خارج السوق الرسمي بسعر يتجاوز 80 مليون جنيه إسترليني لعدة أشهر قبل إدراجها رسميًا في أواخر 2024، لكن الضعف في الطلب أدى إلى التخفيض الأخير في 14 نوفمبر 2025. وفقًا لمصادر بلومبرج، قد يقبل ساويرس عروضًا أقل من 70 مليونًا إذا لزم الأمر، مما يعني ربحًا صافيًا كبيرًا، ولكنه يعكس أيضًا الضغط على الأصول غير السائلة.

أسباب الصعوبة في البيع

ويعاني ساويرس مثل العديد من الأثرياء الأجانب من تغييرات جذرية في السياسة الضريبية البريطانية، ففي أبريل 2025، ألغت الحكومة البريطانية نظام "غير المقيمين" (non-dom)، الذي كان يعفي الأثرياء الأجانب من الضرائب على الدخل الأجنبي، مما أدى إلى هروب رؤوس الأموال.

وارتفعت ضريبة الدمغة (stamp duty) على العقارات الفاخرة بنسبة تصل إلى 17%، بالإضافة إلى فوائد الرهون العقارية التي تجاوزت 5% بسبب سياسات بنك إنجلترا لمكافحة التضخم.

وهذه العوامل أدت إلى تراجع الطلب بنسبة 20% في أحياء مثل نايتس بريدج ومايفير خلال 2025، وفقًا لتقارير سوثبيز إنترناشونال ريلتي، التي خفضت سعر بنتهاوس آخر من 100 ملايين إلى 68 مليون جنيه إسترليني هذا العام.

كما أن التوترات الجيوسياسية العالمية، بما في ذلك النزاعات في الشرق الأوسط، جعلت المستثمرين يترددون في الاستثمار في أسواق متقلبة.

وفي سياق عائلي، نقل شقيقه الأصغر ناصف ساويرس إقامته إلى إيطاليا وأبوظبي في أبريل 2025، متهمًا الحكومة البريطانية بـ"سنوات من عدم الكفاءة"، مما يعكس اتجاهًا أوسع بين الأثرياء المصريين في إعادة تقييم وجودهم في بريطانيا.

هل يغادر ساويرس لندن نهائيًا؟

ويعد هذا التخفيض مؤشرًا على أزمة أوسع في سوق العقارات الفاخرة بلندن، حيث انخفضت المبيعات بنسبة 15% في الربع الثالث من 2025 مقارنة بالعام السابق، وفقًا لبيانات لاند ريجيستري.

وبالنسبة لساويرس، الذي يدير محفظة عقارية عالمية تبلغ 2.5 مليار دولار تشمل مشاريع في قبرص وباكستان، يمثل هذا التحدي فرصة لإعادة توجيه الاستثمارات نحو أسواق أكثر استقرارًا مثل الإمارات أو مصر، حيث يخطط لاستثمار 150 مليون دولار في فندق فاخر قرب الأهرامات.

ومع ذلك، يظل ساويرس متفائلًا، حيث قال مصادر مطلعة إنه يرى في هذه الأصول "فرصة للخير الأكبر"، مشيرًا إلى تعهده الخيري عبر مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية.

وإذا تم بيع الشقة قبل نهاية 2025، ستكون صفقة تاريخية، لكن الخبراء يتوقعون استمرار الضغوط حتى 2026، مع اقتراحات حكومية لتخفيض الضرائب لجذب المستثمرين الأجانب مرة أخرى.

وقصة شقة ساويرس ليست مجرد صفقة عقارية فاشلة، بل انعكاس لتغيرات جذرية في الاقتصاد العالمي، ومع ثروته المتزايدة بفضل الذهب، الذي ارتفع بنسبة 40% في 2025، يبدو أن ساويرس مستعد للانتقال إلى فصول جديدة، محافظًا على إرثه كرجل أعمال يجمع بين الجرأة والحكمة.

تم نسخ الرابط